لبنان
13 كانون الأول 2022, 13:30

عبد السّاتر من بيت مري: في هذا الوقت الّذي نمرّ به يظهر ثباتنا في إيماننا

تيلي لوميار/ نورسات
زيارة رعويّة جديدة قام بها راعي أبرشيّة بيروت المارونيّة المطران بولس عبد السّاتر، أيّام الجمعة والسّبت والأحد، فتوجّه إلى رعيّة مار جرجس ومار ساسين المارونيّة- بيت مري، رافقه فيها خادم الرّعيّة الخوري بيار الشّمالي ومعاونه الخوري فادي شكّور والمتقدّم بين الكهنة في قطاع المتن الأعلى والأوسط الخوري شربل بشعلاني، بالإضافة إلى الكاهنين في لجنة البروتوكول في الأبرشيّة الخوري نعمة الله مكرزل والخوري بيار أبي صالح، ومسؤولة مكتب خدمة المحبّة في المطرانيّة السّيّدة نادين أبي راشد إسبر.

وفي التّفاصيل، "استهلّت الزّيارة بلقاء مع خادم رعيّة مار الياس للرّوم الأرثوذكس الأب حارث إبراهيم وعدد من أعضاء مجلس الرّعيّة، حيث كان عرض للنّشاطات المشتركة الّتي تقوم بها الرّعيّتان ولاسيّما في أسبوع الوحدة وزمن الصّوم. وقال الأب ابراهيم "نشارك دومًا في احتفالات متبادلة، فنحن عائلة واحدة، والمحبّة هي أساس علاقتنا المشتركة، والتّاريخ يشهد على تعاوننا". بدوره شكر المطران عبد السّاتر الأب ابراهيم على حضوره الدّائم في مختلف الاحتفالات، مشيرًا أمامه إلى أهمّيّة المحافظة على روح التّعاون.

وبعدها، انتقل المطران عبد السّاتر إلى دير راهبات الورديّة حيث كانت في استقباله الأخت سيلفستر العلم وراهبات الدّير. واستمع المطران عبد السّاتر خلال اللّقاء إلى أبرز الصّعوبات والتّحدّيات الّتي تواجهها المؤسّسات بالإضافة إلى المساعدات والحسومات الّتي تقدّمها. وشكر صاحب السّيادة الرّاهبات على عملهنّ وخدمتهنّ الّتي وإن كانت بصمت ولكنّها مليئة بالمحبّة والإنسانيَّة تجاه من هم بحاجة إلى مساعدة.  

من ثمّ، توجّه المطران عبد السّاتر إلى كنيسة مار جرجس حيث رفعت الصّلاة، لينتقل بعدها ويتفقّد الأعمال في كنيسة مار شربل- الشّير، فكان في استقباله صاحب المبادرة السّيّد إيلي زرد أبو جودة ورئيس بلديّة بيت مري الأستاذ روي أبو شديد وعدد من المهندسين والمشرفين على ورشة البناء. وإطّلع سيادته على سير العمل والمعوّقات الّتي حالت دون إتمام الكنيسة في وقت سابق.

وزار بعدها المطران عبد السّاتر دير القلعة للرّهبان الأنطونيّين حيث كان في استقباله رئيس عامّ الرّهبنة الأباتي مارون أبو جودة ورئيس الدّير الأب مارون بشعلاني وعدد من الرّهبان. وكانت صلاة في كنيسة الدّير وجولة فيه وغداء.

وتوجّه صاحب السّيادة إلى مركز سان أنطوان الطّبّيّ للرّعاية الصّحّيّة الأوّليّة وجال في مختلف أقسامه واستمع من المسؤولين عنه إلى التّحدّيات الّتي يواجهونها، لينتقل بعدها إلى مستوصف مار جرجس الخيريّ الّذي يحتاج إلى ترميم وإعادة تأهيل.  

وفي صالون كنيسة مار ساسين، استقبل المطران عبد السّاتر وفدًا من عائلة "آل رشيد" الّتي ثمّن أبناؤها مواقف صاحب السّيادة الوطنيّة الّتي تحاكي واقع كلّ إنسان إلى أيّ طائفة انتمى، مؤكّدين أنّهم أبناء المطرانيّة الّتي لطالما كانت إلى جانبهم وجانب الجميع من دون تمييز.

