دينيّة
12 تشرين الثاني 2014, 22:00

قديسو اليوم : 14 تشرين الثاني

تذكار القديس فيليبوس الرسول (بحسب الكنيسة المارونية)ولد فيليبوس في بيت صيدا مدينة بطرس واندراوس، وهو من مصاف الرسل الاثني عشر عشر واول من دعاهم السيد المسيح، وما سمع كلام المخلص ورأى عجائبه، حتى آمن به واحبَّه ووقف حياته كلها على خدمته. وجاء يبشِّر به صديقاً له اسمه نتنائيل قائلاً:" إِنَّ الذي كتب عنه موسى في الناموس والانبياء، قد وجدناه وهو يسوع بن يوسف من الناصرة. تعال وانظر". (يو1: 45 – 46).وقد ورد ذكر غيره غير مرةٍ في الانجيل، دليلاً عمَّا كان له من الدالة والثقة لدى المسيح. فهو الذي جاء اليه قومٌ من اليونانيين وعرفوا بما له من الوساطة لدى معلمه الالهي، فقالوا له:" يا سيد، نريد ان نرى يسوع" فأجابهم على طلبهم (يو 12: 21). وفي العشاء السرِّي قال ليسوع:" يا رب، أرنا الآب وحسبُنا". فقال له يسوع:" انا معكم كلَّ هذا الزمان ولم تعرفوني، يا فيليبوس، مّن رأني فقد رأى الآب. اما تؤمن اني انا في الآب وانَّ الآب فيَّ؟" (يوحنا 14: 8- 10).
وبعد حلول الروح القدس على التلاميذ، اخذ فيليبوس، مدة عشرين سنة، يبشِّر بالمسيح الاله في اورشليم وباسمه يصنع الآيات ولاجله يحتمل الشتم والضرب والعذاب كسائر الرسا. ثم جاء الى بلاد فريجيا يعظ ويردُّ الكثيرين من الوثنيين الى الايمان بالمسيح، ويرسم لهم اساقفة وكهنة. فهجم عليه كهنة الاصنام في مدينة هيروبوليس في آسيا وضربوه ورجموه بالحجارة. ثم علَّقوه على الصليب، وعندما ارادوا ان ينزلوه عن الصليب، أبى وآثر ان يموت مصلوباً، نظير معلمه الفادي. وهكذا اسلم روحه الطاهرة بيد الله نحو السنة 53 للميلاد.وفي القرن السادس نُقل جثمانه الى روما، حيث وضع بكل اكرام في كنيسة الرسل الاثني عشر. صلاته معنا. آمين
 
فيليبس الرسول (بحسب الكنيسة السريانية الكاثوليكية)
هو أحد الرسل الاثني عشر. ولد في بيت صيدا مدينة أندراوس وبطرس. وما إن سمع كلام المخلص ورأى أعاجيبه، حتى آمن به وأحبه ووقف حياته كلها على خدمته. وجاء يبشر به صديقاً له اسمه نثنائيل قائلاً : "إن الذي كتب عنه موسى في الناموس والأنبياء أيضاً قد وجدناه وهو يسوع بن يوسف من الناصرة". فقال له نثنائيل : "أمِنَ الناصرة يكون شيء صالح؟" فقال فيلبس : "تعال وانظر". ورأى يسوع نثنائيل مقبلاً اليه فقال عنه : "هذا في الحقيقة إسرائيلي لا غش فيه"، فقال له نثنائيل : "من أين تعرفني؟" أجاب يسوع وقال له : "إني قبل أن يدعوك فيلبس وأنت تحت التينة رأيتك". فبهت وجاهر بإيمانه وقال : "يا معلم، أنت ابن الله. أنت ملك إسرائيل". أجاب يسوع وقال له : "لأني قلت لك إني رأيتك تحت التينة آمنت. إنك ستعاين أعظم من هذا". وقال له : "الحق أقول لكم إنكم سترون السماء مفتوحة وملائكة الله يصعدون وينزلون على ابن البشر" (يو 1 : 45 - 49).
وَرَدَ ذِكر فيلبس في الإنجيل في عبر الجليل شرقي بحيرة طبرية حيث جاء أن جمعاً كثيراً تبع يسوع لأنهم كانوا يعاينون الآيات التي يصنعها في المرضى. فصعد يسوع الى الجبل وجلس هناك مع تلاميذه فرفع يسوع عينيه فرأى جمعاً كثيراً مقبلاً إليه فقال لفيلبس : "من أين نبتاع خبزاً ليأكل هؤلاء" (يو 6 :5) ... وجاء ذكر فيلبس أيضاً في إنجيل يوحنا يوم الاثنين بعد الشعانين. وكان قوم من اليونانيين من الذين صعدوا ليسجدوا في يوم العيد. فأقبل هؤلاء الى فيلبس الذي من بيت صيدا الجليل وسألوه قائلين : "يا سيد نريد أن نرى يسوع". فجاء فيلبس وقال لأندراوس وأندراوس وفيلبس قالا ليسوع (يو12: 21).
