لبنان
07 نيسان 2018, 08:00

سيامة الخوري إسطفان فرنجية برديوطا بلقب مونسنيور زغرتا

إحتفلت نيابة إهدن - زغرتا بسيامة الخوري إسطفان فرنجية بلقب مونسنيور التي منحه إياها البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي بوضع يد النائب البطريركي على نيابة إهدن - زغرتا المطران جوزف نفاع، في كنيسة مار مارون - زغرتا، عاونه عراب المونسنيور الجديد الخوري بول الدويهي، بمشاركة المطارنة: بولس إميل سعادة، سمير مظلوم، بولس صياح، جورج بوجودة، مارون العمار، بولس دحدح، وإدوار ضاهر، ولفيف من الكهنة والاباء والرهبان والراهبات، بحضور شخصيّات سياسيّة وممثلون عن الجمعيات والهيئات الثقافية والمؤسسات الطبية والاجتماعية والتربوية والاقتصادية، وحشد من المؤمنين من أبناء زغرتا الزاوية. وبعد الإنجيل، ألقى المطران نفّاع عظةً قال فيها، بحسب الوكالة الوطنيّة:

"أمام حقيقة القيامة وصعوبة تصديقها من قبل الرسل، أصرّ يسوع مرات عديدة أن يقدّم لتلاميذه، ولنا نحن أيضاً من بعدهم، دليلا يقودنا إلى تصديق هذه الحقيقة الجوهرية في إيماننا المسيحي. ولكننا نقف باستغراب أمام تلك الأدلة المقدمة من الرّب، خاصّةً في إنجيل اليوم: هل عندكم شيء يؤكل؟ فهل من خلال الطعام يمكننا أن نؤمن بالقيامة؟ يذهب السواد الأعظم من شراح الكتاب المقدس إلى القول أن يسوع، بتناوله الطعام، يثبت أنه حي، لأن الأرواح، أو بالأحرى الأشباح، إذا صح التعبير، لا تأكل. نعم، هذا الشرح صحيح. إلا أنّنا إذا ما تأملنا بتفاصيل النص، يمكننا فهم درس جديد يقدمه لنا المعلم. ما تناوله من طعام مع الرسل له دلالته ورمزيته: لقد قدّموا له سمكاً وعسلاً. فالسمك كان على زمن يسوع طعام الفقراء وعلامة التقشف والمعاناة؛ ولذلك يأكله الكاثوليك في زمن الصوم. أما العسل فهو طعام الفرح ورمز العيد ورمز النجاح، فيه حلاوة الحياة. هذا ما قدمه لنا يسوع كإثبات على القيامة، أنّه معنا وإلى جانبنا في كل ظروف حياتنا، حلوها ومرها. هو سندنا في المحن وهو سبب فرحنا وعربون نجاحنا. وبهذا نعرف أن يسوع حي، لأنه حي في حياتنا وفاعل في تاريخنا الشخصي.

ليس يسوع إلهاً في السماوات، تخبرنا عنه كتب التاريخ أنه قام من ألفي عام، بل إنّ إلهنا قائم اليوم لأنّه كل يوم يقيمنا وينمينا. وزغرتا هي شاهدة بإمتياز على القيامة، لأنّها عاشت طوال تاريخها هذا الاختبار للرّب الحاضر فيها ومعها. لم ترحمنا عاديات الزمان يوما، بل نلنا من أوصى بها الحصة الكبرى. إتّكل أجدادنا على الله وعلى أمه العذراء، وضحك أعداؤنا منا، مستخفين بإلهنا. ولكن الرّب الصّادق لم يخلف ميعاده بل حقق لنا ما أنشده داود في مزاميره قائلا: لو لم يكن الرّب معنا، عندما قام الناس علينا، لابتلعونا أحياء. ومن أتون الوغى، أردنا أن نلملم أهدابنا. كانت أقصى أحلامنا الصمود. عمل أسلافنا ما بوسعهم ليبقوا. وضعوا كل جهدهم بهذا الهدف. والرّب بارك دموعنا وعرق جبيننا، محوّلاً إياها إلى نهر بركة وقداسة. من قلب صليبنا خرجنا وأخرجنا للعالم سلسلة من البطاركة والأساقفة، والمكرسين، والعلماء، والرؤساء والأبطال؛ أعلاماً معروفين في الأصقاع الأربعة. منارات حملت اسم إهدن في كل مجال. لقد حول الرّب تعبنا عسلاً سماويّاً مباركاً. لذلك نهتف كل يوم وفي كل ظرف، نهتف عن اختبار حقيقي معاش صارخين المسيح قام، حقّاً قام ونحن الإهدنيون شهود على ذلك.

