عبد السّاتر: محبّتنا الكبيرة للبابا فرنسيس نترجمها بحفظنا لوصيّته والعمل بها
وبعد الإنجيل المقدّس، ألقى المطران عبد السّاتر عظة منطلقًا من أفكار البابا فرنسيس وأقواله، فقال بحسب إعلام الأبرشيّة:
"هدم الجدران وبناء الجسور: لم يكُن البابا فرنسيس يحبّ التّقوقع، وكان مثالًا لِمن يهدم الجدران ولم يخَفْ أن يتقرّب من الآخرين وأن يبني الجسور معهم. فلنتذكّر في حياتنا كلّ يوم أن نبني الجسور نحو الآخر ونبدأ معه حوارًا من دون أفكار وأحكام مسبقة.
في الحرب الجميع خاسرون: ردّد البابا فرنسيس هذه العبارة مؤكّدًا أنّه حتّى من يعتبر نفسه أنّه ربح الحرب هو خاسر، لأنّه تسبّب بمقتل الكثيرين وبالدّمار، وفَقَدَ محبّة النّاس. فلنتعلّم نحن أيضًا أن نكون صانعي سلام.
الأخوّة في الإنسانيّة: كان همّ البابا فرنسيس من البدء بالحوار بين الأديان أن يتكلّم النّاس مع بعضهم البعض، في سبيل تمكين الأخوّة في الإنسانيّة. وكان الحوار ليقول لكلّ شخص تجاهه: أنت إنسان وقيمتك كبيرة. كم نحن بحاجة إلى أن نتعلّم من البابا فرنسيس العمل من أجل تمكين الأخوّة في الإنسانيّة وأن يكون للآخر مكان في حياتنا وقلبنا وصلاتنا.
حضارة اللّامبالاة والنّفايات: كان يقصد البابا فرنسيس من خلال تكراره لعبارة "حضارة اللّامبالاة" الأشخاص الّذين همّهم الوحيد تكديس الثّروات وزيادة سلطتهم ونفوذهم ولو على حساب الإنسان وكرامته. وكان يقصد أيضًا كلّ واحد يمرّ بجانب أناس متألّمين أو مقهورين أو مرضى أو محتاجين ويتجاهلهم. أمّا "حضارة النّفايات" فهي الّتي تجعلنا كبشر، بحسب قداسة البابا، نعتبر، من أجل سلطة أو مال، أنّ هناك أشخاصًا لا نفع منهم ولا لزوم لهم كما النّفاية.
وللكنيسة وللمسؤولين فيها قال الحبر الأعظم كلمات وعبارات علينا نحن الكهنة والأساقفة أن نحفظها وأن نعمل بها:
أخرجوا إلى الأطراف: فمنذ بداية حبريّته قال البابا فرنسيس إنّه لا يريد كنيسة منغلقة على نفسها، بل يريد كنيسة تذهب إلى الأطراف، إلى الأشخاص الّذين لا يزورهم أحد، إن كانوا مرضى أو مسنّين أو مرذولين أو سجناء. أصرّ على الخروج من مكان الرّاحة والأمان والتّوجّه إلى الأطراف، وهذا ما ترجمه في عدد من زياراته الخارجيّة حين زار بلدانًا تُعتبر الكنائس فيها من الأطراف، ليقول لأبنائها إنّهم ليسوا في الطّرف وليسوا مهمولين أو متروكين بل إنّهم في قلب الكنيسة. ونحن أيضًا مدعوّين، ككهنة وأساقفة ومؤمنين، أن نذهب إلى الأطراف لنكون مع النّاس الّذين لا يهتمّ لأمرهم أحد.
كونوا بين خرافكم رعاة صالحين: حثّنا البابا فرنسيس على أن نكون دومًا بين الخراف، أن نسير أمامهم لندلّهم على الطّريق وفي وسطهم لنأخذ من رائحتهم وخلفهم لأنّ لديهم ما يدلّونا عليه وحتّى إذا ما أضاع أحد منهم الطّريق نحيط به لئلّا يضلّ ويهلك.
ليكن للعلمانيّين والمرأة دور أكبر في الخدمة والقرار: سلّم البابا فرنسيس العلمانيّين والعلمانيّات مسؤوليّات في دوائر الفاتيكان، وسلّم راهبات ونساء رئاسة دوائر بعدما كانت تقتصر إجمالًا على الكرادلة، وكلّ ذلك ليقول إنّ لكلّ واحد وواحدة من بيننا دور في الكنيسة ووزنات يمكنهم أن يضعوها بتصرّف الكنيسة، وليقول للمطمئنّين في مراكزهم، من كهنة وأساقفة: لا تنسوا أنّ أمامكم علمانيّين وعلمانيّات لديهم غنى استفيدوا منه، وتشاركوا معهم وتعاونوا معهم من أجل خير الكنيسة.
بابا الفقراء: عبارة لازمت اسمه قبل انتقاله إلى حضن الآب السّماويّ وتلازمه اليوم على لسان الجميع. فهو منذ بداية حبريّته، طلب تشييد أماكن خاصّة في ساحة الفاتيكان ليتمكّن المشرّدون والمحتاجون من الاستحمام وتناول الطّعام، لأنّه عاش ورأى في أبرشيّته في الأرجنتين، حين كان أسقفًا، الفقر والذّلّ الّذي يتعرّض له الإنسان إذا لم يكن ميسورًا أو صاحب سلطة. اختار، هو الحبر الأعظم، أن يهتمّ بالفقراء. ونحن ككنيسة مارونيّة وككنيسة في لبنان، إذا توقّفنا عن الاهتمام بالفقراء فهذا يعني أنّنا نمضي في طريق نهايته ليست جيّدة.
التّواضع، والتّجرّد، والاكتفاء بالضّروريّ: شدّد البابا فرنسيس دومًا على ضرورة أن نكون متواضعين ومتجرّدين وعلى أن نكتفي بالضّروريّ بدلًا من اقتناء ما لا نحتاج إليه.
العناية بالبيت المشترك أيّ البيئة: رحل البابا فرنسيس مسلّمًا إيّانا البيت المشترك، رحل وهمّه البيئة الّتي نعيش فيها، هو الّذي أقام سينودسًا من أجل منطقة الأمازون ليقول للبشريّة جمعاء ولأصحاب القرار في هذا العالم انتبهوا إلى البيت المشترك لئلّا يخرب على رؤوسنا جميعًا. فكلّ واحد منّا يتحمّل هذه المسؤوليّة حيث هو، وبخطوات بسيطة يمكننا الحفاظ على البيئة والأمثلة كثيرة كعدم هدر المياه وعدم قطع الأشجار للمتاجرة بحطبها، وغيرها.
محبّتنا الكبيرة للبابا فرنسيس نترجمها بصلاتنا أوّلًا لراحة نفسه وثانيًا بحفظنا لوصيّته والعمل بها مكملين المسيرة الّتي بدأها: المحبّة، الحوار، التّجرّد، التّواضع، وخدمة المتروكين والمنبوذين، آمين.
وكان القدّاس الّذي خدمته جوقة بيت العناية الإلهيّة، قد استُهلّ ثلاث تقدمات: صور البابا فرنسيس، كتاباته ورسائله وإرشاداته وتعاليمه، وشعلة الرّجاء.