كما جاء ذكر فيلبس مرة ثالثة في العشاء السري حيث قال يسوع : "لو كنتم تعرفونني لعرفتم أبي أيضاً ومن الآن تعرفونه وقد رأيتموه". فقال له فيلبس ببساطته المألوفة : "يا رب أرنا الآب وحسبنا". (يو14 :8)، فقال له يسوع : "أنا معكم كل هذا الزمان ولم تعرفني يا فيلبس؟ من رآني فقد رأى الآب، فكيف تقول أنت أرنا الآب، أما تؤمن أني أنا في الآب وأن الآب فيَّ؟" (يو 14 :9).
وبعد حلول الروح القدس، أخذ فيلبس مدة عشرين سنة يبشر في أورشليم ويصنع الآيات، ولأجل المسيح يحتمل الضرب والشتم والعذاب، وواصل بشارته في بلاد فريجيا. فهجم عليه كهنة الأصنام في مدينة هيرابوليس أي (منبج) في آسيا وضربوه ورجموه بالحجارة ثم علّقوه على الصليب. وعندما أرادوا أن ينزلوه عن الصليب أبى وآثر أن يموت مصلوباً. وسفك دمه في مدينة هيرابوليس حوالي سنة 54 للميلاد. وفي القرن السادس نقل جثمانه الى روما، ووضع في كنيسة الرسل الاثني عشر... 
 
القديس فيليبس الرسول الكلي المديح (بحسب الكنيسة الارثوذكسية)
هو احد الرسل الإثني عشر. كل الإنجيليين ذكروه ولكن يوحنا الحبيب ذكره أكثر من غيره، ربما لأنه كانت تربطه به روابط صداقة.
يبدو من النصوص الكتابية أن فيليبس كانت له صلة بيوحنا المعمدان قبل أن يعترف بالرب يسوع. وقد يكون واحداً من تلميذي السابق اللذين سمعا معلمهما يقول عن الرب يسوع: "هوذا حمل الله" فتبعاه (يوحنا 35:1). والتلميذ الآخر كان أندراوس المعرّف عنه في التراث بأنه المدعو أولاً. في كل حال، كان فيليبس من نفس مدينة اندراوس وبطرس التي هي بيت صيدا (يوحنا44:1). والاثنان، فيليبس واندراوس، يظهران، أحياناً، متلازمين كما في الإصحاحين السادس والثاني عشر من إنجيل يوحنا. لذا يغلب أنهما كانا صديقين وأنهما كانا يشكلان مع آخرين شبه حلقة تدرس الشريعة والأنبياء وتتناظر في مزايا المسيح الموعود وتنتظر تمام الوعد لإسرائيل. كما يبدو نثنائيل ذا صلة بالحلقة، فإن فيليبس، بعدما اهتدى إلى الرب يسوع، أخذ يبحث عن نثنائيل، ولما وجده قال له: "قد وجدنا الذي كتب عنه موسى في الناموس والأنبياء يسوع بن يوسف الذي من الناصرة"، ثم جاء به إلى يسوع. 
فيليبس هو أول من دعاه الرب يسوع: "اتبعني" (يوحنا43:1). والدارسون يقولون أن التعبير أن يسوع"وجد فيليبس فقال له اتبعني" يشير إلى أنه كانت له به معرفة سابقة. ثم إن شخصية فيليبس في إنجيل يوحنا تبدو كشخصية توما: شخصية حارّة عفوية واقعية وعملية تؤكد الخبرة الذاتية وإعمال الحسّ أكثر مما تؤكد التصديق بالكلمة. من هنا قوله لنثنائيل لما أبدى اعتراضاً على أنه لا يمكن أن يكون من الناصرة شيء صالح، "تعال وانظر". ومن هنا أيضاً امتحان الرب يسوع له قبل تكثير الخبز وإطعام الجموع:"من أين نبتاع خبزاً ليأكل هؤلاء. وإنما قال هذا ليمتحنه لأنه هو علم ما هو مزمع أن يفعل. أجابه فيليبس لا يكفيهم خبز بمئتي دينار ليأخذ كل واحد منهم شيئاً يسيراً" (يوحنا5:6-7). ومن هنا أيضاً انتهار الرب يسوع له بعد اعتراضه على قول السيّد عن الآب "من الآن تعرفونه وقد رأيتموه".فقال له فيليبس "يا سيد أرنا الآب وكفانا"، فانتهره الرب يسوع قائلاً: "أنا معكم زماناً هذه مدّته ولم تعرفني يا فيليبس. الذي رآني فقد رأى الآب فكيف تقول أنت أرنا الآب. ألست تؤمن أني أنا في الآب والآب فيّ" (يوحنا 14). 