اليوم تخط زغرتا صفحة جديدة من صفحات شهادتها للرّب القائم من خلال هذا الاحتفال المهيب الذي كرمنا به صاحب الغبطة البطريرك، مار بشارة بطرس الراعي، الكلي الطوبى، بأنّ رقى الخوري اسطفان فرنجية إلى درجة البرديوطية، برتبة مونسنيور. واسمحوا لي أن أقول أنّ هذا الإنعام ناله المونسنيور اسطفان، كما المجلس الكهنوتي وكل زغرتا، عن استحقاق وجدارة. وهذا ما عبر عنه صاحب الغبطة في كلمته أمام وفد النيابة الذي زاره في الصرح لتهنئته بعيد الفصح. إن نيابة إهدن - زغرتا شهدت تطورا وتنظيما يحتذى بهما، بفضل جهود رائعة للأساقفة والكهنة والعلمانيين الملتزمين فيها، على جميع الصعد الروحية والراعوية والاجتماعية والثقافية والرياضية والفنية أيضا. لم تكتف رعيتنا بالقيام بدورها الروحي والراعوي على أكمل وجه وحسب، بل هي تقف بحق إلى جانب رعيتنا وأولادها في كل الظروف، الحلوة منها والمرة، إن في تعبها، في سمكها، وإن في عسلها. وكان للمونسنيور الجديد اليد الطولى والأثر الطيب في إنجازها وإيصالها إلى خواتيمها المرجوة. لم يدع المونسنيور اسطفان أي مجال إلا وخاضه لخدمة أولاد الرعية. يوم تسلمت مقاليد النيابة، توجهت بالسؤال للمسؤولين عن حجم المشاريع قيد الإنجاز في إهدن - زغرتا، حتى استعد لتحمل مسؤوليتها، فاجأني الجواب، اذ صدر عن جميع الموجودين، بصوت واحد، مع ابتسامة لها معانيها، قالوا: بدك تعرف عدد المشاريع قبل ما تسأل سؤالك ولا بعدو؟ لأن أكيد بهالدقيقة من الوقت بونا اسطفان بيكون بلش مشروع جديد. لقد قام المونسنيور إسطفان، في السنوات الأخيرة بمجموعة مشاريع، كان لها الأثر الكبير على الرعية والمنطقة، على حد سواء. أذكر منها على سبيل المثال لا الحصر: ترميم كنيسة مار جرجس الأثرية في إهدن، بعدما تفسخت جدرانها بشكل خطير، ترميم جثمان بطل لبنان يوسف بك كرم، بعدما كان مهددا بالتلف، تطوير مستشفى سيدة زغرتا وتوسيعه بأقسام أربعة جديدة، حتى أضحى واحدا من أهم المستشفيات الجامعية في المنطقة، الشروع ببناء كنيسة جديدة وضخمة، على اسم مار شربل في إهدن، تلبية للحاجات الرعوية الملحة إضافة إلى إدارته ومساهمته في عدد من المشاريع، ذات الطابع الرياضي والفني والثقافي، التي تشغل أولادنا عن الآفات الاجتماعية وتضفي عليهم جوا راقيا وصحيا. ومنها: مركز ميلاد الغزال الرياضي والثقافي، نادي السلام للرياضة، الذي بات يضم 500 من أولادنا، والكونسرفاتوار الوطني حيث يدرس 300 ولد الموسيقى على أنواعها. هذا غيض من فيض. ولقد تكرم علينا السيد البطريرك بقبول تدشين مركزين جديدين من المراكز التي ذكرتها، ألا وهي الأقسام الجديدة في المستشفى كما وتكريس مذبح كنيسة مار جرجس في إهدن، وذلك في حزيران المقبل. لذلك، وفي هذه المناسبة، رأى غبطته أن هذا المجهود الكبير حري بالتكريم، عسى أن يكون حافزا لنا جميعا لمزيد من العطاء. فحقل الرب أوسع من أن نتمكن من أن نفيه حقه في العمل. جوابا على سؤال يسوع: هل عندكم شيء يؤكل؟ يمكننا أن نجيب: نعم يا رب، لقد قدمنا لك ونقدم، لا ممتلكاتنا فقط، بل قلوبنا وحياتنا كلها. وأنت يا رب بادلت عطاءات رسلك الصغيرة بأن منحتهم الفرح والبركة والحياة الأبدية. وها أنت اليوم تمنحنا نحن أيضا المكافأة على محبتنا وأمانتنا لك وللكنيسة بشخص المونسنيور اسطفان. فلك منا كل الشكر والوعد والعهد بأن نبقى طوال الأيام على إيمان آبائنا وأجدادنا وطاعتهم لسلطة كنيستهم ولبطاركتها العظام."

