رعيَّة مار يوسف الأنطونيَّة في زحلة تحتفل بانتخاب الأباتي مارون أبو جودة
الأباتي أبو جودة الذي كان رئيسًا للدير خلال السنوات الثلاث المنصرمة إستُقبلَ بحفاوةٍ شعبيَّة لافتة من قبل أبناء الرعيَّة في تمام العاشرة والنصف عند بولفار المدينة حيث ألقيت الكلمات الترحيبيَّة بقدسه.
بعد ذلك إنطلق الرئيس العام مع الوفد المرافق بمسيرة صلاة نحو كنيسة الرعيَّة للإحتفال بالذبيحة الإلهيَّة التي ترأسها قدسه، وعاونه فيها الأب المدبر مارون بو رحَّال والأباتي داود رعيدي، وشارك فيها سيادة راعي أبرشيَّة زحلة للموارنة المطران جوزيف معوض السامي الإحترام، وحضرها لفيفٌ من الرهبان، والنائب إيلي ماروني والعقيد بشارة حداد وحشدٌ كبيرٌ من المؤمنين من أبناء الرعيَّة والأهل والأصدقاء. وبعد تلاوة الإنجيل المقدَّس ألقى الرئيس العام الأباتي أبو جودة عظةً، ومن أبرز ما ورد فيها:
أشكرُ اللهَ معكُم على نعمهِ التي أغدقَها علينا والتي تُجمِّلُ إنسانَنا الباطني السائر نحو الله، فتنعكسُ على وجوهِنا إشراقًا وسلامًا ولقاءً. أشكرُهُ لأنَّهُ أعطانا مِنْ هباتِهِ ما يكفي كلَّ واحدٍ منَّا، وما يكفي الجماعةَ الكنسيَّةَ المتحلِّقة حولَهُ.
أشكركم، أعزَّائي، على هذا الإستقبال الحافل الذي كرَّمتموني به، معَ إخوتي المدبِّرين والرهبان المرافقين، وهو تكريمٌ موجَّهٌ بالأساس إلى الرهبانيَّة الأنطونيَّة التي تقومُ بالخدمة الرعويَّة منذ أواسط القرنِ الثامن عشر ولغايةِ اليوم.
خلالَ خدمتي في هذه الرعيَّة، شعرتُ برابطٍ عائلي مميَّز يجمعُ أبناءَ زحلة مع رعاياهم، وخاصَّةً مع رعيَّة مار يوسف الأنطونيَّة.
في زحلة فقط تشعرُ أنك في بيتِكَ أينما حللتَ، فكلُّ بيتٍ بيتَكَ، وكلُّ عائلةٍ عائلتَكَ، بيوتُهم مفتوحةٌ، قلوبُهم مفتوحةٌ، أيديهم مفتوحةٌ لاستقبالِكَ، وإذا لاموكَ يومًا أو عاتبوكَ فعلى قدرِ المحبة. مدينةُ زحلة هي مدينةٌ مفتوحةٌ على المحبةِ والرضى والإستقبال، هي مدينةٌ بُنيَت بالصلاة والإيمان والمحبة والتعاون والتعاضُد، ولكنها لا تنسى أن تدافعَ عن مدينة السلام اذا ما سوَّلَ أحدٌ لنفسِهِ التطاولَ عليها... وأتمنى أن تبقى زحلة، كما عهدناها، رمزاً للسلام والإنفتاح والمحبة في ربوعِ الوطن.
ألفتُ إلى أنَّ إنجيلَ اليوم بذاته لا يَعتبرُ الإيمانَ مُعطًى عاديًا، بل هو خيارٌ وإصرارٌ للوصول اليه، وعلى المؤمن أن يتجاوزَ الصعوبات والمعوقات للدخولِ إلى حرمِ الألوهةِ والحصولِ على عطايا الرب. فهذه المرأةُ الكنعانيَّةُ، وبالرغم مِن منعِها بدايةً منَ الوصولِ إلى يسوع، أصرَّت على متابعةِ الطريق، وحتى عندما أجابها يسوعُ أن لا حصَّةَ لها بسبب انتمائِها قالت، لا همَّ من الإنتماء، فأينما كان الإنسانُ تبقى حصتُّه محفوظةً، فأدهشت المسيحَ نفسَهُ بعمقِ إيمانِها.