وإلتقى المطران عبد السّاتر أعضاء الجماعات المصلّيّة في الرّعيّة الّذين عرضوا للنّشاطات الرّوحيّة الّتي يقومون بها. ودعا صاحب السّيادة الأعضاء إلى الصّلاة باستمرار لأنّها تنقّي القلوب وتجعل المرء يسلك المسار الصّحيح في حياته فيتخلّى عن الكبرياء والأنانيّة والحقد.

واستقبل بعدها المطران عبد السّاتر جمعيّة أهل الحارة الخيريّة الّتي اطّلع من أعضائها على المساعدات الاستشفائيّة والاجتماعيّة والعينيّة الّتي يقدّمونها، وعلى النّشاطات السّنويّة الّتي ينظّمّونها بالتّنسيق مع الرّعيّة، كما على الصّعوبات الّتي تواجه عملهم في ظلّ ارتفاع كلفة الاستشفاء والأدوية. بدوره، شكر صاحب السّيادة أعضاء الجمعيّة على عملهم من أجل الكنيسة ومرافقتهم لكلّ إنسان، قائلًا: "نصلّي للرّبّ لينير عقول المسؤولين فيرحموا شعبهم ويكون مال الدّولة في خدمة الشّعب وليس في جيوبهم."  

من ثمّ، التقى المطران عبد السّاتر معلّمي مدرسة التّعليم المسيحيّ في الرّعيّة، مدرسة الإيمان، الّتي تضمّ ١٥٠ ولدًا مشاركًا. وعرض المعلّمون لعملهم بتدريس الأطفال وإعداد قسم منهم للمناولة الأولى، كما للمواضيع الّتي تعطى لكلّ مستوى وصفّ، ومرافقتهم أشخاصًا بالغين وتحضيرهم لسرّ العماد بحسب تعاليم الكنيسة، كما تطرّقوا إلى تطلّعاتهم المستقبليّة. من ناحيته، شكر المطران عبد السّاتر المعلّمين على التزامهم رغم كلّ الهموم والظّروف، مشدّدًا على أنّ التّعليم المسيحيّ يرتكز، بالإضافة إلى المعلومات، على علاقة شخصيّة مع يسوع وعلى العيش معه، لذا من المهمّ جدًّا خلق توازن وإطار يسمح للولد أن يختبر يسوع المسيح.

بعد ذلك، استقبل صاحب السّيادة الحركة الرّسوليّة الدّوليّة للأوساط الاجتماعيّة المستقلّة Miamsi، الّتي عرضت لتاريخ تأسيسها وهيكليّتها ونشاطاتها.

وإجتمع المطران عبد السّاتر بعدها بعدد من مسعفي الصّليب الأحمر وقسم الشّباب فيه الّذين يعملون على توعية الشّبّان والشّابّات على مخاطر آفة الإدمان بالإضافة إلى حملات في مختلف المجالات البيئيّة والاجتماعيّة والصّحّيّة، وذلك بالتّعاون مع الجماعات والحركات الرّسوليّة في الرّعيّة. وتوجّه صاحب السّيادة إليهم بالقول: "ما تقومون به هو أمر ضروريّ وأساسيّ، فوجود أشخاص مثلكم يحملون قيمًا إنسانيَّة وأخلاقيّة وروحيّة يؤثّر في محيطكم ولاسيّما في الشّباب".

وفد كاريتاس- منطقة الإقليم الثّالث عرض للخدمات الّتي يقدّمها والتّحدّيات الشّاقّة الّتي يواجهها، ولاسيّما أنّ الحاجات ازدادت وليست هناك القدرة دائمًا على تلبيتها.

وأمام أهالي أولاد مدرسة التّعليم المسيحيّ، لفت صاحب السيادة إلى دور الأهل في نموّ أبنائهم الرّوحيّ، داعيًا إيّاهم إلى السّير معهم مسيرة الإيمان، وشاكرًا إيّاهم على مساندة هذا المشروع.

وفي ختام اليوم الأوّل، زار المطران عبد السّاتر عائلات في الرّعيّة وناول عددًا من المرضى والمسنّين فيها.

