لبنان
29 كانون الثاني 2024, 14:50

عبد السّاتر: كم نحتاج نحن اللّبنانيّين إلى أن نرتدّ وأن نعمل على تحقيق المصلحة الوطنيّة فقط

تيلي لوميار/ نورسات
ترأّس راعي أبرشيّة بيروت المارونيّة ووليّ جامعة الحكمة القدّاس الاحتفاليّ بعيد تأسيس الجامعة الـ149 وعيد اهتداء بولس الرّسول، وذلك في كاتدرائيّة مار جرجس- بيروت، عاونه فيه النّائب العامّ المونسنيور إغناطيوس الأسمر والنّائب الأسقفيّ لشؤون القطاعات المونسنيور بيار أبي صالح.

وشارك في القدّاس الإلهيّ المطران بولس مطر، والمطران الياس سليمان، والنّائب البطريركيّ للسّريان الكاثوليك في بيروت المطران شارل مراد، ورئيس عامّ الرّهبانيّة الأنطونيّة المارونيّة الأب جوزف بو رعد  ممثّلًا بالمدبّر الأب ابراهيم بو راجل، والمونسنيور نبيه معوّض، والمونسنيور مارون كيوان، والمونسنيور جوزيف البواري، والمونسنيور هنري كرم، ورئيس جامعة القدّيس يوسف الأب سليم دكّاش، ورئيس الجامعة الأنطونيّة الأب ميشال السّغبيني ممثّلًا بالأمين العامّ للجامعة الأب زياد معتوق، والرّئيس السّابق لجامعة الحكمة الخوري خليل شلفون، وأمين عامّ المدارس الكاثوليكيّة الأب يوسف نصر، ورؤساء مدارس الحكمة ومعهدها التّقنيّ، وكهنة المطرانيّة، والكهنة أفراد الهيئة التّعليميّة في جامعة الحكمة، ولفيف من الكهنة والآباء، وبحضور الرّئيسة العامّة للرّاهبات الأنطونيّات الأمّ نزهة الخوري والأخت زاهية فرنجية ممثِّلة الرّئيسة الإقليميَّة لراهبات المحبّة للقدّيس فانسان دو بول وعدد من الراهبات، وحشد من الفعاليّات والشّخصيّات السّياسيّة والأكاديميّة والقضائيّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة والنّقابيّة.  

وبعد الإنجيل المقدّس، ألقى المطران عبد السّاتر عظة قال فيها: "جميل أن يجتمع الإخوة والأخوات في بيت الرّبّ ليسبّحوه ويشكروه على نعمه، وليحتفلوا معًا بعيد ارتداد القدّيسِ بولس شفيعِ جامعتهم الحكمة، هذا الصّرحِ الأكاديميّ والإنسانيّ والكنسيّ العريقِ الممتدِّ في الزّمن والمتجذّرِ في قلب بيروت العاصمة وقلبِ الأبرشيّة. إنّه عيدُ جامعة المطران الّتي أودّ أن تكون دومًا صرحَ العلم المتجدِّدِ الّذي يستقبل كلَّ من يسعى خلفَ المعرفة من أيّ منطقة أتى ومهما كانت إمكانيّاتُه شرط أن تكون لديه الإرادة أن يستعمل هذه المعرفة من أجل بناء وطنٍ وعالمٍ أفضل. وإنّني أنتهزها فرصة لأشكر حضرة البروفيسور جورج نعمه رئيس الجامعة، والرّؤساء السّابقين، مع الفريق العامل معه من هيئة تعليميّة وإداريّة على جهودهما الكبيرة والمستمرّة.

هذا العيد الّذي نحتفل به هو مناسبة لنتأمّل بالخطوة الكبيرة الّتي خطاها قدّيسنا بولس الرّسول إذ إنّه، وبعد أن التقى الرّبَّ على طريق دمشق، تحوَّل من رافضٍ ومضطهدٍ له إلى تلميذٍ له ومبشرٍ به. أدرك أنَّ الدّرب الّتي كان يسير عليها مع ما فيها من غضب وغيرة دينيّة متطرّفة وأعمالِ عنف تُسيء إلى الله فارتدَّ وغيَّر اتّجاه حياته وطريقةَ تفكيره وعمله.

