لبنان
28 كانون الثاني 2019, 06:00

صلاة وحدة الكنائس في أبرشيّة طرابلس المارونيّة

إستضافت أبرشيّة طرابلس المارونيّة وبدعوة من راعيها المطران جورج بو جوده الصّلاة المسكونيّة، صلاة لأجل وحدة المسيحيّين- في كنيسة مار يوحنّا المعمدان في حارة الجديدة في مجدليّا قضاء زغرتا.

 

شارك في الصّلاة السّفير البابويّ في لبنان المونسنيور جوزاف سبيتاري، رئيس أساقفة أبرشيّة طرابلس المارونيّة المطران جورج بو جوده، القائم بأعمال السّفارة البابويّة المونسنيور إيفان سانتوس، رئيس اللّجنة الأسقفيّة للعلاقات المسكونيّة راعي أبرشيّة زحلة المارونيّة المطران جوزف معوّض، النّائب البطريركيّ المطران جوزاف نفّاع، راعي أبرشيّة البترون المارونيّة المطران منير خيرالله، متروبوليت طرابلس والكورة وتوابعهما للرّوم الأرثوذكس المطران أفرام كيرياكوس، متروبوليت طرابلس والشّمال للرّوم الملكيّين الكاثوليك المطران ادوار جاورجيوس ضاهر، إلى لفيف من الكهنة والرّهبان والرّاهبات. وبحضور رئيسة بلديّة مجدليا جومانا بعيني، وحشد من المؤمنين.

في بداية الصّلاة تحدّث منسّق اللّجنة المسكونيّة في الشّمال الخوري شارل قصّاص فقال:" "أقدّم لك قضاة فيحكمون فيما بين الشّعب حكمًا عادلًا" تحت هذا العنوان نجتمع اليوم لنصلّي ونعمل من أجل وحدة الكنائس".

بعد الإنجيل المقدّس تحدّث المطران نفّاع فقال: "عنوان هذا اللّقاء "أقدّم لكم قضاة يحكمون حكمًا عادلًا فيما بين الشّعب" والسّؤال المطروح لماذا نتحدّث عن العدالة الاجتماعيّة ونحن نصلّي للكنيسة. إنّ من يعرف قصة الكتاب المقدّس، يدرك تمامًا أن الرّابط بينهما قويّ جدًا، لذلك سوف أسمح لنفسي بهذه الأمسية الطّيّبة، أن أخبركم قصّة العهد القديم، لأنّ هذه الآية هي من العهد القديم، وهي جاءت من فترة الأنبياء. كلّنا يعلم أنّ شعب الله المختار بدأ حياته في مصر، واستعبد، وحرره الله، وشقّ البحر مع موسى ونقلهم إلى الضّفة الأخرى، وبقوا أربعين عامًا يسيرون في الصّحراء، وتحمّلوا الحرّ والبرد والتّعب والجوع والعطش، وما جعلهم يصبرون هو أنّ الرّبّ سوف يأخذهم إلى أرض المعاد، أرض تدرّ لبنًا وعسلًا، وهناك سوف يرتاحون.

وصل الشّعب ودخلوا إلى أرض وكانت هذه الأرض فعلًا تدرّ لبنًا وعسلًا، ولكن عندما وضعوا أرجلهم في أرض المعاد، لم يروا يومًا واحدًا فيه راحة، لأنّهم اختلفوا على العسل واللّبن، وانقسمت المملكة إلى قسمين، ودارت حروب ومشاكل، والملك الذي كان يجب أن يهتمّ بالشّعب أصبح متلهيًا بالحرب، وأصبح من ليس له ضمير يأكل مال الفقير، وأكملوا في رشوة القضاء حتّى لا يحكموا بالعدل، وكانت النّتيجة إن المملكة تدمّرت وأخذ الشّعب إلى السّبيّ، وضاعت كلّ أحلامهم وما كانوا ينتظرونه.

أضاف المطران نفّاع: "صلّوا كثيرًا، ولكنّ الرّبّ لم يستجب، وكفر الشّعب، ونعت ربّه بأنّه قاسي، لأنه لا يستجيب، فقد كان هناك مشكلة كبيرة، وقال لهم الرّبّ على لسان الأنبياء، لماذا أنا بنيت هيكليّ في أورشليم، فلم يعرفوا ذلك، فقال لهم لأنّ الهيكل مبنيّ في وسط الشّعب، لأني أتيت أن أسكن وسطكم، فإذا انقسمت المدينة نصفين فأين يصبح الهيكل؟ فكانت كلمة الرّبّ لهم "إنّ انقسامكم هجرني، ولم أعد أستطيع أن أساعدكم".

فالحلم هو أن نكون واحدًا، هذه هي العبرة من القصّة، وأنتم مهما كان الانقسام ومهما كانت أسبابه لا يستطيع الله أن يرضى عنه، لأنّ الانقسام يهجر الله، لذلك فهو يطلب منّا أن نقاضي بالعدل حتّى يستطيع أن يسكن بيننا، هل هذا الأمر صعب أو مستحيل أكيد لا".

وقال: "اجتماعنا اليوم لا يستطيع أن يصنع الوحدة العقائديّة بيننا، ولا أعرف إذا كان احدًا يعلم ما هو الاختلاف العقائديّ بيننا، ما هو مطلوب هو أهم من ذلك وأمر أساسيّ، لاحظوا في العهد القديم إنّ ما يهمّ الله هو إذا كان الشّعب موحّدًا او منقسمًا، أنتم الشّعب ونحن معكم، اجتماعنا اليوم هو الأساس، لنبدأ أن نكون نحن قضاة العدل، العدل تجاه بعضنا البعض، لأنّه مرّات كثيرة نكون ظالمين في أمور نعتبرها ثانويّة، فإذا كنت تشهّر بأيّ كنيسة أخرى فأنت ظالم، كنيستي ليست للتّشهير وكذلك كنيستك، مطلوب منّا أن نكون عادلين مع بعض، وأن نعيش أخوة مع بعضنا البعض، ولن أسمح لنفسي أن أتناول أيّ شيء من كنيسة الآخر أو تراثه أو قدّاسه، لأنّ ذلك ليس في محله، والكلمة ليست كلمة عدل، فالعدل هو أن أنظر إلى الآخر وأرى الغنى الذي يقدّمه لي".

وإختتم المطران نفّاع يقول: "نحن في هذه الأمسية نستمع إلى تراتيل من تراثات مختلفة، ونرى كم نحن أغنياء بعضنا ببعض، للأسف هناك أناس من شعبنا تدين بعضها على وسائل التّواصل الاجتماعيّ، وتقول إنّ فلانًا من الكنيسة الفلانيّة فهو لا يستحقّ السّماء، وهذا أمر مرفوض، جعلنا من أنفسنا ديّانين، بيدنا الخلاصّ، وبيدنا الهلاك، أوقات كثيرة تقولون لنا إنّ المشكلة هي نحن الأساقفة لذلك الكنيسة ليست موحّدة، هنا أريد أن إرجع إليكم الكرة بالقول إصنعوا الوحدة فيما بينكم فتجبرونا بالعمل عليها، لا بل أقول أكثر كلّنا لدينا رغبة هائلة في قلوبنا هو أن تكون الكنيسة موحّدة، ومن دعاكم على هذا اللّقاء المبارك هم الأساقفة ووجودهم بينكم اليوم هو دليل أنّه في قلوبهم هدف يعملون من أجله".