عبد السّاتر من مستشفى السّان شارل: إنّه مكان محبّة مسيحيّة حقّة
وحضر القدّاس: الرّئيسة العامّة لرهبانيّة القلبين الأقدسين الأمّ برناديت رحيّم، وعدد من الرّاهبات، ومديرة المستشفى السّيّدة مارتين أبي خليل، والمدير العامّ لمستشفى أوتيل ديو السّيّد نسيب نصر، ومديرة مستشفى قلب يسوع الأخت آن سوفيه، والمدير الطّبّيّ لمستشفى السّان شارل الدّكتور أنطوان نصر، وعائلة المستشفى من الطّاقم الإداريّ والطّبّيّ والتّمريضيّ.
وبعد الإنجيل المقدّس، ألقى المطران عبد السّاتر عظة جاء فيها: "أشكر حضرة الأب نبيل شحاده وأخواتي الرّاهبات على دعوتهم لي للاحتفال بالقدّاس في هذه المستشفى الّتي دُعيت على اسم القدّيس شارل بوروميه. هذا القدّيس الّذي بسبب حبّه للرّبّ يسوع وللكنيسة عمل ليل نهار على تجديدها بدفعٍ من الرّوح القدس على حساب راحته وحتّى على حساب صحّته. وهذه المستشفى كانت وستبقى مكان حبٍّ للرّبِّ يسوع ولكلِّ إنسان مهما كان جنسه ودينه ولونه.
أشكركم لأنّكم دعوتموني لأرفع معكم الصّلوات في هذا المكان المقدّس على نيّة كلّ متألم ومتألّمة ليشفوا من مرضهم ويرتاحوا من ألمهم، وعلى نيّة كلّ طبيب وطبيبة وممرّض وممرّضة وكلِّ موظّف وموظّفة وعامل وعاملة، الّذين يعملون بجدٍّ كلَّ يوم وبكثير من المحبّة والصّبر والاحترام من أجل شفاء وراحة إخوتهم وأخواتهم المرضى، ليعطيهم الرّبّ القوّة والحكمة والفرح في خدمتهم.
إخوتي وأخواتي، وصفت في بداية كلمتي هذه المستشفى بالمكان المقدّس لأنّ فيها ومن خلالكم ومن خلال محبّتكم وخدمتكم وصبركم واحترامكم لمرضاكم يتجلّى لهم الرّبّ بكامل بهائه كما تجلّى على قمّة جبل طابور ليحمل ألم المتألّم ويشجّع الخائف ويسكّن القلق ويعطي الحياة.
يكتب البابا لاون في رسالته "لقد أحببتك": "المحبّة المسيحيّة تصنع المعجزات ولا حدود لها وتواجه المستحيل". لذلك أكرّر ما قلته في البداية إنّ مستشفى السّان شارل هي مكان المحبّة المسيحيّة الحقّة لأسباب ثلاثة:
- فيها تتم المعجزات ولا أعني حصرًا معجزات شفاء الجسد. صحيح أنَّ من بين مرضاكم من شفوا بالجسد بفضل مهاراتكم وعنايتكم مع أنّ شفاءهم بدا في البداية مستحيلًا. ولكنَّ العديد من بينهم شفوا من اليأس ومن الخوف ومن القلق بفضل إصغائكم لهواجسهم وانتباهكم لحاجاتهم واهتمامكم بأدقّ التّفاصيل. وكم من بين مرضاكم لم ينالوا معجزة الشّفاء ولكن غادروا هذه الدّنيا بسلام بسبب وجودكم إلى جانبهم وصلاتكم لأجلهم؟ هنا وفي هذا المكان تُصنع المعجزات حقًّا!
- وفي هذه المستشفى أيضًا تعاش المحبّة بلا حدود أيّ تُعاش المحبّة من دون اعتبار لحدود الوقت أو الإمكانات المادّيّة. في هذه المستشفى لكلِّ إنسان كرامته وقيمته ويستحقّ العناية والاحترام ولو تطلَّب ذلك العناية بالمجان تخطّي حدود الدّوام وقبول الفوارق الاجتماعيّة والدّينيّة والحزبيّة.
- وأخيرًا أقول إنّ هذه المستشفى هي مكان محبّة مسيحيّة حقّة لأنّكم جميعًا وبسبب محبّتكم للرّبّ وللإنسان، كلِّ إنسان، تحوّلون المستحيل كلَّ يوم إلى واقع. فمن خلال اضطلاعي على تاريخ هذه المؤسّسة العريقة أقول إنّ استمرارها طوال هذه السّنين على الرّغم من قساوة الأيّام هو بفضل تضحيات راهبات القلبين الأقدسين وتضحياتكم جميعًا وبفضل عنادكم أمام الصّعوبات وبفضل إيمانكم بأنَّ المحبّة تغلب الموت وتتخطّى كلَّ التّحدّيات وبسبب ثقتكم بالرّبّ يسوع.
