دينيّة
28 كانون الثاني 2018, 08:00

على أعمال الرحمة والمحبّة سنـُدان

غلوريا بو خليل
"في هذا الأحد، وطيلةَ أسبوع الأبرارَ والصدّيقين، تكرّم كنيسةُ الأرض المجاهدة كنيسةَ السّماء الممجّدة، التي بلغت ذروةَ اكتمالها في ملكوتُ الله، فتستشفعها لكي يسير مؤمنوها في العالم على الطّريقَ الّذي سلكه القدّيسون." بهذه الرّوحانيّة عبّر المسؤول الإعلاميّ لأبرشيّة جبيل المارونيّة الخوري أنطوان عطالله لموقع نورنيوز الإخباري عن إنجيل متى (25: 31 - 46) شارحًا أنّه "في ختام خطبة النّهايات، نجد أنفسنا أمام مشهد قضائيّ نهيويّ، حيث يقف الجميع أمام الرّبّ الدّيّان العادل الجالس على عرشه في مجده السّماويّ."

 

"منذ 2000 سنة أتى الرّبّ إلينا وتجسّد وصلب ومات وقام لأجل خلاصنا. حمل عاهاتنا وداوى جراحنا التي سبّبتها خطيئتنا. لكنّ المشهد هنا يختلف"، يقول الخوري عطالله، "فالرّبّ يتجلّى بجبروته ورهبته وقوّته، وهو هنا يدين الأحياء والأموات على كلّ أعمالهم بحكم نهائيّ مبرم فإمّا التّمتّع بميراث الملكوت حيث السّعادة التي لا توصف، أو العذاب الأبديّ، إلى النّار المعدّة لإبليس ولملائكته."

وأكّد الخوري عطالله "أنّ اختيار الرّبّ يسوع للمخلّصين وللهالكين، يقوم ليس على الإيمان أو صلابته، بل على ممارسة أعمال المحبّة التي يعكسها الإيمان في داخلنا". وأضاف "إنّ إنجيل اليوم يرسم لنا، في المحبّة الاجتماعيّة، الطّريقَ إلى الله، وإلى الخلاص الأبديّ، وعليها سنُدان في مساء الحياة، وبها منوطٌ خلاصُنا أو هلاكُنا الأبديّ (راجع متى 25: 34 و41 و46). وفي كلّ حال يجب العودةُ إلى الأخلاق، بحسب شريعة الله، لصالح كلّ كائن بشريّ. هذه الشّريعة الأخلاقيّة تُوَلّدُ العدالةُ والتّضامن." وأكمل الأب عطالله مستشهدًا بالقدّيس يوحنا الذهبي الفمّ قائلًا إنّ "عدم إشراك الفقراء في خيراتنا الشّخصيّة هو سرقتُهم وقتلُهم. فما نحوز عليه في الدّنيا ليس مُلكًا لنا، بل إنّه مُلكٌ لهم. الحسنة فضل جسيم وهبة من الله تعالى. فبإعطائنا الصّدقة نماثل الله تعالى. الصّدقة هي العامل الأكبر الّذي يجعل الإنسان إنسانًا. لذا قال أحدهم في وصف الإنسان: العمل العظيم هو الإنسان، والشيء الثّمين هو الإنسان المُحسن، وهذه نعمة أعظم من إحياء الموتى."

وأردف الخوري عطالله قائلًا "لا شيء يضيع عند الله، "من سقى أحد هؤلاء الصّغار ولو كأس ماء بارد، لأنّه تلميذي، فأجره لن يضيع" (متى ١۰ : ٤٢)، فكلّ إنسان يحصل على ما يستحقّ؛ لأننا على أعمال الرّحمة والمحبّة هذه سنـُدان، وعلى بلسمة حالات البؤس الاجتماعيّ والبشريّ سنـُدان، فلنـُصلِّ إذًا اليوم، وكلّ يوم، حتى لا نكون سببًا في بؤس الآخرين، ونتذكر دومًا أنّ في أعمال الرّحمة قتل للأنانيّة فينا."

وختم الخوري عطالله كلمته بصلاة القدّيس يوحنا فم الذهب: "علّمنا يا ربّ أن نتخلّى عن محبّة أنفسنا وأنانيتنا، ولا نكتفي بمحبّة أهلنا والمحيطين بنا. علّمنا يا ربّ أن نفكّر بالآخرين وأن نحبّ أولاً من حُرم من المحبّة. أعطنا أن نتألم مع المتألّمين ونبكي مع البّاكين، يا ربّ هبنا أن نتذكّر على الدّوام أنّه في كلّ لحظة من لحظات حياتنا التي تحميها بعنايتك، يوجد ملايين من البشر الّذين هم أخوتنا وأبناؤك يموتون جوعًا من دون ذنب اقترفوه.. إغرس يا ربّ حبّك في كلّ قلب لكي يعرف معنى التّعزية الحقيقيّة. يا إلهنا الكليّ الإقتدار أبا المراحم وإله الكل"، لك المجد إلى الأبد.