دينيّة
16 آب 2017, 05:30

قدّيسو اليوم: 16 آب 2017

تذكار القديس روكز(بحسب الكنيسة المارونية) ولد في اواخر القرن الثالث عشر في مدينة مونبلييه في فرنسا من أبوين شريفين تقيين. وعند ولادته ظهر على صدره صليب أحمر، رمزاً لجهاده في الحياة حتى الدم. وكان متفانياً بوجه خاص في محبة القريب. ولما توفي والداه، وهو ابن عشرين سنة، وزع امواله على الفقراء تاركاً لعمه ما يملكه من اراض واسعة وقرى عديدة. ثم تنكر بزي الفقراء والمساكين وهجر وطنه قاصداً الى مدينة روما العظمى. وما دخل ايطاليا حتى رأى مرض الطاعون يفتك في اكثر مدنها. فشرع يهتم في دفن الموتى ويخدم المرضى ويشفيهم باشارة الصليب المقدس. غير انه اصيب هو نفسه بهذا المرض ولازمه وجع مؤلم في جنبه فأوى الى غاب خارج المدينة، وهناك قاسى آلاماً مبرحة.

 

وبعد ان تحمل القديس روكز أمرّ الأوجاع، مَنّ الله عليه بالشفاء، واوحى اليه بالرجوع الى وطنه، وكانت الحروب الاهلية تمزّق تلك البلاد التي قام عمه والياً عليها. ولما وصل روكز متنكراً ظنوه جاسوساً. فقبضوا عليه وساقوه الى عمه الوالي وكيل املاكه، فلم يعرفه. فأمر بطرحه في سجن مظلم، فصبر روكز على بلواه، ممارساً الصوم الصلاة واعمال الاماتة مدة خمس سنوات، ولما شعر بدنو اجله، استدعى كاهناً زوده الاسرار المقدسة، وعندما فاضت روحه البارة، أشرق نور ساطع في السجن، ووجدوا امام جثمانه الطاهر لوحاً مكتوباً عليه:" من اصيب بالطاعون، والتجأ الى عبدي روكز، ينجو بشفاعته". وكانت وفاته سنة 1327.

وفي الحال اسرعت جدته يصحبها عمه وتحققت انه حفيدها من الصليب الاحمر الذي كان مطبوعاً على صدره فضمته الى صدرها مذرفة الدموع السخية على فقد حشاشة كبدها وذخيرتها الثمينة. اما عمه فعرفه من الصليب الاحمر الذي كان على صدره فبكاه، وتكفيراً عن ذنبه، اقام له كنيسة على اسمه تخليداً لذكره. صلاته معنا. آمين.

 

مار سابا الفنى ورفاقه الشهداء (بحسب الكنيسة السريانيّة الكاثوليكيّة)

يقال أنّه من أمّة القطط. ولد نحو سنة 360 ومنذ صباه إعتنق الإيمان المسيحي وعُرف بفصاحة لسانه وتواضع حياته، وكان شجاعاً. وقد أظهر ذلك في دفاعه عن إيمانه في وجه جنود شابور الذين كانوا يضطهدون المسيحيين ويلزمونهم بأكل الذبائح المقدّمة للأوثان. فحملت الغيرة سابا على أن يعلن أن كل من يأكل من تلك الذبائح لا يُعد مسيحيّاً. فانصاع كثيرون لكلامه واستمرّوا ثابتين في مسيحيتهم وصابرين على أشد العذابات... ولمّا وصل الإضطهاد قرية سابا وقف الشهيد أمامهم مجاهداً بكل شجاعة بإيمانه، وأمره أن يأكل من ذبائح الأوثان فأبى. فأخذوه وشدّوا وثاقه وأوسعوه إهانات. وحملوه إلى النهر حيث خنقوه وطرحوه في الماء فنال إكليل الشهادة في 12 نيسان سنة 372 وهناك من يقول أنّه إستشهد في السادس عشر من آب.

 

القديس الشهيد ديوميدوس الطرسوسي (بحسب الكنيسة الارثوذكسية)‏ 

أصله من عائلة مسيحية مميزة في طرسوس الكيليكية. درس الطب. اهتم بشفاء الأجساد والنفوس والكرازة باسم المسيح. في مطلع حكم الإمبراطور ذيوكليسيانوس ومكسيميانوس، حوالي العام 288م، أقام في نيقية البيثينية. ورغم قرب نيقية من نيقوميذية، العاصمة الشرقية للإمبراطورية، استمر ديوميدوس يشهد بقوة الإيمان. اعتاد أن يفتقد الشهداء والمعترفين في السجن، بعدما صار صديقاً للجلاد. كان يضمد جراحهم ويغسلها بالماء الحار معزياً إياهم بالإيمان وحاثاً إياهم على الصبر على العذابات ومشدداً الذين كانوا مزمعين أن يمثلوا أمام القضاة.

