العراق
09 نيسان 2023, 19:48

ساكو: يجب ألّا نقف مكتوفي الأيدي وننتظر الحلول الجاهزة

تيلي لوميار/ نورسات
ترأّس بطريرك الكلدان الكاردينال مار لويس روفائيل ساكو القدّاس الاحتفاليّ بعيد القيامة مساء أمس السّبت في كاتدرائيّة مار يوسف في الكرادة وبعد تلاوة الإنجيل المقدّس ألقى عظة بعنوان "قيامة المسيح تعزية ورجاء وانتعاش للحياة"، جاء فيها:

"ظنّت ماكنة الأشرار أنّها قَضَت على يسوع نهائيًّا، لكنّ ماكنة الخير، التي هي ماكنة الله فاجَأتهم وأقامته حيًّا ومنتصرًا. قيامة المسيح لا تزال تتواصل في قلوب الملايين من البشر بعد الفي عام.

علينا أن نذهب إلى العمق، بعيدًا عن عيون الجَسد العاجزة عن رؤيته، وعن المفاهيم السّطحيّة، والتّأويلات المغلوطة. لنقرأ علامات حضوره،ونتأمَّل بها،ونتمعَّن فيها،ونفهمها ونعيشها عبر الصّلاة والصّمت ونور النّعمة لنتعرّف أكثر وأكثر على البعد الوجوديّ لسرّ قيامة المسيح فتسير حياتنا منذ الآن نحو القيامة والحياة والفرح.

مواقف التّعثُّر في الإيمان بالقيامة عند مريم المجدليّة وبطرس وتوما والصّيادين هي مواقفنا نحن أيضًا في اكتشاف المسيح الحيّ والإنفتاح على أهميذّة رسالته والشّهادة لها بقوّة.

المطلوب منّا هنا أن نفتحَ آفاقنا ونندفع بإعجاب وحماسة إلى الرّسالة والشّهادة له بفرح وإندهاش كما فعلت المجدليّة في القيامة، وبطرس والتّلميذ الآخر وتوما عندما خَرَّ أمام قدميه ساجدًا ومعبِّرا عن إيمانه بعبارة: “رَبِّي وإِلهي" (يوحنّا 20/ 28).موقف توما مصدر تعزية لنا.

يلحّ إنجيل يوحنّا على التّعرّف على الحيّ – القائم من بين الأموات واكتشاف حضوره حيًّا بيننا في كنيستنا والشّهادة لها بواقعيّة وطريقة جديدة خصوصًا في مجتمع يميل أكثر فأكثر إلى العلمَنة واللّامبالاة والفرديّة والاستهلاك والفوضى.

إنجيل يوحنّا هو إنجيل الذين لهم الإيمان بيسوع الحياة والنّور والرّجاء. الحياة مع يسوع تصبح نورًا وفرحًا كما هو شعار ليتورجيّتنا الكلدانيّة: القيامة والحياة والتّجدد ܢܘܗܪܐܘܚܝܐܘܚܘܕܬܐ “فيهِ كانَتِ الحَياة والحَياةُ نورُ النَّاس” (يوحنّا 1/ 4).

علامات الانبعاث واضحة ايمانيًّا: القبر الفارغ، اللّفائف على الأرض والتّلميذ الذي كان يُحبّه “رأَى وآمَنَ” (يوحنّا 20/ 8). لننصِت إلى المسيح المنبعث يقول: “طوبى لِلَّذينَ يؤمِنونَ ولَم يَرَوا”(يوحنّا 20/ 29)،هذه الطّوبى يجب أن تمسّ قلوبنا وتساعدنا أن نكون أكثر نضجًا وثقة وانتعاشًا وسلامًا وسط معاناتنا وألمنا وقلقنا ومخاوفنا. يجب ألّا نقف مكتوفي الأيدي وننتظر الحلول الجاهزة. لنفسح المجال للرّوح كي يعمل في صلاتنا، ويساعدنا في السّير معًا قُدمًا بإيمان وثقة،كفريق واحد من أجل المستقبل، ومثلما فَرِحَ التَّلاميذُ “لِمُشاهَدَتِهمِ الرَّبّ" (يوحنّا 20/ 20)نحن أيضًا سوف نفرح بمشاهدة مستقبل بشريّتنا في العيش بسلامٍ واستقرارٍ وحرّيّة وكرامة… لتشحن قيامة المسيح رجاءَنا.

من جهة اُخرى فالتّاسع من نيسان، يذكّرنا بسقوط بغداد قبل عشرين سنة وأقل ما كان يتطلّع إليه العراق هو الأمان والإستقرار والكرامة الإنسانيّة وتوفير الخدمات وتقدّم البلَد إلى الأمام… لكن، ما حصل هو أنّ كلّ شيء تفكَّك فيه…

بالرّغم من كلّ المعاناة، هناك علامات قويّة للأمل بالمستقبل، فالبلَد بجمال طبيعته وحضاراته العريقة وثرواته لا بدّ أن ينهض، لا بد أن يهتدي العراقيّون إلى إرادة وطنيّة توحّدهم في وضع خارطة طريق لإصلاح الأمور وتحقيق نظام سياسيّ وطنيّ يخدم البلاد والمواطنين. لنصلِّ من أجل ذلك."