متفرّقات
11 تشرين الثاني 2022, 08:15

طاولة مستديرة لكاريتاس أوصت بحلّ النزاعات بين أصحاب العمل والعاملات الأجنبيات سلميًّا من دون اللجوء إلى القضاء

تيلي لوميار/ نورسات
عقدت رابطة "كاريتاس" - لبنان، ضمن مشروع "ميرا" الممول من الاتحاد الأوروبي والمنفذ بالشراكة مع "كاريتاس" - النمسا، "مؤسسة عامل الدولية" ومنظمة "كفى"، طاولة مستديرة حول "حل النزاعات: الحق في التمثيل القانوني والمحاكمات العادلة"، في فندق بادوفا - سن الفيل، حيث تناولت طرق حل النزاعات بين أصحاب العمل والعاملات الأجنبيات، سواء القضائية منها أم غير القضائية، لضمان حقوق الطرفين وعدالة المحاكمة، بحضور ومشاركة رئيس الرابطة الأب ميشال عبود، ممثلين عن الوزارات والأمن العام وقوى الأمن الداخلي، ممثلين عن السفارات والقنصليات، ممثلين عن الجمعيات وممثلين عن الجاليات الأجنبية.

وبعد كلمة الافتتاح، التي ألقتها مسؤولة قسم الأجانب في الرابطة حُسن صياح، والنشيد الوطني، كانت كلمة لرئيس الرابطة الأب ميشال عبود استهلها بحوار دار بين الفيلسوف فولتيرVoltaire ونظيره الإلماني ليبنتزLeibniz، وقال: "في أحد الأيام سأل فولتير ليبنتز: "لم الحياة مليئة بالمعانات؟ هناك المجاعات والحروب والأمراض والمشردين والمعوزين، لم كل هذا"؟ أجابه ليبنتز قائلا: "إذهب واعمل في حقلك"، وأوضح الأب عبود أن ليبنتز "أراد أن يقول له بذلك أن يلجأ إلى العمل، لأنه الحل الوحيد ليطرح عنه جانبًا العوز والرذيلة والملل".
أضاف: "العمل هو الوظيفة والمهنة التي يقوم بها كل واحدٍ منا من أجل العيش الكريم لنا ولعائلاتنا، حيث نحقق به ذواتنا وأهدافنا. ويقوم على مرتكزات أساسية، منها المساواة وتكافؤ الفرص والحياة الكريمة، وتأمين الاحتياجات الأساسية لكل فرد"، مشيرا إلى أن "العمل يحتاج إلى العدالة ليكون إنسانيًّا".
واذ سأل عما اذا كانت هذه العدالة في العمل موجودة فعلا، استدرك قائلا: "لو أن العدالة حاصلة، لما كنا مجتمعين اليوم هنا نطالب بها. لما كانت المجتمعات تعاني الأمرين. لو أن العدالة موجودة، لما كان هناك فقير يتوسل لقمة عيشٍ ولا مريض يموت أمام باب المستشفى ولا مشرد ينام على قارعة الطريق. لو أن العدالة موجودة لما كان هناك جمعيات خيرية تعتمد على الهبات من الجهات المانحة، لو أن العدالة موجودة لما كانت كاريتاس ولما كنا هنا اليوم".
وأكد الأب عبود أنه "رغم تطور العلوم والمعرفة في زمن التكنولوجيا والاختراعات المبهرة، إلا أننا ما زلنا نعيش في زمن من البربرية، متخفي وراء شعارات حرية الإنسان والمساواة والعدالة الاجتماعية وحقوق الطفل والمرأة والعامل والمهاجر، خصوصا في ظل ما أفضت إليه العولمة، من تعميق الفجوة بين الأغنياء والفقراء، والانتباه إلى التناقض بين ادعاء تحقيق الرَفاه le bien etre والعيش الكريم للجميع، وما تعيشه البشرية فعلًا من فقر يطال ملايين البشر".
وإذ لفت إلى أنه "بالرغم من ابتكارات علماء وعظماء هذا العالم الفكرية لتنظيم المجتمعات وتحقيق المساواة بين الافراد، ما برحت العدالة الإنسانية للأسف مفقودة"، شدد على أن "القوانين وحدها لن تنجح في تحقيق العدالة"، موضحًا أننا "لم نختَر من نكون، لكن من خلال حريتنا نستطيع أن نختار أن نبني بعضنا البعض، بالرغم من اختلافاتنا في اللون والعرق والتقاليد والثقافة".
وأضاف: " إن البعد الإنساني للعمل العادل يقوم على تحرير الإنسان من الحاجة وحفظ كرامته وعدم تشييئه (جعله شيئًا)، بل التعامل معه على أنه عنصر فاعل وغاية بحد ذاته، لا مجرد أداة، واعتباره شريكا في العملية الانتاجية، له الحق في التمتع بما انتجه، او بالنظر إلى العمل كمجال لتحقيق انسانيته او تحرره"، معتبرا أنه "ليس علينا ان ننتظر العدالة ليصبح العمل إنسانيًّا، بل على الإنسانية والضمير الإنساني أن يحتوي العدالة فيصبح العمل إنسانيًّا، وبالتالي تكون النتيجة عادلة". ودعا الأب عبود إلى "السعي معًا كلٌ من موقعه، الطبيب من عيادته والمهندس من مكتبه والمشرع من قوانينه والمدرس من صفه والعامل من عمله والأم من منزلها والكاهن من رعيته إلى شبك الأيادي بكل تواضع وتسامح ومحبة من أجل صنع خير الفرد خاصة وبنيان الإنسانية عامة، وإلا فعلى الدنيا السلام".
وختم: "الوصية الإلهية في بدء التكوين تقول:" من عرق جبينك تأكل خبزك"، لا من انحناء جبينك. فالإنحناء لله وحده، هو الذي قال: "لا أدعوكم عبيدًا بعد اليوم، بل دعوتكم أحبائي".
وبعدها، جرى عرض توصيات الطاولة المستديرة الخاصة بالحق في الأجر ومعالجة النزاعات الحاصلة بين أصحاب العمل والعاملات في الخدمة المنزلية، وأبرزها إنشاء مراكز وساطة لحل كافة النزاعات المتعلقة بالمعنيين بمتابعة المشاكل الناشئة حول الخدمة المنزلية سواء أصحاب العمل أو العاملات في الخدمة المنزلية أو مكاتب الاستقدام أو أي طرف كان.


