لبنان
23 أيار 2025, 08:45

زحلة استقبلت ذخائر القدّيسة ريتا

تيلي لوميار/ نورسات
في عيد شفيعة الأمور المستحيلة، استقبل آلاف المصلّين من زحلة والبقاع ولبنان ذخائر القدّيسة ريتا الّتي أحضرها المهندس أسعد نكد من كاسيا في ايطاليا، لتوضع بشكل دائم في الكابيلّا الّتي شيّدها بجانب من مقام سيّدة زحلة والبقاع قبل 18 عامًا.

وللمناسبة، احتفل رئيس أساقفة الفرزل وزحلة والبقاع للرّوم الملكيّين الكاثوليك المطران ابراهيم مخايل ابراهيم بالذّبيحة الإلهيّة في مقام سيّدة زحلة والبقاع، بحضور الأساقفة جوزف معوّض وأنطونيوس الصّوريّ وبولس سفر، والمعتمد البطريركيّ الأنطاكي في روسيا المتروبوليت نيفن صيقلي ولفيف من الكهنة ورؤوساء الأديرة وحشد من الفاعليّات من زحلة والبقاع .

وألقى ابراهيم عظة قال فيها بحسب إعلام الأبرشيّة:"من أمام هذا المقام المبارك، حيث تعانق السّماء الأرض، وحيث تُحنى الرُّكب وترتفع القلوب نحو العذراء سيّدة زحلة والبقاع، نقف اليوم في عيد القدّيسة ريتا، لنحتفل بالنّعمة، ونشهد للشّكر، ونعلن الفرح بالرّبّ، مُصلّين على نيّة المهندس أسعد نكد وعائلته الكريمة، الّذين وهبونا، مع مقام العذراء، كابيلّا القدّيسة ريتا لتكون رفيقةً ومؤنسةً وأختًا في الصّلاة والرّجاء والألم والرّجوع إلى الله.

في هذا العيد، لا نرى في ريتا فقط قدّيسة المعجزات، بل نرى فيها امرأةً نُقِشت سيرتها على جدران الألم، وصُهرت حياتها في فرن التّقدمة، تمامًا كما نرى في العذراء مريم، أمّ يسوع وأمّ الكنيسة، المثال الكامل في الطّاعة والإيمان والتّسليم لمشيئة الله.

ما يجمع ريتا بالعذراء ليس فقط اسم الكنيسة الّتي توحّدهما في هذا المكان، بل الحياة الّتي عاشتاها في طاعةٍ كاملةٍ لإرادة الله، مهما كانت مُكلِفة.

مريم، العذراء الطّاهرة، قالت "نعم" للرّبّ وهي لا تعلم أنّ هذه "النّعم" ستقودها إلى الصّليب، إلى الهرب، إلى سيف يطعن قلبها.

وريتا، في مسيرتها، قالت "نعم" لمشيئة الله في الألم: في زواجٍ قاسٍ، في فقدان أولادها، في دخول الدّير بعد طول انتظار، في حمل شوكة الجبين علامةً للاتّحاد بالمصلوب.

كلتاهما عَرَفتا الحزن، لكنّهما لم تستسلما له. كلتاهما صعدتا الجلجلة، لكنّهما لم تنكسر. بل صارتا نورًا لكلّ من يسير في درب الدّموع.

وها نحن اليوم، في قلب البقاع، نلجأ إليهما معًا، إلى مريم أمّنا، وإلى ريتا قدّيستنا وأختنا، لنحمل إليهما مدينة زحلة، بكلّ ما فيها من ألم وأمل، من خوف ورجاء، من تاريخٍ عريقٍ ومستقبلٍ نرغب أن يكون مشرقًا.

لقد أراد المهندس أسعد نكد، من قلبه المؤمن، أن تكون ريتا رفيقة مريم في هذا المقام. لا لتأخذ من بهاء العذراء، بل لتزيد النّور نورًا، وتجمع القداسة قداسةً. فكما كانت ريتا إلى جانب يسوع في الألم، ها هي اليوم إلى جانب مريم، تُنير الدّرب لأهل زحلة والبقاع، وتُصلّي من أجل السّلام، والوفاق، والتّجدّد الرّوحيّ في كلّ بيت وعائلة."

وعن مرحلة ما بعد الإنتخابات قال المطران ابراهيم: "في هذا الزّمن الّذي يلي الانتخابات البلديّة، حيث غالبًا ما تسود الحماوة والانقسام، نحن مدعوّون كأبناء زحلة أن نعود إلى حضن ريتا ومريم، إلى حضن المحبّة، لا إلى حلبة المنافسة.