لقد كان ذهن فيليبس لصيق الحسيات وكان توجه الرب يسوع أن يحرّره منها ويرفعه إلى مستوى الروحيات، مثله مثل توما الرسول وسواه من الرسل عموماً، في كل حال، على طريقة: "هات إصبعك إلى هنا وأبصر يديّ وهات يدك وضعها في جنبي ولا تكن غير مؤمن بل مؤمناً... لأنك رأيتني آمنت. طوبى للذين آمنوا ولم يروا" (يوحنا 27:20-29). 
هذا أبرز ما توافينا به الأناجيل عن القديس فيليبس الرسول. أما بعد الصعود والعنصرة، فالتراث يقول عنه أن نصيبه في البشارة وقع له في آسيا الصغرى وأنه توجّه إليها برفقة برثلماوس الرسول وأخته في الجسد، مريمني. ويبدو أنه أصاب هناك نجاحاً كبيراً حتى أنه هدى للمسيح امرأة حاكم آسيا المدعو نيكانور. ولكن ألقى عليه الوثنيون القبض في هيرابوليس في فيرجيا فجرّوه وصلبوه رأساً على عقب. وإذ أسلم الروح اهتزت الأرض كما من غضب الله فتخشّع الوثنيون الحاضرون وأعلنوا إيمانهم بالمسيح. وقد رقد فيلبس، فيما يظن، في الثمانينات من القرن الأول، ونقلت رفاته، فيما بعد، إلى رومية.
أبينا الجليل في القديسين غريغوريوس بالاماس العجائبي رئيس أساقفة سالونيك
مهاجرون مقرّبون من القصر
ولد القديس غريغوريوس بالاماس في مدينة القسطنطينية في العام 1296 للميلاد. كان من عائلة من النبلاء. أبوه وأمه مهاجران من بلاد الأناضول تركاها إثر غزوة الأتراك لها. كان أبوه عضواً في مجلس الشيوخ مقرباً من الإمبراطور البيزنطي أندرونيكوس الثاني باليولوغوس. يروى عن أبيه أنه كان يتعاطى الصلاة القلبية ويغيب عما حوله حتى في محضر الإمبراطور. وقد كان يحدث أن يطرح عليه أندرونيكوس سؤالاً فلا يجيبه لأنه كان غارقاً في صلاته. ويبدو أنه صار راهباً واتخذ اسم قسطنديوس عندما أحس بدنو أجله.
أما  أمه فكانت هي الأخرى تقية، حادة الذكاء، تتمتع بمواهب جمة. وقد كان لها على ابنها أطيب الأثر. كما اقتبلت هي أيضاً الحياة الرهبانية.
كان لغريغوريوس أربعة أخوة، أختين وأخوين. وإثر وفاة أبيه تعهّد العائلة الإمبراطور أندرونيكوس. وهكذا تيّسر لغريغوريوس أن يحصّل قدراً وافراً من العلم الدنيوي. كما أمضى سنواته حتى العشرين أو الثانية والعشرين في القصر الملكي. يروى عنه أنه كان صعباً عليه، أول أمره، أن يحفظ غيباً فكان يركع ثلاث مرات ويصلي لوالدة الإله صلاة حارة. وبمعونتها توصل إلى الحفظ عن ظهر قلب بسهولة. درس البيان والخطابة والطبيعيات والمنطق. وقد أبلى في الفكر الفلسفي بلاء حسناً، لاسيما في المنطق الأسطوري حتى كان يبدو لمعلميه وكأنهم يسمعون فيه أرسطو بعينه.
