ثقافة ومجتمع
13 نيسان 2016, 12:30

فخر الدّين.. مؤسّس لبنان الحديث المستقلّ

ماريلين صليبي
لم يُخطئ الأخوان الرّحباني بنقل حياة الأمير فخر الدّين المعنيّ الثاني الكبير إلى أوبرات مغنّاة تُسكِر السّمع وتُحني الرّوح وتُرجِف القلب؛ فلوحة تاريخ لبنان رسمها هذا الأمير بريشته بشكل بارز وأساسيّ.

حكم إبن قرقماز ونسب إمارة الشّوف والمناطق الممتدّة بين يافا وطرابلس من سنة 1590 حتى سنة 1625.

بقوّة عزيمته وتواضعه الفريد، استطاع أن يوحّد جميع إمارات السّاحل، ليخطّ بذلك لبنان الحديث المعاصِر بحدوده الحاليّة.

قصير القامة، بشوش الوجه، كان يعطف على الفقراء ويخدمهم بدون أن يميّز بين درزي أو مسيحيّ أو مسلم، بل عطاؤه الجليل أنزل نقاب الإنسانيّة لا الطّائفيّة.

حرّر بلده الذي أحبّه من جباة الضّرائب وعسكر السّخرة وزعماء المال والعمالة للخارج، ليؤسّس نظامًا حديثُا حُرًّا يمشي بخطًى ثابتة نحو استقال غالٍ وثمين.

حداثة لبنان طالت أيضًا مع الأمير فخر الدّين المعنيّ الثاني الكبير القطاع العمرانيّ، فكان لهذا الأمير العظيم الفضل ببناء الجسور والقصور والأدراج والقلاع والبيوت المليئة بالسّلام والحبّ والأمان. تطوّرٌ ملحوظ شهدته أيضًا القطاعات التّجاريّة والخدماتيّة والزّراعيّة، فوعَدَ أمير الشّوف بالتّصدير والإستيراد والإنفتاح على العالم متسلّحًا برفع مستويات العلم والثّقافة.

"قاطع متل العدل، محنيّ متل التّواضع وبحدّه الفاصل بتخلّص لبنان"، هكذا وصفه الأخوين الرّحباني وهكذا يحفظه الماضي والحاضر والمستقبل.

ففي ذكرى وفاته اليوم، يبقى فخر الدّين المعنيّ الثاني الكبير فخرًا للبنان، ذا دينٍ غير معروف إلى حدّ الآن، معنًى أصيلًا للحداثة والإستقلال، أوّلَ أمراء لبنان لا ثانيهم، وكبيرًا شامخًا دائمًا أبدًا...