لبنان
29 أيلول 2017, 09:05

شهادة الأب د. جورج شرايحة من الأردنّ في المؤتمر الإعلاميّ الثّاني "الإعلام المسيحيّ... نحو الاتّحاد"

قدّم الأب جورج شرايحة من الأردنّ شهادة في الجلسة الثّانية من المؤتمر الإعلاميّ الثّاني "الإعلام المسيحيّ... نحو الاتّحاد"، فقال:

 

"أودّ أن أسرد لكم في السّطور القليلة القادمة شهادة إعلاميّة عشتها بزخم خصب على مدار العشرة سنوات الماضية في الأردنّ، بلد السّلم المجتمعيّ والعيش المشترك في ظلّ مجتمع يشكّل فيه السّكّان الّذين يعتنقون الدّيانة المسيحيّة نسبة ضئيلة جدًّا من سكّان البلاد، فأراد الله أن نكون كالخميرة في العجين والملح في الطّعام، في ظلّ وفرة الحصّاد وقلّة الفعلة الموجوين في هذا الشّرق الّذي نزف جرحه تهجيرًا.

إنّ الهدف الأسمى وجوهر الموضوع هو البشارة، ولأجل وصولها إلى المتعطّشين لها، يتمّ الاستعانة بعلم إيصال الخبر السّارّ للنّاس، وهو الوسيلة الإعلاميّة من خلال شبكات التّواصل الاجتماعيّ والمواقع الإلكترونيّة إضافة إلى الإذاعات والمحطّات الفضائيّة.

وكانت نورسات السّبّاقة الأولى في الأردنّ كأوّل مكتب فضائيّ مسيحيّ في البلاد، يرسي إعلامًا مسيحيَّا بعيدًا عن الطّائفيّة الدّينيّة والفئويّة العشائريّة.

نعم لقد استطاعت نورسات أن تجد إعلامًا مسيحيًّا مهّد الطّريق عاجلاً نحو الاتّحاد، حيث لم نعد في الأردنّ بعيدين عن كلّ ما يحدث مسيحيًّا في رعايانا، وذلك بفضل "نشرة الأردنّ في أسبوع" الّتي أسهمت بنجاح باهر في إيجاز ما يحدث في الكنيسة المحلّيّة.

أسمع شهادة النّاس وخاصّة كبار السّنّ والمرضى عندما أنقل لهم المناولة المقدّسة حين يقولون لي نسمع القدّاس عبر نورسات، ونتناول القربان المقدّس بأيديكم، لولا نورسات لما استطعنا الصّلاة.

إنّ الإعلام المسيحيّ في الشّرق قد خطّى خطوات متقدّمة جدًّا نحو نشر القيم والأخلاق والتّعاليم المسيحيّة ضمن منظومة ثقافيّة موحّدة، إلّا أنّه ما زال يحتاج في البلاد العربيّة لإزاحة سقف الحرّيّة، حيث هناك سطوة لسيطرة الأنظمة والأحزاب السّياسيّة والدّينيّة والنّقابيّة على المؤسّسات الإعلاميّة تحول دون السّماح للإعلام المسيحيّ بالتّحليق عاليًا في سماء الحرّيّات الدّينيّة.

حيث إنّنا ما زلنا نتمتّع في بلادنا بحرّيّة العبادة وممارسة الشّعائر الدّينيّة بلا قيد أو شرط وبحماية الأجهزة الأمنيّة، إلّا أنّنا لا نتمتّع بالحرّيّة الدّينيّة، أيّ أنّ المواطن لا يستطيع اختيار دينه بكلّ حرّيّة، والمنظومة الدّينيّة لدينا وراثيّة محضة، فالأبناء على دين الآباء كما الأجداد.

كما كان لنا تجربة فريدة مع مسيحيّي الموصل الّذين تهجّروا إلى الأردنّ مدّة ثلاث سنوات وقد فتحنا لهم أبواب أديرتنا، هم ضيوف أعزّاء... وبعد توطين غالبيّتهم في بلاد الانتشار بين أميركا وأستراليا وكندا، أصبحوا هؤلاء بعد سفراء للإعلام من حيث لم يدروا، حيث إنّ الإعلاميّ اليوم أصبح يكتفي بهاتفه النّقّال الذّكيّ كي ينقل الخبر بالصّوت والصّورة لأكبر رقعة مهمّة بما يجري بمكان ما.

إخوتي الأحبّاء، في العالم الواحد أصبح هناك من ثلاثة إلى خمسة أشخاص يقتلون بسبب عملهم في مهنة الإعلام في العالم، وبسبب النّزاعات المسلّحة وجلّها في الشّرق الأوسط، حتّى في بلدي الأردنّ الّذي كان بمنأى عن ذلك، وقبل عام مضى اغتيل شابّ مفكّر وسال الدّمّ الذّكيّ حضن تراب الوطن الشّهيد ناهض حتر.

إخوتي لا يسعنا إلّا أن نرفع الصّلاة لأجل استمرار الإعلام بنشر رسالته للمسكونة كلّها وعلى كافّة بقاع هذه البسيطة الفانية، لأجل أن يكون الإعلام المسيحيّ متّحدًا نحو الآخر المختلف لأجل إعلاء الحقّ الّذي يحرّر من براثم خطايا البشر".