الفاتيكان
01 حزيران 2020, 07:50

في أوّل مشاركة لهم بصلاة الأحد بعد الحجر الصّحّيّ، هذا ما قاله البابا فرنسيس!

تيلي لوميار/ نورسات
على المؤمنين المحتشدين في ساحة القدّيس بطرس، أطلّ البابا فرنسيس ظهر الأحد تاليًا معهم صلاة "إفرحي يا ملكة السّماء"، مباركًا إيّاهم في أحد العنصرة، ومتوجّهًا إليهم بكلمة قال فيها بحسب "فاتيكان نيوز":

"نحتفل اليوم بعيد العنصرة الكبير، في ذكرى حلول الرّوح القدس على الجماعة المسيحيّة الأولى. يعيدنا إنجيل اليوم إلى عشيّة الفصح ويُظهر لنا يسوع القائم من الموت الّذي يظهر في العلّيّة حيث كان التّلاميذ مختبئين؛ لقد كانوا خائفين. فجاءَ يسوعُ وقامَ بَينَهم وقالَ لَهم: "السَّلامُ علَيكم!". تُعتبر هذه الكلمات الأولى الّتي قالها القائم من الموت "السّلام عليكم" أكثر من مجرّد سلام لأنّها تعبِّر عن المغفرة الّتي منحها للتّلاميذ الّذين كانوا قد تركوه. إنّها كلمات مصالحة ومغفرة، ونحن أيضًا عندما نتمنّى السّلام للآخرين نحن نمنحهم المغفرة ونطلبها منهم أيضًا؛ ويسوع يقدّم سلامه لهؤلاء التّلاميذ الخائفين والّذين يصعب عليهم أن يؤمنوا بما قد رأوه، أيّ القبر الفارغ، ويستخفّون بشهادة مريم المجدليّة والنّساء الأخريات. يسوع يغفر ويقدّم سلامه لأصدقائه.

إذ غفر للتّلاميذ وجمعهم من حوله، جعل يسوع منهم كنيسته: جماعة مُصالحة ومستعدّة للرّسالة، لأنّه عندما لا تكون الجماعة مُصالحة لا تكون مستعدّة للرّسالة، وإنّما فقط للشّجارات الدّاخليّة. إنّ اللّقاء مع الرّبّ القائم من بين الأموات يقلب رأسًا على عقب حياة الرّسل ويحوّلهم إلى شهود شجعان. في الواقع هو يقول لهم بعدها على الفور: "كما أَرسَلَني الآب أُرسِلُكم أَنا أَيضًا". تجعلنا هذه الكلمات نفهم أنَّ الرّسل هم مرسلون لكي يتابعوا الرّسالة عينها الّتي أوكلها الآب ليسوع. "أُرسِلُكم أَنا أَيضًا": هذا ليس زمن للبقاء منغلقين والتّحسُّر على "الأوقات الجميلة" المُعاشة مع المعلّم. فرح القيامة هو فرح كبير ولكنّه فرح يمتدّ ولا يمكننا الاحتفاظ به لأنفسنا بل علينا أن نمنحه. لقد أصغينا سابقًا خلال آحاد الزّمن الفصحيّ لهذا الحدث ومن ثمَّ إلى اللّقاء مع تلميذي عمّاوس وبعدها إلى إنجيل الرّاعي الصّالح وخطابات الوداع والوعد بالرّوح القدس: كلُّ شيء كان موجّهًا لتعزيز إيمان التّلاميذ– وإيماننا أيضًا– في ضوء الرّسالة.