لا للوظيفة، نعم للدير                                                
ولم تغر غريغوريوس نجاحاته ولا كانت له في دنيا الوظائف العامة طموحات. لذا حوّل طرفه ناحية أخرى تحرّك صوبها قلبه بكليته: الرهبنة. اعتاد قبل ذلك أن يلتقي رهباناً ينحدرون من الجبل المقدس (آثوس). وكان هؤلاء يرشدونه إلى الابتعاد عن العالم ويشجعونه على الذهاب إلى الجبل المقدس. كما كانوا يوصونه بالتروّض على أتعاب  الفضيلة قبل ترك العالم. وهكذا بدأ بالسلوك بالفقر إلى حد أن بدأ من حوله يظنون أنه فقد عقله. وقد كان له في شخص ثيوليبتوس، أسقف فيلادلفيا العتيد، خير أب روحي ومعلم حثّه ونشّأه على يقظة القلب والصلاة النقية.
العائلة إلى الرهبنة
أخيراً عزم غريغوريوس على ترك العالم والانصراف إلى الحياة الرهبانية الملائكية. ولما كان بكر أخوته وصاحب الكلمة الأولى في العائلة محل أبيه، فقد رأى أن الحل الأوفق يتمثل في أن يترك هو وأمه وأخواه وأختاه والخدم العالم ويقتبلوا الحياة الديرية. وهكذا كان: توزعت الأم والأختان والخدام على أديرة في القسطنطينية وارتحل غريغوريوس وأخواه، مكاريوس، وثيودوثيوس، إلى الجبل المقدس (آثوس). كان ذلك في العام 1316 للميلاد.
في عهدة أب هدوئي
نزل غريغوريوس وأخواه في مكان قريب من دير فاتوباذي في الجبل المقدس، ووضعوا أنفسهم في عهدة أب هدوئي يدعى نيقوديموس. والهدوئية طريقة رهبانية نسكية تتمثل في حياة نصف مشتركة يتحلق فيها الرهبان حول شيخ روحاني فيسلكون في النسك والصلاة ويذهبون في السبوت والآحاد إلى الدير الذي يعتبر اسقيطهم من توابعه ليشتركوا في الخدم الليتورجية وسرّ الشكر. أمضى غريغوريوس في هذا الموضع ثلاث سنوات قضاها في الصلاة والصوم والسهر. كان ذكر والدة الإله لديه دائماً، يستعين بها على نفسه. ويذكر مترجم سيرته أنه فيما كان يصلي مرة ظهر له يوحنا اللاهوتي، شيخاً وقوراً، وقال له: "لقد أرسلتني إليك ملكة الكل والفائقة القداسة لأسألك لما تصرخ إلى الله في كل ساعة: أنر يا رب ظلمتي! أنر ظلمتي؟! فأجاب غريغوريوس: وماذا أطلب أنا الممتلئ أهواء وخطايا غير الرحمة والاستنارة لأدرك مشيئة الله القدّوسة وأعمل بها؟ فقال له الإنجيلي: إن سيّدة الكل تقول لك بواسطتي أنها جعلتني معها معيناً لك في كل شيء. فسأله غريغوريوس: وأين تريد أم ربي أن تساعدني أفي الحياة الحاضرة أم في الآتية؟ فأجاب يوحنا اللاهوتي: في الحياة الحاضرة والآتية معاً...".
إلى اللافرا فإلى الصحراء
توفي أخو غريغوريوس الأصغر، ثيودوسيوس، وكذا نيقوديموس الشيخ فانتقل غريغوريوس وأخوه الثاني، مكاريوس، إلى دير اللافرا الكبير الذي كان أول دير في الجبل المقدس (آثوس) والذي أسسه القديس أثناسيوس الآثوسي في القرن العاشر للميلاد. بقي غريغوريوس في اللافرا ثلاث سنوات ساد خلالها بنعمة الله والجهاد المرير والنسك الشديد لا على أهوائه وحسب بل حتى على ضرورات الطبيعة. فلقد حارب النعاس وتغلب عليه إلى حد أنه بقي ثلاثة اشهر بلا نوم إلا قليلاً من الراحة بعد الطعام حتى لا يفقد عقله صوابه.
بعد ذلك خرج غريغوريوس إلى الصحراء طالباً المزيد من الخلوة والهدوء، فاستقر حيناً في اسقيط يدعى "غلوسيّا" حيث تتلمذ لناسك شهير في الهدوئية اسمه غريغوريوس البيزنطي فأخذ عنه الأسرار الفائقة للصلاة العقلية ولرؤية الله السامية. وقد اكتسب خلال إقامته في هذا الاسقيط تواضعاً عميقاً اقترن بمحبة لا توصف لله والقريب. كما ساعدته الخلوة والهدوء على تركيز العقل في القلب والدعوة باسم الرب يسوع بنخس، فأضحى كله صلاة وصارت الدموع العذبة تتدفق من عينيه كمن معين ماء لا ينضب.
