عيد بأيّ حال عدت يا عيد؟
وللمناسبة تنطلق مجموعة نشاطات واحتفالات في مختلف الرّعايا والمناطق: قدّاسات احتفاليّة، سهرات روحيّة، حفلات فنّيّة، كرمس ترفيهيّ، عشاوات قرويّة... وتشتعل سماء البلدات والمدن بالمفرقعات حتّى ساعات متأخّرة من اللّيل.
جميلة هي تلك الاحتفالات، إنّها تعيد اللّحمة بين أبناء الرّعيّة الواحدة، تجذب المؤمنين إلى الكنيسة، تنعش ليالي الصّيف بنسمة فرح عليلة بفضل احتفالات لا بدّ منها من وقت لآخر؛ ولكن عندما يتحوّل العيد إلى مناسبة تجاريّة بحتة، هل يجوز الصّمت؟
فها إنّ "تجّار الهيكل" عادوا غير آبهين لتأنيب يسوع لهم أو لغضبه، فهم يفترشون ساحات الكنائس بالبضائع والألعاب والمنتوجات والمأكولات والحلويات محوّلين "بيت الرّبّ" من "بيت صلاة" إلى "سوق" لتصريف أعمالهم.
وها إنّ الأبناء- وليس كلّهم- نسوا الغاية من هذه الاحتفالات، فيؤمّون المكان المقدّس بلباسهم غير المحتشم، يتلهّون بـ"بهرجات" العيد البعيدة عن كلّ أشكال التّقوى ويصوّبون أنظارهم إلى السّماء ليس تضرّعًا إلى ملكها وإنّما ابتهاجًا بالأضواء الّتي تصنعها "المفرقعات" والّتي شيئًا فشيئًا تصبح مصدر إزعاج وتلوّث بيئيّ وسمعيّ، وتتسبّب بأذيّة لِمَن تواجد في المكان وتوقع أضرارًا مادّية تتجلّى معظمها بحرائق في الأحراج المجاورة، فهل يبقى هنا للعيد نكهته الرّوحيّة ذاتها؟
لا نقول إنّها خطيئة أن نطعّم أعيادنا الدّينيّة بنكهات ترفيهيّة وفنّيّة، ولكن الخطئية هي عندما نقع أسرى الزّيف والأباطيل، ونحوّل اهتمامنا عن الرّوح فننشغل بالقشور. فلنتذكّر أنّ مار شربل ومار الياس وكلّ القدّيسين لم يصلوا إلى القداسة بـ"الطّبل والزّمر" بل بإماتات وأصوام وصلوات؛ وكلّ عيد وأنتم بخير!