الجلسة الأولى
وتمحورت الجلسة الأولى حول الحق في التمثيل القانوني والمحاكمات العادلة، وشارك فيها كلٌ من: رئيسة قسم العلاقات الخارجية  بالانابة في وزارة العمل دينيز دحروج، عضو مجلس القضاء الأعلى القاضي ميراي حداد، رئيس مكتب مكافحة جريمة الاتجار بالبشر- المديرية العامة لقوى الامن الداخلي المقدم شربل عزيز، رئيس مجلس الكتاب بالعدل الاستاذ ناجي الخازن، والمحامي ايلي رزق من YAZCONSULT.

الجلسة الثانية
وأدار الجلسة الثانية المحامي رفيق زخريا، وجرى خلالها التطرق إلى موضوع حل النزاعات بالطرق اللاعنفية البديلة (السلمية)، وتبادل المشاركون آراءهم المختلفة حوله.

التوصيات
وتوافق المشاركون خلال الجلسة على توصيات عدة أبرزها:

  • "تفعيل دور المساعدات الاجتماعيات اللواتي ينتَمِينَ إلى وزارة العمل، والاستعانة بهن، وإعلام العاملة بأنه بوسعها في حال تعرضت لأي تعنيف أو سوء معاملة، أن تلجأ إلى اقرب مركز للشؤون الاجتماعية، حيث يمكن توجيهها إلى من تلجأ في حال ارادت تقديم دعوى او شكوى.
  • خلق "وحدة مساعدين اجتماعيين" لحضور الجلسات مع العمال في الخدمة المنزلية تماما كما هو الحال مع مندوبي الأحداث الذين يحضرون الجلسات مع الأحداث.
  • توعية العاملات على أنه يمكنهن تقديم دعوى أمام مجلس العمل التحكيمي من دون الحاجة إلى توكيل محام، إضافة إلى وجود ممثل عن أصحاب العمل وممثل عن العمال، علمًا أن هذه الدعاوى معفاة من الرسوم.
  • التأكيد على أن مجلس العمل التحكيمي متخصص في كافة قضايا العمل بما فيها قضايا العمال الأجانب، أما في حال كانت العاملة الاجنبية مستثناة من قانون العمل، فإن المجلس لا يطبق عليها قانون العمل بل قانون الموجبات والعقود.
  • حلّ النزاعات بطرق سلمية وودية من دون اللجوء إلى القضاء، من منطلق ان افضل السبل لحل النزاعات يكون عبر الوساطة.
  • التأكيد على أن القانون يفرض على كتاب العدل صدور أوراق رسمية من قبلهم باللغة العربية الا أن ذلك لا يمنع ان يرفق معها نص باللغة الاجنبية، فعقد العمل يمكن أن يصدر بأي لغة أخرى بالاضافة إلى اللغة العربية الملزمة، ويصدق عليه كاتب العدل.
  • التأكيد على أن القانون يفرض على كاتب العدل أن يتأكد من كون العاملة الأجنبية أو أي طرف آخر قد فهم مضمون المستندات قبل التوقيع عليها.
  • تأكيد على أهمية توقيع الطرفين (أي العاملة الأجنبية وصاحب العمل) على عقد العمل أمام كاتب العدل.
  • لا يمكن لكاتب العدل أن يصدر أي مستند رسمي من دون أوراق ثبوتية، لذلك يتوجب على القنصليات أو السفارات أن تحتفظ بنسخة طبق الأصل عن أوراق العاملة الثبوتية لتمكينها في المستقبل من القيام بأي عمل قانوني بالاستناد إليها.
  • الإطلاع وتفعيل المذكرة العامة التي صدرت بالتنسيق مع الجمعيات وحددت أصول التقاضي وواجبات المحقق، والتي تتضمن مبادئ من بينها احترام الضحية، عدم التمييز على أساس الجنس وعدم توجيه عبارات نابية والتحقيق مع الأشخاص بكل تجرد، وغيرها".