 

كما كانت كلمة للمونسنيور الجديد إسطفان فرنجية جاء فيها: "غمرني الرب يسوع منذ طفولتي بنعم كثيرة لم أستحقها يوما. إذ ولدت في رعية الحجر والبشر، فيها يمجد الله ليل نهار، بإيمان كبير ودون تعب أو كلل. رعية تاريخها تاريخ قداسة، تحدثك عنها كنائس: مار ماما، مار سركيس وباخوس، سيدة الحصن، مار يعقوب، مارت مورا، مار بطرس وبولس، سيدة الحارة وسيدة زغرتا. رعية تاريخها أبطال أحبوا الكنيسة المارونية ولبنان حتى الاسشتهاد وبذل الذات؛ وحسبهم شرفا أن لا أحد يذكر قريتهم وإلا وبادر إلى ذهنه إسم البطريرك إسطفان الدويهي ويوسف بك كرم وكلاهما فخر للبنان والطائفة المارونية؛ والكلام هذا للمطران بطرس شبلي في كتابه، "ترجمة أبينا المغبوط إسطفان الدويهي.

نشأت في رعية إهدن - زغرتا، في كنائسها صليت كباقي أطفالها وشبابها. فشاءت يد الرب أن ألتقي بكهنة أفاضل، طبعوا حياتي، وزرعوا في قلبي محبة يسوع وكلمته. فكان أولهم الأب يوسف فرنجية، الذي قربني من المذبح، وزرع في روح الخدمة. فعشت طفولتي مع رفاقي في كنيسة مار يوسف، مار سمعان، وسيدة الحارة. كما بدأ مشواري الكهنوتي، يوم قبلني سيادة المطران بولس إميل سعادة، طالبا إكليريكيا وإهتم في إهتمام الأب، المحب، والراعي الغيور، وأرسلني إلى الإكليريكية البطريركية المارونية في غزير، حيث تنشأت لست سنوات، رافقني فيها آباء أجلاء ومعلمون تفرغوا، مقدمين حياتهم بكل سخاء، لتربيتنا، لنكون خداما صالحين في كنيستنا. وخلال السنوات، طالما كنت أصغي إلى صوت الرب في أعماقي، يشجعني قائلا، كما قال لإبراهيم وكما يقول لكل مؤمن: أن هو الله القدير فسر أمامي وكن كاملا" (تكوين 17 : 1). فارتسمت كاهنا في 15 آب 1994 على يد صاحب السيادة المطران بولس إميل سعادة في كنيسة مار جرجس - إهدن. فسرت أمام الرب وسعيت قدر إستطاعتي وبالتعاون مع رؤسائي وكهنة وأبناء إهدن - زغرتا، مقيمين ومغتربين من أجل تطوير الرعية من خلال خدمتي الكهنوتية، الأعمال الرسولية، الإجتماعية، الثقافية والرياضية. فأخذ الرب ضعفنا وحوله إلى قوة لخير شعبه، فعشت مع رعيتي في أفراحها وأحزانها، وأحببتها ولا أزال وسأبقى طالما حييت.
في هذه المناسبة، التي تكرّم فيها صاحب الغبطة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي، الكلي الطوبى، وبلفتة أبوية وأخوية من صاحب السيادة المطران جوزف نفاع السامي الاحترام، فمنحوني هذه الدرجة من دون إستحقاق تكريما لي ولرعيتي. أجدد حبي للرب يسوع ووعدي له، على الرغم أنني قد خيبت أمله مرات عديدة فأعطيته أقل بكثير مما كان ينتظره مني ومن الوزنات التي وضعها بين يدي، ولكن صوت الرسول بولس كان دائما يشجعني للوقوف على قدمي، وتخطي ضعفي، وهو الذي قال لتلميذه تيموتاوس يوما: إن تخلينا عن أمانتنا هو سيبقى على أمانته إذ لا يمكن أن يتنكر لذاته.

