ثقافة ومجتمع
05 كانون الثاني 2017, 15:00

عادات وتقاليد عيد الغطاس.. "دايم دايم"

سبعة أزمنة تتعاقب في السّنة الطّقسيّة التي تتبع إليها الكنيسة: زمن الميلاد والمجيء، زمن الغطاس والدّنح، زمن الموتى، زمن الصّوم والآلام، زمن القيامة والصّعود، زمن العنصرة وأخيرًا زمن الصّليب.

إنقضى الزّمن الأوّل منها، فمرّ الخامس والعشرون من كانون الأوّل وعيّد المسيحيّون الميلاد المجيد بالصّلاة وتبادل الهدايا ولبس الثّياب الجديدة؛ ومرّ أيضًا الأوّل من كانون الثّاني واحتفل المسيحيّون برأس السّنة بالرّقص والغناء وفرح اللّقاء.

وها هو الزّمن الثّاني يطرق، في ليل 5 - 6 كانون الثّاني، باب الكنيسة حاملًا معه جملة تقاليد وعادات يتّبعها المسيحيّون في كلّ عام للاحتفال بعيد الدّنح الذي يرمز إلى اعتماد السّيّد المسيح في نهر الأردن على يد يوحنّا عند بلوغه الثّلاثين من العمر.

 

لطالما تميّزت هذه اللّيلة بأهمّيّة كبيرة ومكانة عالية عند المسيحيّين، فمنذ القدم كان النّاس يمتنعون عن النّوم بفرح وسرور وترقّب حتّى منتصف اللّيل، ويبقون الأنوار مضاءة والشّبابيك مفتوحة ليمرّ المسيح ويبارك الأسر فتتردّد عبارة "دايم دايم" أي ليكن سرورُكم واغتباطكم دائماً.

تهتمّ النّساء، في هذا اليوم، بإعداد "بركة العيد" أي الحلويات المتنوّعة والخاصّة بالمناسبة كالزّلابية والعوَّمات والمعكرون وأصابع العروس والقطايف والمشبّك وكعكة الملوك. ولهذه المأكولات دلالة، ألا وهي تغميس العجينة بأشكالها المختلفة بالزّيت وإعادة إخراجها تذكيرًا بفعل اعتماد السّيّد المسيح. والزّلابية تحديدًا تدلّ على شكل إصبع لأنّه يُرْوى أنّ القدّيس يوحنّا المعمدان، عندما جاء السّيّد المسيح ليعتمد على يديه، أشار إليه بإصبعه وقال: «هذا هو حمل الله». كما وأنّ النّسوة يضعْنَ عجينة على أغصان شجرة العيد ليباركها السّيّد المسيح وتصبح خميرة يؤخَذ منها جزء صغير فتخمّر كمّيّة كبيرة من العجين.

الطبيعة كذلك تنتظر قدوم السّيّد المسيح إذ إنّها تسجد له لحظة مروره ما عدا شجرة التّوت التي ترمز إلى الكبرياء فيُحلَّل إشعال حطبها في هذه اللّيلة.

وفي اليوم التّالي، يُسارع النّاس إلى استبدال عبارة "صباح الخير" بعبارة "دايم دايم". كما وأنّهم في هذا اليوم،  يجلبون زجاجات وأباريق المياه للصّلاة عليها خلال قدّاس العيد والتّبرّك منها، إذ إنّها تُطهَّر وتتجدّد، فنرى كهنة الرّعايا يطوفون على المنازل والحقول ليرشّونها بالماء المقدّس.

لهذا العيد إذًا الأولويّة عند المسيحيّين لارتباطه بالمياه التي تشكّل العنصر الأهمّ في حياة البشريّة، خصوصًا في منطقتنا المتوسّطيّة؛ هذه المياه أُعطيَت، بعد اعتماد السّيّد المسيح، قوّة تمنح الحياة الرّوحيّة.

 

في هذه اللّيلة المباركة، وعلى أمل أن تستقبل منازلنا السّيّد المسيح بالصّلاة والفرح والخشوع، نصلّي أن يحلّ السّلام على وطننا ويظل "دايم دايم"..