أدعوكُم اليوم، أعزائي، لنحملَ في صلاتِنا جيشَنا اللبناني الواقف في شمال شرق هذا السهل ليدافعَ عنَّا، وهو مستعدٌّ لتقديم التضحيات ليهبَنا السلامَ والأمان. وما نتوقَّعُهُ من الجيش لحماية أرضِنا، يتوقَّعُهُ أولادُنا منَّا لحمايةِ تُراثِنا المسيحي والروحي واللبناني والمشرقي.
أوجِّهُ الشكر اليوم لرعيتي الحبيبة مار يوسف الأنطونية زحلة، التي خرجتُ منها إلى المجمع العام بنيَّةِ العودة إليها، ولكنَّ الربَّ أراد لي، وربما بصلواتِكُم، أن أقومَ بخدمةٍ أُخرى. نزلتُ للمشاركة مع إخوتي الرهبان بالصلاة والتأمل ودرسِ أُمورِ الرهبانيَّة دون أيَّةِ خلفيَّةٍ، فأنا مسرورٌ بما كنتُ أقومُ به بينَكُم، برعاية إخوتي في الإيمان، ولم أتطلَّع إلى أكثرَ من خدمة الربِّ في مسيرتي، فجُلَّ طموحاتي الكهنوتية والرهبانية أن أكونَ في خدمة الآخرين، والظاهرُ أنَّ الربَّ يسوع نظرَ إلى ما في داخلي، وثبَّتني بما عقدتُ الإرادةَ على عيشِهِ، ولكن في خدمةِ إخوتي الرهبان والكنيسة، فاختاروني رئيسًا عامًا.
سأفتقدُكُم، ولكن كلِّي ثقة بأنَّ صلواتِكُم وعملِكُم الكنسي سيُرافقُني في مسيرتي وعملي الجديد. وكلي ثقة بأن الربَّ الذي اختارني سيُعطيني، بأدعيتِكُم، النعمَ لأتابعَ الطريق.
أشكرُ أخويَّ الأب شربل داود والأب روبن مخول على الحياة الهنيئة والنشيطة التي عشتُها معهُما في الدير وفي خدمةِ الرعية، وعلى تنظيمِ هذا الإستقبال الذي حضَّروه مع كلِّ أبناءِ الرعيَّة، والحركات الدينية والإجتماعيَّة والمدنيَّة.
أشكرُ كلَّ الذين رافقونا في العمل والصلاة اليوميَّة في هذه الرعيَّة، وأشكُرُ الجوقة، وأشكرُ فرقةَ الطلائع الموسيقيَّة، وأشكرُ جميع الذين رحَّبوا بي في هذا الإحتفال. وأرفعُ الدعاءَ لله لكي يفيضَ عليكُم جميعًا نعمَهُ، وعلى رهبانيتي الأنطونيَّة بركاتِه، لتبقى منارةً وشاهدةً لمحبَّته في العالم...
وقبل البركة الختاميَّة ألقى سيادة راعي الأبرشيَّة المطران معوَّض كلمة عبَّر فيها عن فرحه بالشخصيَّة الحلوة التي يتمتَّع بها قدس الرئيس العام، حسب تعبيره، وهو الذي عاش المحبَّة بأبعادها مع الكهنة وأبناء الرعيَّة، وجعل منها رعيَّة نشيطةً بفعل وجوده وحضوره الدائم فيها. وطلب له الصلاة ليكسب القوة من خلال الرب المدبِّر لكلِّ شيئ، كما وشكر الأباتي داود رعيدي على ما قدَّمه للرهبانيَّة والكنيسة وعلى تعاونه الدائم، ووجَّه الشكر الأكبر للرهبانيَّة الأنطونيَّة المارونيَّة على عطاءاتها وخدماتها في الرعايا والأبرشيَّات خاصَّة في أبرشيَّة زحلة التي يرعاها.
بعد ذلك توجَّه الجميع إلى صالون الرعيَّة لتقبُّل التهاني بالمناسبة ومن ثمَّ إلى تناول طعام الغذاء والمشاركة بلقمة المحبَّة.