وفي اليوم الثّاني، توجّه صاحب السّيادة إلى بلديّة بيت مري حيث التقى رئيس البلديّة روي أبو شديد وعددًا من أعضاء المجلس البلديّ شاكرًا إيّاهم على وقوفهم إلى جانب الرّعيّة والكهنة الّذين يخدمونها وعلى عملهم في ظلّ كلّ الظّروف الصّعبة صحّيًّا واقتصاديًّا. من جهته، شكر أبو شديد المطران عبد السّاتر على زيارته عارضًا أمامه للمشاريع الّتي قامت بها البلديّة والتّحدّيات الّتي تواجهها.  

من ثمّ، استقبل المطران عبد السّاتر، في قاعة كنيسة مار جرجس، مختاري بيت مري شعيا ماضي وبشارة بو دامس اللّذين أكّدا أنّ عدد طالبي المعاملات لإصدار جوازات السّفر للهجرة بات كبيرًا جدًّا، ولاسيّما في فئة الشّباب، ما يشكّل خطرًا داهمًا وحقيقيًّا.

وإستمع صاحب السّيادة من عائلة الأخويّات إلى النّشاطات الرّوحيّة الّتي يقوم بها أعضاؤها مشدّدًا أمامهم على أنّ المعيار الحقيقيّ الّذي يميّز الحركات الرّسوليّة هو الإيمان والمحبّة والخدمة، داعيًا إيّاهم إلى أن يكونوا ثابتين في الرّجاء ورسل فرح وسلام.

وإلتقى المطران عبد السّاتر لجنة السّينودس في الرّعيّة ولجنة الشّؤون الاجتماعيّة والجوقات وجماعة إيمان ونور والكشّافة، الّذين عرضوا لنشاطاتهم ومشاريعهم. كما اجتمع صاحب السّيادة بالمجلس الرّعويّ ولجنة الوقف، شاكرًا إيّاهما على الاندفاع اللّافت ومساندة الكهنة لما فيه خير الرّعيّة وأبنائها.  

وبعد ذلك، زار المطران عبد السّاتر منزل عائلة "آل رشيد"، ليلقي بعدها محاضرة لأبناء الرّعيّة بعنوان "روح زورن ببيتن"، مشدّدًا خلالها على "أهمّيّة وضرورة أن نحمل يسوع معنا في كلّ زيارة نقوم بها".

وإختتمت الزّيارة بالقدّاس الإلهيّ الّذي احتفل به المطران عبد السّاتر وعاونه فيه خادم الرّعيّة الخوري بيار الشّمالي والخوري فادي شكّور، بمشاركة المونسنيور أنطونيو واكيم والمتقدّم بين الكهنة في قطاع المتن الأعلى والأوسط الخوري شربل بشعلاني ورئيس دير القلعة للرّهبان الأنطونيّين الأب مارون بشعلاني والخوري نعمة الله مكرزل، بحضور النّائب السّابق غسّان مخيبر وعقيلته، رئيس البلديّة وأعضاء المجلس البلديّ، المختارين، وحشد من أبناء الرعيّة.  

وإنطلق المطران عبد السّاتر من إنجيل البيان ليوسف ليقول:

"- كان مار يوسف إنسانًا بارًّا لقربه من الرّبّ ولتسليمه الكلّيّ له من دون جدل، ولذلك كان من الطّبيعيّ أن ينفّذ ما قاله له الملاك لأنّه كان يعلم أنّ الله لا يتدخّل في حياة الإنسان إلّا تدخّلًا خلاصيًّا.  

- يعطينا الرّبّ كلّ يوم مناسبة لنكون على مثال مار يوسف، فنسير بحسب مشيئة الله مسلّمين حياتنا له.  

- في هذا الوقت الّذي نمرّ به تظهر برارتنا وثباتنا في إيماننا قائلين للرّبّ: فليكن لك ما تريد في حياتنا.  

- زيارة رعيّة بيت مري تجعل المرء يكتشف الكنز الموجود في هذه البلدة، ويلمس الاندفاع الموجود والغيرة على الكنيسة.  

- أشكركم على محبّتكم ومساندتكم لكاهني الرّعيّة الخوري بيار الشّمالي والخوري فادي شكّور، وأشكرهما على محبّتهما وخدمتهما لكم بكلّ أمانة وتجرّد."  

