دينيّة
08 حزيران 2023, 07:00

عيد خميس الجسد بقلم المطران جوزف معوّض

نورسات
لمناسبة عيد خميس الجسد، خصّ راعي أبرشية زحلة المارونيّة المطران جوزف معوّض موقعنا بشرح عن نشأة عيد خميس الجسد اللّيتورجيّة والعقائديّة، فكتب:

"إسم هذا العيد، العيد الاحتفاليّ لجسد المسيح ودمه (Solennité du Corps et du Sang du Christ)، وهو معروف بخميس الجسد، أو عيد الجسد. نشأ في بلجيكا سنة 1246. وسنة 1264، عمّمه البابا أوربانوس الرّابع على الكنيسة الكاثوليكيّة، لتحتفل به نهار الخميس اللّاحق لأحد الثّالوث الأقدس، والموافق لليوم العاشر بعد عيد العنصرة.

يوجد أقلّه سببان أدّيا إلى نشأة هذا العيد، سبب ليتورجيّ، وبصورة خاصّة سبب عقائديّ. بالنّسبة إلى السّبب اللّيتورجي، تحتفل الكنيسة في خميس الأسرار بتأسيس يسوع المسيح للأفخارستيّا في العشاء السّرّيّ. هذا العشاء هو القدّاس الأوّل في تاريخ البشريّة؛ أعطانا فيه يسوع جسده ودمه تحت شكلي الخبز والخمر. وبما أنّ خميس الأسرار يقع ضمن أسبوع الآلام، فلا يمكن الاحتفال بتأسيس الأفخارستيّا وبجسد المسيح بفرح، لأنّ طابع الحزن يكون سائدًا، هذا ما دفع إلى تخصيص عيد احتفاليّ له خارج هذا الأسبوع.

أمّا السّبب العقائديّ، فيعبّر، من خلال هذا العيد، عن إيمان الكنيسة بالحضور الدّائم للمسيح يسوع الإله والإنسان في الجسد والدّم، وعن تقديم العبادة والإكرام له. ولا بدّ من التّأكيد هنا بأنّ الكنيسة تؤمن بأنّ الأفخارستيّا هي ذبيحة أسراريّة غير دمويّة تقدّم نعمة الفداء، وفيها يتحوّل الخبز والخمر إلى جسد المسيح ودمه. سمّت الكنيسة الكاثوليكيّة هذا التّحوّل بالاستحالة الجوهريّة. فجوهر الخبز والخمر يتحوّلان إلى جوهر المسيح. فيسوع المسيح ابن الله، يصبح حاضرًا حضورًا حقًّا وحقيقيًّا وجوهريًّا (vraiment, réellement, et substantiellement) في الأفخارستيّا. وهو حضور لكامل شخص المسيح بلاهوته وناسوته. يتحقّق التّحوّل بقوة كلمة المسيح وعمل الرّوح القدس. وميّزت الكنيسة بين الأعراض والجوهر. فجوهر الخبز والخمر يتحوّلان في الأفخارستيّا إلى المسيح، أمّا الأعراض فتبقى كما هي، ويبقى حضور المسيح تحت هذه الأعراض طالما هذه الأعراض باقية. والمسيح بكلّيّته حاضر في كلّ أعراض الخبز والخمر، وحاضر بكلّيّته في كلّ جزء منهما.

إنّ طريقة حضور المسيح في الأفخارستيّا هو فريد من نوعه؛ وتسمّي الكنيسة هذا الحضور بالحقيقيّ كما أشرنا، ولكن ليس بطريقة حصريّة، كما لو أنّ حضور المسيح خارجًا عن الأفخارستيّا غير حقيقيّ، ولكن تسمّيه بالحقيقيّ بامتياز لأنّه حضور جوهريّ. (راجع التّعليم المسيحيّ للكنيسة الكاثوليكيّة، عدد 1373-1377).

في خميس الجسد، نجدّد اعترافنا بهذه الحقيقة الإيمانيّة، ونقدّم للمسيح يسوع، عبر الصّلوات وصمدة القربان والتّطواف به والرّكوع، السّجود والعبادة لإلهنا وربّنا يسوع المسيح، ونتهيّأ أيضًا لتناوله في سرّ الأفخارستيّا، لأنّه أعطانا هذا الجسد وهذا الدّم لنأكله ونشربه، فنتّحد به وبعضنا ببعض."