لم تطل إقامة غريغوريوس في هذا الاسقيط أكثر من سنتين أو ثلاث غادر بعدها إلى تسالونيكي بسبب غارات القراصنة الأتراك (1325م)، وكان بصحبته اثنا عشر راهباً من الأخوة.
الهدوئية العامة
في تسالونيكي، اشترك غريغوريوس لبعض الوقت في حلقة روحية كان يقودها ايسيدوروس، بطريرك القسطنطينية العتيد وأحد تلامذة القديس غريغوريوس السينائي. الفكرة من هذه الحلقة كانت أن الروحانية الهدوئية ليست للرهبان وحدهم بل لعامة المؤمنين أيضاً. وعليه سعى غريغوريوس وايسيدوروس إلى نشر ممارسة صلاة الرب يسوع بين الناس من حيث هي الأداة الأولى لتفعيل نعمة المعمودية.
مثال في الفضيلة
سيم غريغوريوس كاهناً وهو في سن الثلاثين (1362م). ثم انتقل إلى منطقة فاريا الواقعة على الحدود بين مقدونيا وتراقيا واستقر في إحدى مغاورها الجبلية نظير النساك القدامى. هناك، فيما يبدو، قسى على نفسه أشد القسوة، فكان لا يخرج من قلايته خمسة أيام كاملة في الأسبوع إلا السبت والأحد ليشترك في خدمة الأسرار الإلهية وينفع إخوته بكلام روحي. وقد تركت هذه المرحلة من حياته بصماتها على صحته البدنية فأصيب بمرض في الأمعاء.
كان الرهبان والنسّاك في منطقة فاريا ينظرون إلى غريغوريوس كمثال لحياة الفضيلة لأن حياته الملائكية، على حد تعبير مترجمه، "كانت تدهش الجميع وتدخلهم في نشوة"، وكذا كلامه وحكمته الإلهية الفائقة. كما "كان يظهر في بعض الأحيان يقظاً متجهاً كله إلى الله مغتسلاً بدموعه العجيبة، وأحياناً أخرى كان وجهه يظهر بشكل فائق الطبيعة بهياً لامعاً ممجداً بنار الروح القدس، خاصة عندما كان يخرج من القداس الإلهي أو من هدوء صلاته في القلاية".
إلى آثوس من جديد
لم يطل المقام بغريغوريوس في فاريا أكثر من خمس سنوات إذ اضطر تحت غارات الصربيين إلى العودة إلى الجبل المقدس (آثوس) حيث نزل في منسك القديس سابا التابع لدير اللافرا الكبير والرابض فوق أكمة تعلو على الدير ويحتاج قاصدها إلى ساعة سيراً على الأقدام ليصل إليها. هناك انصرف غريغوريوس إلى تواصل أعمق وربه فبلغ معاينة الله في نور الروح القدس والتأله. هنا يروي مترجمه أنه فيما كان ذهنه مرة ملتصقاً بالله "أخذه نعاس خفيف فعاين الرؤيا التالية: ظهر وهو يمسك بيديه وعاء مملوءاً حليباً. وقد أخذ الحليب فجأة يفيض كنبع وينسكب خارج الوعاء. ومن ثم ظهر وكأنه استحال خمرة ممتازة ركية الرائحة... فجأة ظهر له إنسان نوراني بلباس عسكري وقال له: لما لا تعطي يا غريغوريوس للآخرين بعضاً من هذا الشراب العجيب المنسكب بغزارة بل تتركه يذهب هدراً؟ ألا تعلم أنه هبة من الله ولن ينضب أبداً؟ فأجاب غريغوريوس: لا طاقة لي على منح مثل هذا الشراب لأحد ولا يوجد من يطلب مثل هذا النوع من الشراب. أجابه الرجل: وإن لم يكن ثمة من يسعون في طلب في مثل هذه الخمرة، في الوقت الحاضر، فإن عليك أن تعمل وسعك ولا تتهاون في تقديمه للآخرين. أما الإثمار فمتروك لله". هكذا أيقن غريغوريوس أنه قد آن الأوان لمباشرة عمل كتابي يفيد منه من يحرّك الله قلوبهم.
بعض مقولاته
كتابات القديس غريغوريوس عظيمة الأهمية. لذا، وإكمالاً للفائدة، نورد بعض مقولاته.
