لبنان
23 حزيران 2025, 12:30

سويف في استقبال ذخائر تريزيا الطّفل يسوع: نرفع الصّلاة من أجل شفاء هذا الوطن

تيلي لوميار/ نورسات
لا تزال ذخائر القدّيسة تريزيا الطّفل يسوع تجوب لبنان من أجل الحبّ والسّلام، إذ حطّت الأحد رحالها في مدينة طرابلس، حيث استُقبلت في كنيسة مار مارون وسط قرع الأجراس والتّرانيم الدّينيّة والصّلوات والزّغاريد ونثر الورود، بحضور راعي أبرشيّة طرابلس المارونيّة المطران يوسف سويف، والخورأسقف نبيه معوّض، وعدد كبير من الكهنة والمؤمنين.

وبعد تلاوة صلاة المسبحة، ألقى المطران سويف عظة شدّد فيها على بناء المحبّة وترسيخ ثقافة السّلام ونبذ الأنانيّة والحقد، داعيًا المؤمنين إلى أن يعيشوا إيمانهم بصدق، وقال بحسب "الوكالة الوطنيّة للإعلام": "نحن بحاجة إلى أناس يخدمون الوطن، لا إلى من يسعون وراء المناصب، نحتاج إلى مسؤولين خدّام، كالقدّيسين الّذين خدموا الرّبّ يسوع والإنسان، ومن دون هذه الرّوحيّة، سنعيش في فراغٍ وكذب، أدعو الجميع إلى أن نعيش في الحقّ والمحبّة.

لبنان ليس فقط وطنًا مجروحًا، بل هو أرض مقدّسة مشبعة بدماء القدّيسين والأنبياء والشّهداء، وهو مدعوّ اليوم أكثر من أيّ وقت مضى ليكون منارةً للعيش المشترك والرّجاء، رغم الجراح العميقة، من طرابلس الّتي تستقبل ذخائر القدّيسة تريزيا، نرفع الصّلاة من أجل شفاء هذا الوطن، ومن أجل أن يتحوّل ألمه إلى قيامة."

بعد ذلك، أُقيم قدّاس احتفاليّ ترأسه الخورأسقف نبيه معوّض، وألقى خلاله عظة قال فيها: "بعد 23 عامًا على زيارتها الأولى إلى لبنان عام 2002، وبمناسبة المئويّة الأولى لإعلان قداستها، تعود الذّخائر إلى الأرض الّتي عشقتها، متنقّلة بين الشّمال والجنوب، ناشرة عطر قداستها في مختلف المناطق اللبّنانيّة.

إنّ هذه الزّيارة هي رسالة حياة تتخطّى الحواجز، واستجابة لرغبة القدّيسة نفسها، في زمنٍ يبحث فيه الكثيرون عبثًا عن السّعادة، بينما الفرح الحقيقيّ يسكن قلب القدّيسة تريزيا الطّفل يسوع.

الرّاهبة الكرمليّة تريزيا، الّتي توفّيت في عمر الرّابعة والعشرين، تمكّنت في وقت قصير من بلوغ قمّة القداسة، إذ اعتمدت على قوّة الله، المستمدّة من إيمانها وثقتها اللّامحدودة بمحبّته الأبويّة. سارت تريزيا في درب القداسة، مقتفية أثر القدّيسة الكبرى تريزيا الأفيليّة، ومستلهمةً تعاليم القدّيس يوحنّا الصّليبيّ، لتصير قدّيسة بين عمالقة الرّوح والتّصوّف."

وأشار إلى أنّ "تريزيا، "القدّيسة الصّغيرة"، قدّمت التّصوّف بحياة بسيطة، يمكن لأيّ نفس صغيرة أن تتّبعها، رغم الألم والصّعوبات والظّلمات الّتي اجتازتها، فقد سلّمت نفسها بالكامل لله، ورضيت بمشيئته بمحبّة وثقة.

تقول القدّيسة تريزيا الطّفل يسوع: 'إنّ الغفران هو أقوى قوّة يمكن أن نتسلّح بها'. وقد عاشت ذلك حتّى لحظاتها الأخيرة، إذ تلفّظت قبل موتها في 30 أيلول 1897 بالقول: 'يا إلهي، إنّي أحبّك'، وهي تحتضن المصلوب بين ذراعيها."

وأشار إلى إعلانها قدّيسة في 17 أيّار 1925، وشفيعة للرّسالات في 14 كانون الأوّل 1927، وفي الذّكرى المئويّة لوفاتها، أعلنها البابا القدّيس يوحنّا بولس الثّاني ملفانة للكنيسة في 19 تشرين الأوّل 1997. 

وتابع: "لقد آمنت بمحبّة المسيح كأقوى قوّة على وجه الأرض، لأنّها تغيّر القلوب والعلاقات والحياة، وتمنح نعمة السّلام الّذي يبدأ من الغفران، وينتشر ليشمل العالم كلّه.

كل من يعتمد بالمسيح يلبس المسيح. والمسيح، الّذي لبس إنسانيّتنا، أراد أن يكون أخًا لجميع النّاس بلا استثناء، ليجمعهم في عائلة واحدة، تقرّبهم من الله، وتنفض عنهم الانقسامات والصّراعات والتّعصّب. دعوتنا اليوم أن نسير في طريق المصالحة والسّلام، ونتخاطب من القلب إلى القلب."

وأنهى: "نتضرّع إلى القدّيسة تريزيا الطّفل يسوع أن تليّن القلوب، وتُنير العقول، وتوحّدنا في محبّة الله، والكنيسة، والوطن، وفي محبّتنا لبعضنا بعضًا. نطلب شفاعتها لكي يصنع الله فينا الأعجوبة الّتي ننتظرها جميعًا، فيسود السّلام وطننا لبنان، وتُشفى هذه المنطقة المعذّبة، الموبوءة بالحقد والانقسام والحروب. آمين."

ومن ثمّ تبارك جميع المشاركين من الذّخائر.