ثقافة ومجتمع
06 أيار 2016, 09:54

في يوبيل الرّحمة "مشرّدون" ولكن!

ريتا كرم
على مشارف نهاية يوبيل الرّحمة، سيؤمّ الكرسيّ الرّسوليّ ، وتحديداً بين 11 و13 ت2 المقبل، حشد من نوع آخر، إذ سيتجمّع في ساحاته الآلاف من المشرّدين آتين من مختلف أنحاء أوروبا ليحتفلوا مع البابا فرنسيس بحجّ يمنح "الأكثر ضعفاً في المجتمع ومن يُعتبرون منبوذين، فرصة للقاء البابا، ومجالاً ليكتشفوا مكانتهم في قلب الله وفي قلب الكنيسة".

 

وأمام هذا التّاريخ المنتظر، لنضع أنفسنا مكان هؤلاء الوافدين ولمرّة واحدة. فهم الآتون من الشّارع الّذي فيه عانوا الأمرّين. منهم من ولد مشرّداً ولم يعش في منزل يأويه، ولم ينم في سرير يريحه من تعب النّهار أو يدفئه من برد الشّتاء ويقيه حرّ الصّيف. وآخرون ولدوا وفي فمهم "ملعقة ذهب" ولكن دارت الأيّام ففقدوا كلّ شيء وبات الشّارع ملجأهم الوحيد. أمّا غيرهم فرُحّلوا من بلدانهم وركبوا قوافل الهجرة بحثاً عن غد أفضل غير أنّ الحظّ لم يبتسم لهم فأدار ظهره ورماهم تحت الجسور أو قرب النّفايات أو في الأزقّة الفقيرة... هم نساء ورجال، أطفال وعجزة، أفراد وعائلات.

 أتتخيّلون فرحة هؤلاء عندما سيختبروا هذا الحدث الاستثنائيّ الّذي ربّما لن يتكرّر ثانية في حياتهم؟ فهم سيدخلون إحدى أكبر المقرّات الحبريّة في العالم ويقابلون أحد أعظم رجال التّاريخ وأكثرهم جرأة وصدقاُ.

بعضهم سيخفق قلبه بهجة أو رهبة، وآخرون ستغرورق عيونه بدموع الفرح ويرتجف جسمه لأهمّيّة المناسبة ويمتلأ رجاء مع كلمات البابا الحنونة والمشجّعة.

حالات كثيرة سيعيشها هؤلاء المشرّدين بالجسد ولكن ليس بالرّوح، فهم ربّما يعيشون الاتّحاد مع الله على عكس الكثيرين منّا نحن الّذين نملك المسكن ولكن ترانا مشرّدين عن الله ونعيش بغربة عنه.

هم يدركون معنى الرّحمة لأنّهم يعاينونها يوميّاً في نظرات الآخرين وأفعالهم، فيما نحن نفقدها أحياناً حتّى مع أقرب النّاس إلينا.

فلنضع اليوم البابا فرنسيس وأمثاله أمام نظرنا ونتعلّم أن نشعر بالآخر المختلف والضّعيف والمهمّش، ونمدّ يدنا نحوه لننشله من تعاسته ووحدته ونبني معه مجتمعاً هو بالتّأكيد بحاجة إلى طاقاته المدفونة والّتي تنتظر فرصة ليبرزها.

لنكن المثل الصّالح لأجيال الغد ولنستيقظ من غفوتنا وقلبنا مفعم بالرّحمة قبل نهاية هذا اليوبيل.