ولكي يُحرّك الرّسالة، منح يسوع الرّسل روحه، ويقول الإنجيل: "ونَفَخَ فيهم وقالَ لَهم: خُذوا الرُّوحَ القُدُس". الرّوح القدس هو نار تحرق الخطايا وتخلق رجالاً ونساء جددًا؛ إنّه نار المحبّة الّتي يمكن للتّلاميذ من خلالها أن يشعلوا العالم، محبّة الحنان الّتي تفضّل الصّغار والفقراء والمهمّشين... لقد نلنا في سرّي المعموديّة والتّثبيت الرّوح القدس ومواهبه: الحكمة والفهم والمشورة والقوّة والمعرفة والتّقوى ومخافة الله. وهذه الموهبة الأخيرة– مخافة الله– هي عكس الخوف الّذي كان يشلُّ الرّسل سابقًا: إنّها المحبّة للرّبّ والتّأكّد من رحمته وصلاحه؛ إنّها الثّقة بأن نتمكّن من السّير في الاتّجاه الّذي يدلنا إليه بدون أن يغيب عنّا حضوره وعضده.

إنّ عيد العنصرة يجدّد الإدراك بأنّ حضور الرّوح القدس المحيي يقيم فينا، هو يعطينا أيضًا الشّجاعة لكي نخرج خارج جدران "علّيّتنا" الّتي تحمينا بدون أن نسترخي في العيش الهنيّ أو أن ننغلق في عادات عقيمة. لنرفع الآن فكرنا إلى العذراء مريم الّتي كانت حاضرة مع الرّسل عندما حلّ الرّوح القدس، إنّها رائدة خبرة العنصرة الرّائعة مع الجماعة الأولى ولنرفع إليها صلاتنا لكي تنال للكنيسة روحًا رسوليًّا حماسيًّا".

وبعد تلاوة الصّلاة، تابع البابا كلمته قائلاً: "أيّها الإخوة والأخوات الأعزّاء، لسبعة أشهر خلت اختُتم السّينودس من أجل منطقة الأمازون؛ واليوم في عيد العنصرة نتضرّع إلى الرّوح القدس لكي يمنح النّور والقوّة للكنيسة وللمجتمع في الأمازون الّذي يعاني بسبب الوباء. كثيرون هم المصابون والموتى، حتّى بين الشّعوب الأصليّة الضّعيفة بشكل خاصّ. أصلّي بشفاعة العذراء مريم أمّ الأمازون من أجل الأشدّ فقرًا والعزل في تلك المنطقة العزيزة وإنّما أيضًا من أجل جميع الفقراء والعزل في العالم وأوجِّه نداء لكي يحصل الجميع على العناية الصّحّيّة. علينا أن نعتني بالأشخاص لا أن نوفِّر من أجل الاقتصاد: علينا أن نعتني بالأشخاص لأنّهم أهمّ من الاقتصاد. نحن الأشخاص هياكل الرّوح القدس أمّا الاقتصاد فلا.

يُحتفل اليوم في إيطاليا باليوم الوطنيّ للتّخفيف من الألم من أجل تعزيز التّضامن إزاء المرضى. أجدّد تقديري للّذين، وفي هذه المرحلة بشكل خاصّ، قد قدّموا ويقدّمون شهادتهم للعناية بالقريب. أذكر بامتنان وإعجاب أيضًا جميع الّذين فقدوا حياتهم خلال مساعدتهم للمرضى. لنصلِّ بصمت من أجل الأطبّاء والمتطوِّعين والممرّضين والعاملين الصّحّيّين والعديد الّذين فقدوا حياتهم خلال هذه المرحلة.

أتمنّى للجميع أحد عنصرة مبارك. جميعنا بحاجة لنور وقوّة الرّوح القدس! وكذلك الكنيسة لكي تسير متّحدة وشُجاعة في الشّهادة للإنجيل. وتحتاج إليهما العائلة البشريّة أيضًا لكي تخرج من هذه الأزمة أكثر اتّحادًا لا منقسمة. أنتم تعرفون أنّه ومن أزمة كهذه لا نخرج أبدًا كما كنّا سابقًا، إمّا نخرج أفضل أو أسوأ ممّا كنّا عليه. لنتحلّى إذًا بالشّجاعة لكي نكون أفضل ممّا كنّا عليه وأن نتمكّن أن نبني بإيجابيّة مرحلة ما بعد أزمة الوباء. ولا تنسوا من فضلكم أن تصلّوا من أجلي!".