لبنان
21 تشرين الثاني 2016, 13:08

عظة الأب طوني بو عسّاف حول بشارة العذراء مريم من كنيسة مار يوسف- شحتول

ألقى راعي كنيسة مار يوسف في شحتول الأب طوني بو عسّاف، في الأحد الثاني من زمن الإنتظار، عظة حول بشارة مريم، فتوقّف أمام مشهد إنجيلي جديد حين كانت العذراء مريم في بيتها وإذا به الملاك يحضر من عند الله حاملاً إليها ومن خلالها للشعب البشرى السّارة التي طالما انتظرها الناس، من وعد الله شعبه بمجيء المسيح المخلّص. أمام هذا الحضورالإلهيّ المتمثّل بالملاك جبرائيل كيف كانت ردّة فعل مريم؟

وعلى ماذا بنت جوابها للملاك عندما قالت "ها أنا أمة للربّ فليكن لي بحسب قولك"؟
أ‌-    فاضطربت مريم لكلامه: أمام حضور الله المتمثّل بالملاك جبرائيل وقفت مريم مضطربة لكلامه هو الذي حمل إليها السلام والفرح من عند الله، هذا الفرح الذي طالما حلم به. وانتظره الشعب سنين طوال. إضطراب مريم لم يكن هذا الموقف الخارجي والسطحيّ أمام أيّ إنسان عادي أو حدث عابر. إضطراب مريم هذه الرهبة أمام الله ومشروعه، هذا المشروع المستحيل في نظر الناس والممكن في نظر الله. إضطراب مريم وقفة مسؤولة وتأمّل في المشروع الخلاصيّ الذي أراده الله من خلال مريم . إضطراب مريم شعور عميق بأهميّة حضور الله في حياتها اليوميّة لتنطلق في مسيرة حياة جديدة تحمل من خلالها الخلاص للبشريّة جمعاء.
إضطراب مريم هو إضطراب كلّ مؤمن يغيّر الله خارطة طريقه الخاصة ليكتب له خريطة طريق جديدة.
أمام حلول الروح علينا وعلى القربان في قلب الذبيحة الإلهيّة ينشد الشمّاس "ما أرهبها ساعةً أحبّائي ينحدر فيها الروح الحيّ القدّوس ويحلّ علينا وعلى هذا القربان". إنّها اللحظة المقدّسة لحضور الله وسط الجماعة المحتفلة بسرّ القربان. إنّ الضمير هو صوت الله في داخلنا، فهل نقف ونضطرب عندما نقدم على أيّ عمل، وبخاصة إذا كان عمل شرير. فنقف مضطربين أمام عملنا هذا ونسمع صوت الضمير أي صوت الله فينا؟ هل ما زال الله موجوداً في كلّ مفاصل حياتنا، نصغي إلى صوته ودعوته لنا، ونضطرب عند حضوره يخاطبنا في أحداث حياتنا أو من خلال الكنيسة، صوت الله في العالم أو من خلال كلمة الله في الكتاب المقدّس؟
ب‌-    جواب مريم: أمام مشروع الله الخلاصيّ والبشرى السّارة التي حملها الملاك إلى مريم، إحتارت مريم، تأمّلت في معنى الكلام ولكنّها في نهاية المطاف أطاعت الكلمة واستسلمت للمشيئة الإلهيّة. فكان جوابها "ها أنا أمة للربّ فليكن لي بحسب قولك". جواب مريم لم يكن ردّة فعل سطحيّة، بل كان جواباً مبنيّاً على إيمان مريم، وثقتها بالإله الحيّ الذي وعد إبراهيم وإسحق ويعقوب والملوك والأنبياء. جوابها جواب كلّ مؤمن يمتثل لإرادة الله ويطيع كلمته وإن لم يفهم في البداية، ولكنّه يدرك أنّ لا شيء مستحيل عند الله.
أعطنا يا ربّ في هذا الأحد المبارك أن نقف في كلّ حياتنا برهبة أمام حضورك، نتأمّل بعنايتك الإلهيّة في حياتنا اليوميّة فندرك مشيئتك ونعمل بها فيكون جوابنا جواب مريم "أنا خادم (ة) للربّ فليكن لي بحسب قولك". آمين."