وكانت كلمة للخوري بيار الشّمالي شكر فيها المطران عبد السّاتر على زيارته الرّعويّة قائلًا: "يقول يوحنّا في إنجيله: "مَن لا يَدخُلُ حَظيرَةَ الخِرافِ مِنَ الباب بل يَتَسَلَّقُ إِلَيها مِن مَكانٍ آخَر فهُو لِصٌّ سارِق.

ومَن يدخُلُ مِنَ الباب فهُو راعي الخِراف.

لَه يَفتَحُ البَوَّاب والخِرافُ إِلى صوتِه تُصغي. يَدعو خِرافَه كُلَّ واحدٍ مِنها بِٱسمِه ويُخرِجُها.

فإِذا أَخرَجَ خِرافَه جَميعًا سارَ قُدَّامَها وهي تَتبَعُه لِأَنَّها تَعرِفُ صَوتَه". صاحب السّيادة، في هذا الزّمن الّتي تعلو فيه أصوات المعاناة والخوف والجوع، أصوات الفجور والمنادين بالخلاص الخادع والأنبياء الكذبة، أصوات الخلافات والاتّهامات المتبادلة، أصوات المرضى العاجزين عن تأمين أدويتهم وعلاجاتهم واستشفائهم، أصوات الأطفال والعجزة الّذين تجمّدوا من البرد وما من سبيل ليكون لهم الدّفء، وغيرها من الأصوات، وسط كلّ هذا الأمر، نحن في بيت مري عشنا نعمة خاصّة في هذه الأيّام الثّلاثة، فسمعنا صوت الرّاعي الّذي يدخل من الباب ليدعو كلّ واحد بإسمه، والّذي يسير أمام الخراف الّتي تتبعه لأنّها تعرف صوته وتعلم أنّه سيقودها نحو مراع خصيبة حيث لن يعوزنا شيء وأنّه من مياه الرّاحة يسقيها.  

صحيح أنّ القانون الكنسيّ يفرض على راعي الأبرشيّة أن يزور رعاياه مرّة كلّ خمس سنوات، ولكنّك يا صاحب السّيادة خلقت في الرّعيّة من خلال هذه الزّيارة ديناميّة فرح استثنائيّة، وولدت السّعادة في قلوبنا جميعًا، وكأنّ الرّعيّة اليوم أصبحت في مكان مختلف إذ طبعت بمحطّة جديدة بعد زيارتك، وعشنا بالعمق الشّعار الّذي اخترناه في المجلس الرّعويّ لهذا العامّ "كلمتك تدفعنا نحو انطلاقة جديدة" خلال هذه الأيّام الثّلاثة. هذه الزّيارة ستزيد فينا العزم لنكون معك يا صاحب السّيادة، وعلى مثالك، متضامنين مع بعضنا البعض أكثر فأكثر. نؤكّد لك أنّ رعيّتك في بيت مري ستكمل المسيرة لبلوغ هدفها، وهذه المسيرة اغتنت بحضورك بالتّواضع والبساطة. نمسع صوتك الّذي يكشف لنا سرّ حضور الله الّذي أخلى ذاته ولبس فقر إنسانيّتنا وسكن بيننا. لا رغبة لنا في هذه الرّعيّة سوى أن نكون أعضاء حيّة وحقيقيّة في جسد المسيح السّرّيّ. أجدّد الشّكر لكلّ الآباء ولكاهن رعيّة مار الياس للرّوم الأرثوذكس ولراهبات الورديّة، وأختم كلمتي بكلمات ثلاث تعلمتها منك يا صاحب السّيادة في هذه الزّيارة: الفرح الّذي هو من أجمل ثمار الإيمان، البساطة لأنّ الله ارتبط بنا ببساطة، والإصغاء فنصغي لبعضنا مثلما أصغيت لكلّ واحد منّا، ونميّز معًا لنقوم بأفضل الخيارات.  

نعلم أنّنا في قلبك وصلاتك كما كلّ أبناء الأبرشيّة، ولكنّنا أحببنا أن نترك معك ذكرى عبارة عن لباس كهنوتيّ كلّما ارتديته ذكرت أبناء رعيّتنا في صلاتك وقدّاسك".

وبعد القدّاس، التقى المطران عبد السّاتر أبناء وبنات الرّعيّة في صالون الكنيسة."