في هذه المناسبة أشكر أبي، أمي، إخوتي وأخواتي، مدرستي الأولى. أشكر صاحب الغبطة والنيافة الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الكلي الطوبى على ثقته بي وعلى سهره ومحبته وتقديره العميق لرعيتنا إهدن- زغرتا. أشكر سيادة المطران جوزيف نفاع النائب البطريركي في نيابة إهدن - زغرتا على لفتته هذه وعلى محبته لنا ولرعيتنا وحضوره وسهره عليها. كما أشكر أصحاب السيادة الأساقفة السامي احترامهم، حضرات الخورأسقفين الجزيلي الإحترام، والآباء الكهنة، خصوصا كهنة رعية إهدن - زغرتا الذين عملنا معا، واحتملنا معا، حر النهار وثقله. كما أتعهد لهم بأن نعمل يداً واحدةً وقلباً واحداً، في خدمة الرعية التي تستحق منا كل تضحية. أشكر أخواتي الراهبات، وخصوصا أعضاء التجمع الإكليروس الإهدني، مؤسسة البطريرك إسطفان الدويهي، إدارة وأطباء وممرضي وموظفي مستشفى سيدة زغرتا الجامعي، ونادي السلام زغرتا ومعهد الموسيقي في زغرتا الذي نعمل معا في خدمة الإنسان. كما أشكر المجلس الرعوي، وكل مؤسسات، أخويات وجمعيات الرعية إلى كل من ساهم وشارك في تحضير هذا الإحتفال الكنسي، ومن شاركنا الصلاة، من فعاليات سياسية، إجتماعية، بلدية وصحية. كما أشكر تيلي لوميار "نور سات" وكل وسائل الإعلام وكل الذين إتصلوا مهنئين والذين عبّروا عن عواطفهم ومحبتهم في كل الوسائل الممكنة. أسأل الرب أنْ يبارك أبناء رعيتنا إهدن - زغرتا بشفاعة أمنا، سيدة زغرتا وأن يحقق لنا أمنيتنا بأن نرى المكرم البطريرك إسطفان الدويهي طوباويا على مذابح كنيستنا. ويرحم موتانا، وخصوصا الأساقفة والكهنة، الذين لهم الفضل علي؛ ومنهم المثلث الرحمات، المطران هكتور إسطفان الدويهي، المونسنيور بطرس بركات ويوسف سيدة والخوري أنطون يمين الذين يفرحون معي الآن ويصلون من أجلي ومن أجل الرعية. شكرا للرب على نعمه الغزيرة وأسأله دوام حضوري في حياتي. فأردد على الدوام كلام بولس الرسول: أنا قوي بالذي يقويني وكلام يسوع ينير طريقي. هكذا أنتم أيضاً عندما تعملون كل ما تؤمرون به قولوا، إنما نحن عبيد غير نافعين قد عملنا كان واجبا علينا". (لوقا 17: 10).
أخيرا أتوجّه إلى نفسي وإليكم بما توجّه به صاحب الرسالة إلى العبرانيين قائلاً: "أطلبوا السلام مع جميع الناس والقداسة، التي لن يعاين الرب أحد بدونها" آمين."

بعدها، قدّم رئيس اتحاد بلديات زغرتا - الزاوية زعني خير درعا تكريمية للمونسنيور فرنجية.

وبعد الاحتفال كان كوكتيل في قاعة الكنيسة حيث قدمت التهاني.