سويف من أميون- الكورة: سرّ تريزيا هو سرّ الحبّ المتواضع
سويف وفي عظته، قال بحسب إعلام الأبرشيّة: "نلتقي اليوم بفرح عظيم لنحتفل بعيد القدّيسة تريزيا الطّفل يسوع، تلك القدّيسة الصّغيرة في أعين النّاس، العظيمة في نظر الله. نعايدكم جميعًا، كاهن الرّعيّة وأبناؤها وبناتها، وأنتم تجتمعون من هذه المنطقة المباركة لتمجيد الرّبّ بالصّلاة والقدّاس واللّقاء الأخويّ. ونخصّ بالمعايدة راهبات "السّانت تريز" اللّواتي يحيين باسمهنّ هذه الرّوحانيّة العميقة، روحانيّة التّواضع والبساطة، حيث صار العظيم صغيرًا ورفع المتواضعين.
أيّها الأحبّاء، إنّ سرّ تريزيا هو سرّ الحبّ المتواضع. فقد عاشت إيمانها بعمق في بساطة الحياة اليوميّة، فساعدتنا أن نكتشف عظمة الرّبّ ورحمته اللّامتناهية. هي الّتي آمنت بكلمة الإنجيل: "إن لم تقع حبّة الحنطة في الأرض وتمت، تبقى وحدها، وإن ماتت أتت بثمر كثير".
ومن هنا أتوقّف معكم على فكرة أساسيّة في مسيرتنا الكنسيّة: نحن مدعوّون أن نكون جماعة محبّة، أن نبني الكنيسة كوحدة واحدة. فالكنيسة لم تولد من حجارة أو جدران، بل وُلدت من جنب المسيح المصلوب، حين جرى منه دم وماء، إشارةً إلى المعموديّة والإفخارستيّا. وهكذا صرنا شعبًا واحدًا، جسدًا للمسيح، ورأس هذا الجسد هو المسيح نفسه.
لكن السّؤال الّذي يطرح نفسه في هذا اليوبيل، بعد مرور ألفي سنة على رسالة المسيح: هل بقينا أوفياء لوصيّة الرّبّ في أن نكون واحدًا؟ أليست صلاة يسوع في بستان الزّيتون ما زالت تصرخ في قلوبنا: "ليكونوا واحدًا كما أنا وأنت أيّها الآب واحد؟". إنّ الانقسام الّذي يسود عالمنا، بما فيه من حروب وأنانيّة وكبرياء، يتسلّل أيضًا إلى حياتنا المسيحيّة: في الرّعايا، في الأبرشيّات، في العائلات والجماعات. نختلف بالرّأي، وهذا حقّ، لكن المحبّة والاحترام والوحدة يجب أن تبقى فوق كلّ اختلاف.
أيّها الأحبّاء، انتماؤنا الأوّل والأخير هو للمسيح وحده. وحيث يكون المسيح، هناك المحبّة والوحدة والسّلام. أمّا حيث يسود الانقسام، فذلك يعني أنّنا ابتعدنا عنه. لذلك رسالتنا الكبرى أن نشهد للشّركة والوحدة في عالم ممزّق. فالكنيسة هي "كنوشتو" بالسّريانيّة، أيّ جماعة تعيش الوحدة بالمحبّة.
القدّيسة تريزيا عاشت هذه الشّركة بالصّلاة اليوميّة، بكلمة الله، بالإفخارستيّا، وبالحياة الأخويّة مع راهباتها. ونحن أيضًا مدعوّون أن نحمل صلاتنا من المذبح إلى العالم، من الكنيسة إلى بيوتنا وأحيائنا، لنكون خميرة وحدة وسلام. فوجودنا في هذا العالم ليس صدفة ولا رحلة عابرة، بل رسالة أساسيّة: أن نشهد للمسيح الّذي مات وقام ليجمع أبناء الله المشتّتين إلى واحد.
صلاتي اليوم أن يغرس الرّبّ في قلوبنا نعمة الوحدة، فلا نقبل انقسامًا لا في ذواتنا، ولا في عائلاتنا، ولا في كنائسنا. ولتكن صلاتنا وعيدنا شهادة حيّة لحضور المسيح، ذاك الحضور الّذي هو فرح العالم وسلامه.
له المجد إلى أبد الآبدين، آمين."