متفرّقات
09 تشرين الأول 2023, 05:25

صرخة للمؤتمر المسيحي الدائم: غالبية اللبنانيين مشاريع ضحايا حتى يستيقظ الضمير

تيلي لوميار/ نورسات
أمام تردّي الأوضاع في لبنان، وأمام استمرار لامبالاة المسؤولين وصمتهم تجاه الإنهيار على جميع الصعد، توقف المؤتمر المسيحي الدائم -المنبثق عن إتحاد أورا والمؤلف من 60 مؤسسة وجمعية عاملة في ميادين الخدمة العامة- في اجتماعه الدوري الأخير بشكل خاص عند الأوضاع الإستشفائية الصعبة التي يعاني منها اللبنانيون الأمرّين، في غياب أي خطة أو إجراء جدّي يجعل حق الإستشفاء والطبابة مؤمناً لهم، وأطلق الصرخة التالية:

"إعتدنا نحن اللبنانيين وبكل أسف على فكرة الموت، والسقوط بغتة، حاملين صفات مختلفة: شهداء واجب، ضحايا حرب أو تفجير أو قتلى إهمال أو جوع أو غيره...

ولكننا اليوم بتنا نشهد موتاً من نوع آخر، بات أخيرا يفتك باللبنانيين تباعا، يحصدهم بصمت، يحمل صفة الجريمة بامتياز، وكل عزيز نفس هومشروع ضحيّة له... إنه الموت ب"مرض الكرامة."

نعم...نحن "مرضى الكرامة" مشاريع قتلى، مشاريع ضحايا جريمة ترتكب باستمرار وعن سابق تصوّر وتصميم. كيف لا وهذا المرض سوف يقتلنا عاجلاً أم آجلاً، بالوكالة عن أي مرض آخر لأن الإستشفاء في زمن الإنهيار أصبح ترفاً بغالبيتنا لا نملكه، وكرامتنا لا تسمح لنا بأن نستعطيه... 

كرامتنا تؤلمنا، ويشتدّ ألمها حتى يكاد ينسينا آلام المرض، فنسقط كما سقط منذ فترة كاهن لأنه رفض أن يمنّ عليه أحد بكلفة الإستشفاء، أو كما فضّل ربّ عائلة الإستسلام للمرض والرحيل، على العيش مقصّراً تجاه عائلته، أو كما اختارت أمّ الموت بكرامة على أن يستعطي أبناؤها علاجاً قد يمدّ بأيامها قليلاً ويجرّح بكرامة عائلتها كثيراً... فأين أنتم أيها المسؤولون؟!

الكاهن وربّ العائلة والأم لم يموتوا لأنّ عمرهم انتهى، بل لأن الضمير انتهى. هؤلاء ليسوا موتى ولكنّهم قتلى. فالميت هو من تأمّن له كلّ اللازم ومات، أمّا القتيل فهو الذي مات لأن أقل اللازم لم يتأمن له. وهذا هو الفرق، كل الفرق. لذلك، نعم، جميعنا مشاريع قتلى إلى أن يعي كلّ مسؤول جريمته ويفتّش عنّا، عن صحّتنا، عن حياتنا، وعن كرامتنا. نعم، كلّنا مشاريع قتلى إلى أن يصبح على الأقلّ حقّنا بالصحة واجب كل من يسمّي نفسه مسؤولاً، وليس منّة من أحد. حتى العطاء فيه الكثير من الذلّ إذا لم يقدّم كواجب وليس كمنّة. الفقير لا يجوع إلى الطعام بقدر جوعه إلى الحبّ والإهتمام، والمريض لا يحتاج إلى الدواء بقدر حاجته إلى الكرامة والعناية. 

 

المطلوب والضروري هو أن ينزل كلّ مسؤول عن عرشه المزيّف ويفتش عن كل مريض ويؤمن له ما يلزم، لا أن يركض المريض أو أهله وراء المسؤول ليستعطي حقّه. المطلوب والضروري هو أن يضع المسؤولون أينما وجدوا برنامجاً عادلاً يستفيد منه الجميع، لا أن يكتبوا بأنفسهم الحياة لمن يريدون من المحظيين أو أصحاب الحظّ الأوفر...

وأخيراً، إلى كلّ مسؤول عمّا وصلنا إليه نقول: إحذروا، "ما حدا عراسو خيمة"، شهداء الكرامة صاروا في حضن الربّ، قرب أذنيه وقلبه، والويل لكم إذا ما شكوكم إليه..."