ريتا الّتي سامحت قاتلي زوجها، ومريم الّتي غفرت مع ابنها للّذين صلبوه، هما اليوم تقولان لأبناء زحلة: عيشوا الوحدة، احفظوا الأخوّة، أحبّوا زحلة أكثر من مصالحكم، أكثر من توجّهاتكم، أكثر من انتماءاتكم.

زحلة أكبر من الجميع، وزحلة لا تُبنى إلّا إذا اجتمع الكلّ على محبّة واحدة.

من هذا المقام المبارك، نرفع صلاتنا على نيّة جميع المسؤولين الجدد، كي يعملوا لأجل الخير العامّ، لا لمصالح شخصيّة، كي تكون السّياسة خدمة لا سلطة، ومسؤوليّة لا مكاسب."

وعن المهندس نكد قال: "في هذا العيد، لا يسعنا إلّا أن نوجّه تحيّة ملؤها المحبّة والرّجاء والوفاء إلى المهندس الحبيب أسعد نكد، الّذي اجتاز ظروفًا صحّيّة صعبة، وخرج منها بفضل الله وشفاعة القدّيسة ريتا، أكثر قوّةً وإيمانًا، وأكثر تصميمًا على خدمة مدينته وكنيسته.

إنّه رجل واحد، لكنّه بحجم وطن لأنّه استطاع أن يفعل ما لم يفعله الوطن.

نصلّي اليوم من أجل صحّته، من أجل حياته العائليّة، من أجل المشاريع الّتي يعمل عليها، كي تبقى دومًا في خدمة الخير العامّ، وتكون وجهًا من وجوه "الهندسة الرّوحيّة" الّتي تبني النّاس، لا فقط النّور والطّاقة.

نحيّي أيضًا عائلته الكريمة، الّتي تشاركه هذا الإيمان، وهذه الرّسالة، ونصلّي من أجل أن تظلّ عائلته شهادةً حيّة على أن الله لا يترك من يتّكل عليه."

وأضاف: "أمام هذا الجمع المبارك، أوجّه تحيّة شكر ومحبّة لأصحاب السّيادة، إخوتي أساقفة مدينة زحلة، سيّدنا جوزيف وسيّدنا أنطونيوس الصّوريّ وسيّدنا بولس سفر، وعلى رأسنا جميعًا، المتقدّم بيننا، المتروبوليت نيفن صيقلي المحبوب، أساقفة المدينة المشاركين معي اليوم في هذه الذّبيحة الإلهيّة. وجودكم بيننا هو شهادة على وحدة الكنيسة، وعلى أنّ ريتا ومريم توحّدان القلوب قبل أن توحّدا الجدران. إنّكم بركتنا ورعاتنا، وسهرنا معًا على زحلة في أيّام الرّخاء والضّيق، واليوم نرفع معكم ذبيحة الشّكر."

وإختتم ابراهيم عظته قائلًا: "أيّها الأحبّة، من زحلة الّتي أحبّت ريتا، واحتضنت العذراء، ننطلق اليوم من جديد. نخرج من هذه الذّبيحة حاملين سلام الله، مملوئين من رجاء القدّيسة ريتا، متسلّحين بإيمان العذراء مريم.

لنكن نحن أيضًا شهودًا على الغفران، على التّضحية، على المحبّة، على الوحدة.

ولنتذكّر دائمًا أنّ الأوطان لا تُبنى بالعداوة، بل بالمصالحة، ولا تُحفظ بالانقسام، بل باللّقاء.

وهذا ما ترمز إليه كابيلّا القدّيسة ريتا، الواقفة بجانب أمّنا العذراء مريم، حمايةً لزحلة، وبركةً للبقاع، وأملًا للبنان.

وكم نفرح لهذه الأكمّة النّيّرة أن اُضيفَ إليها سيّدةُ الفرح الّتي دُشّنت بالقداسة الأحد الماضي فازدادت بها زحلةُ جمالًا وبهاء، وكم نشكر بانيها المتروبوليت نيفن صيقلي على جهوده وعطائه وكرَمه، على قداسته الّتي انبعت لنا هذه الكنيسة الرّائعة."

وأنهى ضارعًا: يا قدّيسة ريتا، صلّي لأجلنا.

يا سيّدة الفرح احفظينا.

يا أمّنا العذراء مريم، سيّدة زحلة والبقاع، احمينا وباركينا.

الآن وكلّ أوان وإلى دهر الدّاهرين. آمين."