شكرًا لإلهنا ومخلّصنا، وشكرًا لأخواتنا الرّاهبات ولإدارة هذه المستشفى، وشكرًا لكم جميعًا. وجودكم هنا وعملكم وجهدكم أعطى هذه التّلّة وهذه المنطقة وجهًا إنسانيًّا أجمل وأبهى. حفظكم الرّبّ جميعًا وحفظ عيالكم من كلّ سوء. آمين".
وكانت كلمة للأب المرشد أمير غالي اليسوعيّ رحّب فيها بالمطران بولس عبد السّاتر والأمّ برناديت رحيّم والحضور، لافتًا إلى أنّ "القدّيس شارل بوروميه كان رمز التّفاني في خدمة الإنسان وشفيع العاملين في القطاع الصّحّيّ. إنّ وجودنا هنا، من مسؤولين وعاملين في مختلف أقسام المستشفى، يعكس روح المحبّة والتّعاون ويؤكّد أنّ رسالتنا تتجاوز تقديم العلاج للمرضى لتصل إلى العناية بالكرامة الإنسانيّة في أسمى صورها، كما فعل القدّيس شارل بوروميه، الّذي نستذكر القيم الّتي عاشها: الرّحمة، التّضحية، والقيادة في أوقات الأزمات. وهي القيم ذاتها الّتي نراها يوميًّا في جهودكم في رعاية المرضى وفي دعم بعضكم البعض وفي السّعي المستمرّ إلى تحسين جودة الخدمات الصّحّيّة. فلنجعل لقاءنا وصلاتنا فرصة لتجديد العهد على مواصلة العمل بروح القدّيس شارل بوروميه، لنقوم برسالتنا بفرح وحبّ كبيرين لمجد الله الأعظم".
أمّا مديرة المستشفى السّيّدة مارتين أبي خليل فقالت في كلمتها: "يسعدني ويشرّفني أن أرحّب بكم جميعًا اليوم في كنيستنا، كنيسة السّان شارل في هذا القدّاس المبارك الّذي يجمعنا تحت أنوار الإيمان والمحبّة والخدمة.
أودّ أوّلًا أن أعبّر عن امتناننا العميق لسيادة راعي الأبرشيّة المطران بولس عبد السّاتر على تشريفه لنا بحضوره المبارك، وعلى كلماته الّتي لامست قلوبنا وأحيت فينا روح الرّسالة الّتي نحملها في هذا المكان- رسالة الرّحمة، والرّعاية، والعطاء الإنسانيّ. وجودكم بيننا يا صاحب السّيادة يمنحنا الفخر والدّعم الرّوحيّ الكبير لمتابعة عملنا اليوميّ، في محبّة المريض واحترام كرامته. كما أتوجّه بالشّكر الصّادق إلى جميع المشاركين في تنظيم هذا القدّاس، من كهنة، ومرنّمين، وموظّفين، وممرّضين، وأطبّاء، وإداريّين، الّذين بذلوا من وقتهم وجهدهم ليكون هذا اللّقاء الرّوحيّ محطّة مميّزة نتشارك فيها الإيمان والرّجاء.
أودّ أيضًا أن أشكر كلّ فرد من عائلة المستشفى، فأنتم القلب النّابض لهذه المؤسّسة. كلّ عمل إنسانيّ تقدّمونه، وكلّ ابتسامة تُرسم على وجه مريض، وكلّ لحظة اهتمام أو عناية، هي فعل محبّة يباركه الرّبّ ويضاعف ثمره.
نؤمن أنّ رسالتنا في المستشفى ليست فقط طبّيّة أو مهنيّة، بل هي قبل كلّ شيء رسالة إنسانيّة وروحيّة، نعيشها يوميًّا مع مرضانا، ومع بعضنا البعض، بروح الخدمة والتّعاطف.
ختامًا، أصلّي أن يرافقنا الرّبّ دائمًا في مسيرتنا، وأن يبارك هذه المؤسّسة وكلّ من يخدم فيها، ويجعل من هذا المكان بيتًا للرّحمة والسّلام.
شكرًا لكم سيّدنا وللجميع على حضوركم ومشاركتكم،
نلتقي دائمًا بإيمانٍ متجدّد، وبقلبٍ واحد، في خدمة الإنسان والمجتمع".
وخدمت القدّاس جوقة المستشفى، بحسب ما أفاد إعلام الأبرشيّة.