يقول أنه متى اعتزل الإنسان العالم واستغرق في النشوة الكاملة للروح فإن الله يكشف له ذاته. إذ ذاك تنشقّ الظلمة ولا يبقى غير نور الله يدعونا إليه مؤطراً بنار معتمة. هذا النور هو الله نفسه. فإن صلّى المرء بمنتهى البساطة في القلب وكرّر الكلمات "ربي يسوع المسيح، يا ابن الله، ارحمني" أيضاً وأيضاً، فإنه يؤدي، بذلك، العمل الفائق الذي من أجله خُلق، لأنه سيجد نفسه أخيراً في دائرة الضوء الذي أشرق على قمة ثابور يوم التجلي الإلهي.
كان غريغوريوس يرى الكون مشحوناً بطاقة (energy) التجسّد الإلهي وكذا بجمال العذراء مريم. في عينه أن الأرض موضع إلهي جماله يكاد لا يحتمل. فإن نور التجلي لم يكف عن السطوع. وثمة قديسون يعاينون هذا النور، بعدما جاء المسيح في الجسد، بحراً لا حدّ له يفيض بصورة عجيبة من شمس وحيدة هي جسد المسيح. يقول: "في الاسم القدوس طاقة إلهية تخترق قلب الإنسان وتغيّره متى انبثت في جسده". وكان يؤمن أن ثمة نَفَساً إلهياً معطى للناس يتحرك في أجسادهم المادية، والجسد يقتني القداسة بهذا النَفَس الإلهي المنسكب فيه، وأن الجسد كالنَفْس مخلوق على صورة الله وهو ليس شراً بحال. وللقديس غريغوريوس قول مأثور عن أهمية الجسد "إن الإنسان بفضل كرامة الجسد المخلوق على شبه الله هو أسمى من الملائكة".  
كان يقول أنه من النفس تنسكب في الجسد طاقة إلهية بصورة متواصلة وأن الملائكة وإن كانوا أدنى إلى الله فلا أجساد لهم تنسكب فيها الطاقة الإلهية على هذا النحو. وعنده أن الإنسان يصبح إلهاً متى انكب على التأمل وعاين في موضع القلب نور التجلي المتوهج.
هذا ومع القديس غريغوريوس انتهى الجدل الذي طالما كان قائماً بين قائل بإمكان إدراك الإنسان لله وقائل بخلاف ذلك. فيما أن نعمة الله قد صار بالإمكان معاينتها في النور غير المخلوق المتدفق في "موضع القلب"، وبما أن الرهبان، ولاسيما القديسين، يتمتعون بهذه النعمة، في أعمق تأملاتهم، لذا يخلص غريغوريوس إلى أن الله بات بالفعل قابلاً للمعاينة لأنه هو إياه هذا النور. ومع ذلك يبقى الله، إلى الأبد، غير منظور، يبقى في جوهره كذلك. بكلام آخر، الله معروف في ذاته، في شخصه كنور غير مخلوق، لا في جوهره. بكلمات القديس غريغوريوس نفسه: "ليس لنا أن نشترك في الطبيعة الإلهية، ومع ذلك، وبمعنى من المعاني، لنا أن نشترك، وبيسر، في طبيعة الله، لأننا ندخل في شركة معه، فيما يبقى الله تماماً وفي الوقت نفسه بمنأى عنا. لذا نؤكد معاً، وفي وقت واحد، أمرين متناقضين نسرّ بهما ونعتبرهما مقياساً للحقيقة".
على هذا خلص القديس غريغوريوس إلى أن التجلّي الإلهي على قمة ثابور هو أعظم ما أتاه الرب يسوع من أعمال. التجلي الإلهي يفوق حتى سر الشكر. وقد كتب "أن نور ثابور هو ملكوت الله". لم يكن نوراً مفاجئاً لأنه لا بداية له ولا نهاية، لا يحد في زمان ولا مكان ولا يمكن إدراكه بالحواس العادية. ومع ذلك صار معروفاً والذين اشتركوا في طاقة الله عرفوه وتألهوا به. فالتلاميذ الذين وقفوا فوق قمة ثابور قد رأوا النور وأضحوا كائنات سماوية لأنهم لما حدقوا فيه تروحنت أجسادهم. هذا النور المعمّي عاينه القديس بولس في دمشق وإيليا النبي عندما أخذته عن الأنظار عربة النار وموسى عندما وقف بالعليقة المحترقة. وكيف يلتمس المرء هذا النور؟ قبل كل شيء، بالتوبة والدعوة باسم الرب يسوع واستدعاء رحمة الاسم القدوس.
