تكنولوجيا
17 تشرين الأول 2022, 06:15

عقول و أدمغة الوسائط المتعددة: النتائج الحالية والاتجاهات المستقبلية

تيلي لوميار/ نورسات
أصبح التطور الكبير الذي وصلنا إليه اليوم في التكنولوجيا جزءًا كبيرًا من نسيج حضارتنا، وشكّل آفاقًا واسعة ورؤية مستقبلية وفتح باب التجديد والتطور.

وساهم هذا التطور في تنمية العقل البشري وتوسيع حدود المعرفة. كما أصبح لوسائل التواصل الاجتماعي تأثير كبير على عقولنا وأصبحت تستهلك وقتنا كثيرًا. 

ومن هذا المنطلق أصبح الإعلام والتكنولوجيا يشكلان نقطة ارتكاز لإنشاء البحوث والدراسات لمعرفة مدى تأثيرها على الأفراد وعلى عقولهم وكيف تغير من أفكارهم.. 

مما دفع أوڤير (ophir) وعلماء أخرون إلى القيام بدراسات أولية حول ارتباط أنماط المعرفة المختلفة بوسائل الإعلام المتنوعة كالفيديو والموسيقى والكتابة وغيرها من الوسائل المتعددة ودراسة تأثيرها على البنية العصبية والوظيفية للدماغ البشري، وقد توصلت الدراسات الأولية إلى أن تعدد المهام في وسائل الإعلام قد تقلل من تركيز واهتمام الفرد وتشتت من انتباهه، أما وسائل الإعلام الأدبية التي تطرح تساؤلات أكثر من الإجابات تجعل تركيز الفرد مُنصبًّا على فكرة محددة. 

تجب الإشارة إلى أن الدراسات التي أجريَت على البنية المعرفية والوظيفية للدماغ قد طُبقت على فئة واسعة من الشباب والمراهقين في عدد كبير من الدول، وقد آلت النتائج الأولية إلى أن تأثير تعدد المهام في وسائل الإعلام يؤثر على الوظائف المعرفية للفرد ومنها الانتباه والذاكرة طويلة الأمد. 

إذ لوحظ تغير في الذاكرة طويلة الأمد عند فئة الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 إلى 35 سنة أكثر من فئة المراهقين. 

أما عن الذاكرة قصيرة الأمد فقد أظهرت ضعفًا في الأداء بتعدد المهام في وسائل الإعلام. 

كما أظهرت النتائج تغيراً في الوظائف المعرفية الأخرى للدماغ كالاستدلال والاهتمام وإدارة المهام المتعددة.

أما بالنسبة للتغيرات في البنية العصبية للدماغ وعلاقتها بتعدد المهام في وسائل الإعلام، فقد قدمت دراستان نتائج مهمة فيما يتعلق بالتغير العصبي وقدمتا أدلةً أولية على الاختلافات الهيكلية والوظيفية وذلك باستخدام التصوير بالرنين المغناطيسي الهيكلي والوظيفي، إذ لاحظ كل من لو (Loh) وكاناي (Kanai) وجود ارتباط سلبي بين قوة الذاكرة للمشاركين وحجم المادة الرمادية في القشرة الحزامية الأمامية في الدماغ التي تستجيب على نطاق واسع لمتطلبات التحكم المعرفي، وهذه الملاحظات الأولية تشجع على المزيد من الاختبارات لمعرفة ما إذا كانت هناك اختلافات في الشبكة العصبية وتأثرها بالوسائط المتعددة. 

استُخدم الرنين المغناطيسي الوظيفي القائم على المهام وأظهر نشاطًا أكبر في العديد من مناطق الفص الجبهي بناء، على الطلبات التي طُلبت من الأفراد، يدل هذا التنشيط على أنه يجب بذل جهد أكبر في الانتباه لأداء المتغير المليء بالإلهاء للمهمة إذا كان المشارك متعدد المهام لوسائل الإعلام.

ولا شك أن الدراسات قدمت مفهومًا بسيطًا عن تأثر الوظيفة المعرفية والعصبية للدماغ بتعدد المهام في الميديا، مما فتح مجالًا لأسئلة كثيرة وألقى الضوء على مقاييس مختلفة يمكن اعتمادها على الدراسات الحديثة، إذ أن الدراسات التي أجريت قديمًا كانت تستهدف مجموعة من الأفراد تختلف وظائفهم المعرفية عن أفراد اليوم الذين تطورت وظائفهم بتطور وسائل الميديا وبتواجد وسائل التواصل الاجتماعي وإنشاء مدونات ومحتوى.

والسؤال الذي مازال يثير الجدل لدى بعض العلماء: هل تؤثر وسائل الإعلام فعليًا على الوظائف المعرفية والعصبية للدماغ؟ أم أنها تجذب أفرادًا ذوي أنماط معرفية وعصبية محددة؟ 

في النهاية لا يجب إنكار أن الوسائط والتكنولوجيا من العناصر الموجودة في كل مكان في حياتنا اليومية، ويوفر استخدامها العديد من الفوائد والوقت كما يمكن حث البالغين على بناء سلوك لتقويم استخدامهم لوسائل الإعلام من خلال النظر في أنماط الاستخدام المختلفة وتأثيرها على معرفة وعصبية الدماغ.

 

المصدر: ناسا بالعربي