وكم نحتاج نحن اللّبنانيين، شعبًا ومسؤولين إلى أن نرتدّ، إلى أن نغيّر اتّجاه حياتنا وطريقة تفكيرنا وعملنا. كم نحتاج إلى أن نتوقّف عن السّعي خلف المصلحة الفرديّة الآنيّة أو الحزبيّة أو الطّائفيّة، وأن نعمل على تحقيق المصلحة الوطنيّة فقط. كم علينا أن نتوقّف عن استغلال وطننا والآخرين وأن نتخلّى عن ذهنيّة الرّبح السّريع الّذي نسعى إلى تحقيقه بالاحتكار أحيانًا وبالتّهرّب من دفع ما يتوجّب علينا أحيانًا أخرى، وبالرّشوة وبالتّزلّم لمن يحمينا إذا أفسدنا. علينا أن ننبذ التّعصّب ونتخلّى عن الأحقاد التّاريخيّة ونمدّ جسور التّعاون والأخوّة، فننهضَ بلبنان جميعًا.

وعلى المسؤولين أيضًا في لبنان أن يرتدّوا، أن يتوقّفوا عن الخِطاب الوطنيَّ الزّائف ليعملوا باجتهاد وجِدٍّ من أجل إخراج وطنهم ومواطنيهم من الضّيق الّذي هما فيه. عليهم أن يَصدُقوا في كلامهم وأن يتّخذوا القرارات الّتي فيها خيرُ الوطن والمواطنين. وعلى المسؤولين في لبنان أن لا يتستروا خلف حُجَّة "إفلاس الدّولة" فيبرِّرون فسادَهم وكسلَهم وسوءَ تدبيرهم. عليهم أن يستعملوا وارداتِ الدّولة الحاليّة بحكمة ليتمكّن كلّ مواطن من أن يعيش بكرامة وأن يتعلّم وأن يتطبّب من دون أن يتسوَّل أو أن يفقد كرامته وقراره الحرّ.  

على المسؤولين في لبنان وخصوصًا المسؤولين في التّربية والتّعليم أن يعملوا على تجديد المناهج وتفعيل النّظام التّعليميّ الرّسميّ وتقويته والمحافظة على التّعليم الخاصّ ومؤسّساته الّتي ساهمت بشكل أساسيّ في تحويل لبنان إلى مدرسة وجامعة الشّرق، وعلّمت الألوف من كلّ مكوّنات المجتمع، وبالمجانِ أحيانًا كثيرة، فصاروا فاعلين في مجتمعهم وفي عالمهم. أنا أدعو المسؤولين ليسنّوا القوانين الّتي لا تزيد أعباء الأهل والمؤسّسات التّعليميّة من دون أن تحرم المعلّم العيشة الكريمة. ليعملوا على خلق علاقات تعاون بين المعلّمين والمؤسّسات التّربويّة والأهل لما فيه خير الطّالب وازدهار المعرفة.

إخوتي وأخواتي، لنطلب من ربّنا السّلام لمنطقتنا والأمان لأهلنا بشفاعة القدّيس بولس ولنعمل معًا ودومًا من أجل خير بلدنا والإنسان فيه. آمين".

وبعد القدّاس الإلهيّ الّذي خدمته جوقة من رعايا سيّدة الورديّة- كفرشيما والسيّدة- الحدت والسّيّدة- الفنار وجماعة بيت العناية الإلهيّة- الحدت، كانت كلمة لرّئيس الجامعة البروفسور جورج نعمة، في صالون الكاتدرائيّة، أطلق خلالها أربعة مشاريع مؤسّسية سيرتكز عليها العمل في المرحلة المقبلة من ضمن خطّة التّطوير الاستراتيجيّة ٢٠٢١ - ٢٠٢٦ الّتي تسعى من خلالها الجامعة إلى بلوغ موقع أكثر حداثة وتنافسيّة من ضمن قيمها المتمثّلة بإعلاء شأن الحرّيّة والعدالة والمسؤوليّة المجتمعيّة والكرامة الإنسانيّة.