القديس غريغوريوس بالاماس هو لاهوتي الروحانية الأرثوذكسية الأول. إن كل آباء البرية والذين استغرقوا في خبرة صلاة الرب يسوع والتماس النور الإلهي قالوا واختبروا ويختبرون ما سكبه القديس غريغوريوس في قالب أجاد في حبكه. وقد كان التعبير عن هذا التراث الحي غاية في الأهمية في القرن الرابع عشر لأن الروحانية الأرثوذكسية تعرّضت، آنئذ، لهجمات من الداخل والخارج كان يمكن أن تحوّلها عن مسارها وتغيّر ملامحها وتلقيها في خضم التيارات الفكرية التي بدأت تعبث بالغرب، آنذاك، والتي تمثلت في بعث الفكر الفلسفي الإغريقي والوثنيات القديمة وتمخضت، فيما بعد، عن التيارات العقلانية والحركة البروتستانتية، كما خلقت المجتمعات الدهرية التي أخذت ترتكز على الفلسفة الإنسانية والأخلاقيات دون الإلهيات وأفرعت ما يعرف بفلسفة "الله مات".
المواجهة التاريخية
في هذا الإطار كانت المواجهة التاريخية الشهيرة بين القديس غريغوريوس بالاماس والراهب برلعام.
كان برلعام من كالابريا، في جنوبي إيطاليا، يوناني اللسان. جاء إلى مدينة القسطنطينية خلال العام 1338 فذاع صيته في أوساط المفكرين فيها كعالم وفيلسوف مميز، كما خصّه الإمبراطور ورئيس وزرائه بإكرام وتقدير كبيرين. كان برلعام أرثوذكسياً في الظاهر وقد كتب ضد اللاتين. قال بعدم إمكان معرفة الله في ذاته، واستند في تعاطيه مع مؤلفات الآباء الشرقيين إلى تحليلاته الذهنية والفلسفية دون الخبرة الصلاتية، لذا اصطدم بما كان يدّعيه الهدوئيون من إمكان معرفة الله ومعاينة النور غير المخلوق عن طريق صلاة الذهن في القلب والتركيز والإيقاع الجسديين الموافقين لها. فشنّ عليهم حملة شعواء وكفّرهم بحجة الخروج على عقائد أساسية مسلّم بها في الكنيسة. إذ ذاك انبرى القديس غريغوريوس بالاماس للدفاع عن تراث طالما عاش الرهبان في كنفه وخبروه حياً في ذواتهم على مدى الأجيال. وطبعاً كان لكل من الاثنين، غريغوريوس وبرلعام، مناصروه في كافة الأوساط: القصر والجيش والأساقفة والمفكرين والرهبان وحتى العامة. وهكذا قامت الدنيا ولم تقعد ردحاً من الزمان. في هذه الفترة بالذات كتب القديس غريغوريوس ثلاثيته في الدفاع عن القديسين الهدوئين. وقد التأم مجمعان، خلال شهري حزيران وآب من العام 1341، في أروقة آجيا صوفيا، وأدانا برلعام الذي تحوّل إلى الغرب وصار أسقفاً في إيطاليا.
غير أن رحيل برلعام لم يكن كافياً لوضع حد للصراع، فقام أكندينوس بمتابعة الحملة ضد القديس غريغوريوس والرهبان وناصره في رأيه بطريرك القسطنطينية، يوحنا كاليكاس، لأسباب سياسية. ولكن، أقيل البطريرك في العام 1347م وأخذ مكانه ايسيدوروس الذي زكى غريغوريوس وجعله أسقفاً على سالونيك. وكان أهم المجامع المنعقدة في هذا الشأن ذاك الذي التأم في شهر تموز من العام 1351م والذي أدان آخر أعداء بالاماس، الفيلسوف نقفر غريغوراس، وأعلى شأن القديس غريغوريوس والكتابات التي وضعها من حيث تعبيرها الصادق والصافي عن إيمان الكنيسة الأرثوذكسية.
وقوعه في الأسر
ولعل آخر وأهم حدث في السنوات الأخيرة من حياة القديس غريغوريوس كان وقوعه في الأسر. فبينما كان ينتقل بطريق البحر من تسالونيكي إلى القسطنطينية وقع في أيدي القراصنة الأتراك الذين استاقوه إلى آسيا الصغرى حيث بقي أسيراً ما يقرب من سنة (1353 – 1354م). أمران أساسيان ميّزا هذه الفترة من حياة قديسنا، كما يتضح من الرسائل والوثائق العائدة إليها، أولهما التسامح الكبير الذي كان الأتراك يعاملون به المسيحيين، سواء الأسرى منهم أو سكان المناطق المحتلة، والثاني اهتمام القديس غريغوريوس بالدين الإسلامي.
