دينيّة
25 تموز 2016, 12:00

في كراكوفيا.. صرخة رحمة!

ريتا كرم
حزموا الأمتعة، حملوا أعلام بلدانهم وفي جعبتهم الإنجيل المقدّس، وعلى صدورهم وفي جيوبهم مسبحة الورديّة. هم شباب العالم المسيحيّ، استقلّوا الطّائرات في وجهة مشتركة: كراكوفيا- بولندا؛ هدفهم واحد: المشاركة في الحدث الآنيّ الأبرز في الكنيسة الكاثوليكيّة: اليوم العالميّ للشّبيبة (من 27 لغاية 31 تمّوز/ يوليو).

 

هناك، سيختبرون رحمة الله في لقاء اختار له البابا فرنسيس عنوان: "طوبى للرّحماء، فإنّهم يُرحَمون" (متى 5، 7) في السّنة المقدّسة للرّحمة كـ"يوبيل حقيقيّ للشّباب" أراده الحبر الأعظم على مستوى عالميّ، تحت شعار: "رحماء كالآب".

فيه سيلتقي الشّباب عبر كلمات حبريّة مدوّية ونشاطات عديدة، بشفيعي تلك الأيّام ابني كراكوفيا الّتي تعطّرت بقداستهما: البابا القدّيس يوحنّا بولس الثّاني ورسولة الرّحمة القدّيسة فوستين.

ومن بين الوفود المشاركة، وفود عربيّة مجروحة القلب لأنّ بلادها تبكي على أبنائها منذ سنوات، بسبب حروب تتآكلها حجراً وبشراً. هم يحملون صلبان سوريا والعراق وفلسطين ولبنان والأردنّ ومصر لتعانق صليب الأيّام العالميّة للشّباب "العلامة الأكثر دلالة على رحمة الله!" (البابا فرنسيس). يحملون شهداء الظّلم والغدر والبطش والعنف والإرهاب. يحملون أرضاً انبثق منها- قبل 2016 عاماً- نور المسيحيّة، لكي يبقى هذا الأخير يظلّلها ويباركها في وجه الأصوليّة المتفشّية. هم يؤمّون إلى كراكوفيا للقاء "الأب" الّذي لم ينسَ يوماً وجعهم، الأب الّذي منذ تولّيه السّدّة البابويّة لا ينفكّ يذكرهم بصلواته لأنّه يشعر بألم كلّ منهم. هم يأتون إليه ليلتقوا به، في ضيافة البابا يوحنّا بولس الثّاني الّذي يكنّون له حبّاً جمّاً، ويردّون له زياراته إلى الشّرق الّذي أحبّ شعبه وباركه. هم اليوم يأتون وفي قلوبهم نوايا حمّلوها من أوطانهم وعلى شفاههم صلوات وتضرّعات؛ هناك سيصرخون إلى يسوع، مثل القدّيسة فوستين، ويقولون: "يا يسوع، إنّي أثق بك!"

صرخة ستدوّي في سماء كراكوفيا بلغات العالم، لأنّ أبناء القارّات الخمس سيجتمعون في ساحتها، رافعين أعلام بلدانهم طالبين لها السّلام الّذي بدأ يتزعزع في كلّ مكان، في لوحة فسيفسائيّة إيمانيّة مذهلة. هناك ستختلط الحضارات والثّقافات واللّغات واللّهجات، لكن لغة واحدة ستجمعهم وتوحّدهم: لغة الإيمان والرّحمة.

يوم وتنطلق فعاليّات الأيّام العالميّة للشّباب، فعساه ينبض معها قلباً جديداً في الكنيسة قادراً أن يقود كلّ تائه إلى رحمة الله اللّامتناهية.