لبنان
22 تموز 2025, 07:50

عبد السّاتر في عيد مار الياس: مدعوّون إلى أن ننزع منّا الخوف أمام المحن

تيلي لوميار/ نورسات
لمناسبة عيد مار الياس الحيّ، احتفل راعي أبرشيّة بيروت المارونيّة المطران بولس عبد السّاتر بالقدّاس الإلهيّ، ليلة العيد، في كنيسة القدّيس في العباديّة، عاونه فيه خادم الرّعيّة الخوري إدمون أبي خليل، بحضور عدد من الفعاليّات وحشد من المؤمنين.

تلا القداس لقاء مع أبناء الرّعيّة وبناتها في صالون الكنيسة، تخلّلته كلمة للخوري أبي خليل قال فيها بحسب إعلام الأبرشيّة: "ما أجمل أن يجتمع الاخوة تحت سقف واحد، الأرض تهلّل والسّماء تبارك. نلتقي كما كلّ عام حول شفيعنا مار الياس للصّلاة والاحتفال والمشاركة الرّعويّة، أمّا هذه السّنة، ومع يوبيل الرّجاء، فنحظى بإنعام خاصّ من صاحب السّيادة المطران بولس عبد السّاتر السّامي الاحترام. حضوركم سيّدنا يزيد فرحنا ويضفي رونقًا على لقائنا. نشكر سيادتكم على احتفالكم في هذا القدّاس، ونرفع معًا الصّلاة إلى الرّبّ ليزيدكم نعمًا وصحّة وليديمكم بركة أينما وُجدتم، وليغنيكم أكثر فأكثر من مواهب روحه القدّوس. ومع سيادتكم نصلّي على نوايا أبناء هذه الرّعيّة، حاضرين وغائبين، مقيمين ومغتربين، ليبقوا شهودًا للإيمان والرّجاء ولعيش المحبّة بحسب رغبة قلب يسوع ومشيئته، له المجد إلى الإبد. آمين".

أمّا في صباح العيد، فاحتفل المطران عبد السّاتر بالقدّاس الإلهيّ في كنيسة مار الياس في المريجة، عاونه فيه خادم رعايا المريجة واللّيلكي وتحويطة الغدير الخوري يوحنّا روحانا، بحضور رئيسة دير ومدرسة راهبات المحبّة الأخت تيريز كرم، وفعاليّات المنطقة وأبنائها. 

وفي ختام القدّاس، كانت كلمة للخوري يوحنّا روحانا شكر فيها عبد السّاتر على أبوّته وعلى اطمئنانه الدّائم على أولاد الرّعيّة وأحوالهم ولاسيّما في فترة الحرب الأخيرة، وقدّم له باسمهم جميعًا مجسّمًا مصنوعًا من شظايا صاروخ أصاب الكنيسة ومن صليب مأخوذ من زجاج الكنيسة المكسور بفعل القصف الّذي طال محيطها. 

وبعد القدّاس الّذي خدمته جوقة الرّعيّة، التقى عبد السّاتر المؤمنين في صالون الكنيسة.

وكان المطران عبد السّاتر تطرّق في عظته إلى ما يميّز النّبيّ إيليّا، فقال:

"الشّكر لله الثّالوث الآب والابن والرّوح القدس الّذي يجمعنا معًا في هذا الوقت لنحتفل بالفرح وبالرّجاء بعيد القدّيس إيليّا النّبيّ.

الشّكر لله الثّالوث الحاضر دومًا في حياتنا ليعزّينا في حزننا وشقانا وليشجّعنا في الضّيقات والمِحَن وليمنحنا ذاته فنتحوّل به إليه ونصير علامات على حبّه لكلِّ إنسان مهما كان دينه أو جنسه أو لونه أو حاله.

لنتأمّل يا إخوتي وأخواتي في حياة هذا النّبيّ العظيم لنستخلص منها العبر لحياتنا نحن في هذه الأيّام الّتي نقلق فيها على مستقبلنا ومستقبل أولادنا من بعدنا.

كثر هم الّذين لا يذكرون ولا يتذكّرون من حياة نبيّنا إلّا العجائب الّتي صنع وجرأته في مواجهة الملك آحاب وقتله لكهنة الإله بعل. وقليلون هم الّذين يتحدّثون عن قلقه وخوفه وهربه من أمام وجه الملكة إيزابل. وأقلّ هم الّذين يذكرون تردّده وأسئلته إلى الله وحتّى يأسه.

إخوتي وأخواتي، ما يميّز النّبيّ إيليّا وما يجعله عظيمًا ليست فقط جرأته وغيرته وقوّته. ما يجعله نبيًّا لا يُنسى وشفيعًا لعدد كبير من النّاس هو ثباته في الله على الرّغم من المِحَن والضّيقات والخوف. ما يجعله مميّزًا هو إيمانه الثّابت بالله مخلّصًا وأمينًا لوعوده على الرّغم من الاضطهاد ومن بقائه لوحده في مواجهة بعل وأتباعه.

كان يُدرك إيليّا ضعفه ومحدوديّته وأنّه من دون الله لا يستطيع شيئًا لذلك بقي مرتبطًا به مصغيًا إليه وطائعًا له. وضع ذاته بين يدي خالقه وسار بهَديِه ولو لم يفهم دومًا إرادة الله في حياته. وثق بباريه وأحبَّه في السّرّاء والضّرّاء فرفعه الله على عربة النّار إلى قربه.

ونحن يا إخوتي وأخوتي، مدعوّون إلى الثّبات على إيماننا بالربّ يسوع إلهًا ومخلّصًا ومنتصرًا على كلِّ موت. نحن مدعوّون إلى أن ننزع منّا الخوف أمام المِحَن والاضطرابات والضّيقات لأنّ الله معنا وهو يحبّنا وسيحمل معنا بل عنّا صليبنا. نحن مدعوّون إلى أن نثق بأنّه سيحقّق فينا ما هو لخيرنا حتّى ولو بدا بعيدًا أو غائبًا، وحتّى ولو صمت ولم يجب على تساؤلاتنا ولا استجاب لطلباتنا ولا تمّم أمانينا.

إخوتي وأخواتي، وثق إيليّا بالله وأحبّه من كلّ فكره وقلبه، وسار على دربه حاملًا كلمته. واجه بالله الاضطهاد والخوف والحكّام. خاف أحيانًا وتردَّد أحيانًا أخرى. هرب ولكنّه عاد لأنّه آمن أنّ الله صادق وأمين ومخلّص. فلنسلّم ذواتنا للرّبّ وليتمّم إرادته في حياتنا. آمين".