وقد تجلّى الأمر الأخير بصورة خاصة، في الحوار الصريح الذي كان للقديس غريغوريوس مع الابن الأكبر للأمير التركي أورخان. وبنتيجة هذا الحوار عبّر قديسنا عن الأمل في أن "يحل يوم"، على حدّ تعبيره، "يصبح فيه بإمكاننا أن نفهم بعضنا بعضاً...".
ويبدو أن قديسنا عاش في هدوء خلال القسم الأكبر من هذه الفترة في دير من ديورة نيقيا إلى أن افتداه بالمال بعض الأتقياء الصرب.
رقاده
أما رقاد القديس غريغوريوس فكان في تسالونيكي في الرابع عشر من شهر تشرين الثاني من العام 1359 للميلاد، بعد أشهر من المرض الشديد. ويذكر مترجمه أنه "بعد أن فارقت جسده روحه الطاهرة، أظهرت نعمة الروح القدس البهاء الداخلي الذي كان في نفسه وذلك بطريقة عجيبة، إذ أن نوراً ساطعاً ملأ تلك القلاية التي كانت فيها رفاته. فاستضاء وجهه وجسده لم يزل بعد جاثياً يابساً قبل الدفن... وقد لازمت نعمة الروح القدس رفاته الشريفة واستبان مسكناً للنور الإلهي ومنبعاً للعجائب والمواهب ومستشفى عاماً مجانياً. لذلك لقب بالعجائبي...".
هذا وقد أعلنت قداسة القديس غريغوريوس في مجمع عقد في القسطنطينية بعد تسع سنوات من رقاده، في العام 1368م، برئاسة تلميذه وصديقه، فيلوثاوس، البطريرك المسكوني، وهو الذي كتب سيرته. وقد وصفه المجمع بأنه "الأعظم بين آباء الكنيسة".
 
ظهور رأس لونجينوس الجندي الذي طعن جنب مخلصنا الصالح (بحسب الكنيسة القبطية الارثوذكسية)
في مثل هذا اليوم تذكار ظهر راس القديس لونجينوس الجندي الذي طعن جنب المخلص بالحربة وهو على الصليب. وذلك إن الملك طيباروس قيصر أرسل جندياً إلى القبادوقية لقطع راس هذا القديس. كما دوّن في اليوم الثالث والعشرين من شهر أبيب. وقد نفذ الجندي الأمر. ثم أتى بالرأس إلى أورشليم وسلّمه إلى بيلاطس البنطي، وهذا أراه لليهود فسروا لصنيعه. ثم أمر أن يدفن الرأس في بعض الأكوام التي خارج أورشليم. وكانت هناك امرأة آمنت على يد القديس لما بشر بالقبادوق. ولما ضربت رقبته شاهدت استشهاده وهي واقفة تبكي. وقد أصيبت بعد ذلك بالعمى. فأخذت ولدها وقصدوا أورشليم لتتبارك من الآثار المقدسة، والقبر المحي عساها تبصر. ولدى وصولها المدينة مات ولدها. فحزنت وأفرطت في الحزن على حالها وعدم وجود من يعود بها إلى بلادها. وأثناء نومها أبصرت القديس لونجينوس ومعه ولدها الذي مات، فأرشدها إلى المكان الذي دفن فيه رأسه، وأمرها أن تحمله من هناك. فلما استيقظت بحثت عن المكان حتى وجدته وحفرت في الأرض فخرجت رائحة بخور زكية. ولما بلغت إلى رأس القديس أبرق منه نور فانفتحت عيناها وأبصرت في الحال، فمجدت السيد المسيح وقبلت الرأس وطيّبته ووضعته مع جسد ابنها، ثم عادت إلى بلادها ممجدة السيد المسيح الذي يظهر عجائبه في قديسين. صلاة هذا القديس تكون معنا امين.
وفي هذا اليوم أيضاً : نقل جسد القديس الامير تادرس الي بلدة شطب وشهادة القديس تيموثاوس 
في مثل هذا اليوم تذكار شهادة القديس تيموثاوس، وأيضا تذكار نقل جسد القديس الأمير تادرس إلى بلدة شطب من أعمال أسيوط شفاعته تكون معنا امين.
وفي هذا اليوم أيضاً : عيد جلوس قداسة البابا شنودة الثالث
تذكار عيد جلوس قداسة البابا شنودة الثالث. أدام الله حياته، صلواته تكون معنا ولربنا المجد دائما إبديا امين.