لبنان
02 تموز 2018, 13:29

في البترون.. قدّاس في البحر على نيّة الصّيّادين الشّهداء

على نيّة صيّادي الأسماك والإسفنج الشّهداء، صلّت مدينة البترون خلال "قدّاس البحر" السّنويّ، ترأّسه راعي أبرشيّة البترون المارونيّة المطران منير خيرالله، على متن مركب بحريّ في مرفأ الصّيّادين على شاطئ المدينة، وقد عاونه فيه القيّم الأبرشيّ كاهن رعيّة البترون الخوري بيار صعب، والخوري فرانسوا حرب والخوري سامي سلّوم، وسط حضور رسميّ وشعبيّ.

 

بعد الإنجيل، ألقى المطران خيرالله عظة بعنوان "الشّهادة للمسيح: ملح ونور"، قال فيها نقلاً عن "الوكالة الوطنيّة للإعلام":

"من شاطئ البترون نُبحر اليوم مع المسيح، كعادتنا كلّ سنة في قدّاس البحر كما أبحر معه يومًا سمعان بطرس والرّسل من شاطئ طبريّا. ونسمعه يعلّمنا قائلاً: "أنتم ملح الأرض، فإذا فسد الملح فأيّ شيء يملّحه؟ إنه لا يصلح بعد ذلك إلّا لأن يُطرح في خارج الدّار فيدوسه النّاس.
أنتم نور العالم. لا تَخفَى مدينة على جبل، ولا يوقد سراج ويوضعُ تحت المكيال، بل على المنارة، فيضيءُ لجميع الّذين في البيت. هكذا فليضئ نوركم للنّاس، ليروا أعمالكم الصّالحة، فيمجّدوا أباكم الّذي في الّسماوات" (متىّ 5/ 13-16).
يقول لنا: إصعدوا إلى السّفينة "واذهبوا في الأرض كلّها وتلمذوا جميع الأمم، وعمّدوهم باسم الآب والابن والرّوح القدس، وعلّموهم أن يحفظوا كلّ ما أوصيتكم به، وهاءنذا معكم طوال الأيّام إلى نهاية العالم" (متّى 28/ 19-20).
هاءنذا أرسلكم كالخراف بين الذّئاب: فكونوا حكماء كالحيّات وودعاء كالحمام" (متّى 10/16 ). إذهبوا إذًا واشهدوا بالمحبّة أنّكم تلاميذ المسيح، ولا تخافوا. "وطوبى لكم إذا شتموكم واضطهدوكم وافتروا عليكم كلّ كذب من أجلي، إفرحوا وابتهجوا: إنّ أجركم عظيم في السّماوات، فهكذا اضطهدوا الأنبياء من قبلكم" (متّى 5/ 11-12).
ولا تهتمّوا بما تقولون، الرّوح القدس ينزل عليكم، فتنالون قوّةً وتكونون لي شهودًا في أورشليم وكلّ اليهوديّة والسّامرة حتّى أقاصي الأرض". (أعمال 1/8 ).

احتفلنا في 2 آذار/ مارس الماضي، في عيد مار يوحنّا مارون، باختتام سنة الشّهادة والشهّداء الّتي ذكرنا فيها شهداءنا المعروفين وغير المعروفين واتّخذنا منها عبرة لتجديد التزامنا بعيش إيماننا بالمسيح القائم من الموت والحاضر أبدًا معنا.
وإنّنا نعدُ اليوم بأنّنا سنستمرّ بالشّهادة للمسيح على أرضنا وحيث نحن موجودون في كلّ أصقاع العالم على خطى شهدائنا وقدّيسينا. نحن واعون أنّ هذه الشّهادة مُكلفة، وقد دفع ثمنها آباؤنا وأجدادنا، على مدى أكثر من ألف وستماية سنة، آلاف الشّهداء، ولكنّها الطريق الوحيد للوصول إلى الخلاص والحياة الأبديّة في الملكوت. نحن واعون أنّنا ملح الأرض، وأنّنا لم نَخَفْ يومًا من أن نذوب كالملح في شعوب البلدان الّتي استوطنّاها وتبنّينا لغاتها وتقاليدها وحضاراتها وثقافاتها. لقد زرعنا فيها طَعْمَ المسيح الطّيّب بنكهة نسكيّة مارونيّة. لكن مسؤوليّتنا كبيرة؛ والويل لنا إذا فسد ملحنا، فنُطرح خارجًا ويدوسنا النّاس.
نحن واعون أنّنا نور العالم، وأنّنا نشهد للمسيح النّور من خلال أعمالنا الصّالحة والقِيَم الإنجيليّة الّتي تربيّنا عليها ونربّي عليها أجيالنا الطّالعة. لكن مسؤوليّتنا كبيرة، والويل لنا إذا أصبح نورنا ظلامًا أو إذا أصبحنا نفضّل الظّلام على النّور لأنّنا نعيش في مجتمع فاسد ونواجه أناسًا فاسدين يأتون الأعمال السّيّئة ويُبغضون شهادتنا ويضطهدوننا. "وكلّ من يعمل السّيّئات يُبغض النّور، فلا يُقبل إلى النّور لئلا تفضح أعماله" (يوحنّا 3/19).
يا شبابنا وصبايانا ويا أصدقاءنا من كلّ مكان،
تعالوا نُبحر اليوم مع المسيح في بحر هذا العالم الهائج وسط عواصف الحقد والبغض والحروب المدّمرة، عالم الأنانيّة والمصالح الضّيّقة، وكلُّنا ثقة أنّ سفينتنا ستصل إلى برّ الأمان، لأنّها كنيسة المسيح وأبواب الجحيم لن تقوى عليها".
بعد القدّاس، أبحر المركب في عرض البحر حيث رُمي أكليل من الزّهر في قعره على نيّة شهداء المدينة الصّيّادين.