 بلغ خبره الإمبراطور فجرى توقيفه واستياقه إلى نيقوميذية. في الطريق كان متهللاً لأنه حُسب أهلاً لأن يتألم من أجل المسيح، وكان يصلي إلى الرب الإله أن يعينه في جهاده. فلما بلغ المدينة سأل الحراس أن يتركوه يبتعد قليلاً. وإذ ظنوا أنه بحاجة إلى قضاء حاجة الطبيعة تركوه يذهب. مشى ديوميدوس قليلاً ثم سقط على ركبتيه وصلى. للحال استودع الله روحه ونال إكليل الشهادة حتى قبل أن يباشر المعركة. قطع الجنود رأسه، وقيل أصيبوا بالعمى لفعلتهم الشنيعة. بلغوا نيقوميذية بصعوبة. أسلموا الإمبراطور الهامة فغضب وأمر بأن يأتوه بباقي الجسد. ارتدوا إلى الموضع الذي تركوه فيه وأعادوا الرأس إلى الجسد فارتبطا من جديد. وإذ فعلوا ذلك استردوا بصرهم. استناروا بنور الإيمان وأقلعوا عن وهمهم الصنمي. اعترفوا بالعجيبة أمام الناس واجتذبوا العديد من الوثنيين إلى الإيمان.

بعد ثلاثة أيام جاءت امرأة شريفة اسمها بترونيا، سبق للقديس ديوميدوس أن شفاها، واشترت جسده ولفته بالكتان الثمين ووارته الثرى.

 

نقل صورة ربّنا يسوع المسيح غير المصنوعة بيدٍ من مدينة الرها (بحسب كنيسة الروم الملكيين الكاثوليك)

يُحكى أن أمير مدينة الرها، وهي أورفا الحاليّة، لمّا سمع بأعمال يسوع، أرسل إليه أحد رجاله يطلب إليه أن يأتي ويزوره. فمانع يسوع في ذلك. لكنّه، جلّت رأفته، لم يشأ أن يترك ذلك الإيمان بلا مكافأة، فأرسل إلى ذلك الأمير صورته مطبوعةً على منديل.

وكان ذلك الأمير مصاباً بداء البرص. فما كادت صورة الرب يسوع تلمس جسده حتى بَرِىء من مرضه. فأكرم تلك الصورة إكراماً فائقاً، وأخذت تلك الصورة الإلهيّة تفيض المواهب والنعم وأنواع الأشفية على أهل تلك المدينة والبلاد المجاورة لها.

ثم تبدّلت الأيام وثارت الإضطهادات على الكنيسة، وبقيت تلك الصورة العجائبية مخبوءةً لا يعلم أحد بمكانها، إلى أن هاجمت جيوش الفرس مدينة الرها في القرن الخامس، وحاصرتها وشددت عليها الخناق، وأوقدت من حولها النيران. فصام المسيحيون وصلّوا، وتضرّعوا إلى الله لكي يُبعد عنهم ويلات الحرب وينقذهم من سيف الفرس. فأوحيَ إلى الأسقف أفلاليوس بمكان صورة المسيح العجائبيّة، فأخرجها وطاف بها في المدينة بإحتفال عظيم. ثم صعد بها إلى الأسوار ورفعها أمام العدو، فانقلبت النيران تلتهم جيشه وتفتك بعدّته. فرفع الفرس الحصار عن المدينة وعادوا إلى بلادهم خاسرين.

واشتهرت تلك الصورة بالعجائب العديدة الباهرة التي حدثت بواسطتها، حتى طار صيتها في الآفاق، وصارت الناس تحجّ إلى زيارتها من كل أطراف الأرض.

وفي القرن العاشر للمسيح كانت الحرب لا تخمد لها نار بين ملوك القسطنطينيّة وأمراء وملوك الرها من العرب. وحاول أولئك كثيراً أن يحصلوا على تلك الصورة العجائبيّة، فذهبت مساعيهم أدراج الرياح. وعرض رومانس ملك القسطنطينيّة مرةً على ملك الرها أن يشتري منه تلك الصورة بالأموال، وبمئتي أسير من العرب يطلق سبيلهم مقابل ذلك أيضًا، فلم يرضَ أهل الرها بذلك. فهاجم الملك رومانس مدينة الرها بجيوشه، وشدّد عليها الحصار وكاد يدخلها عنوة. فأرسل الملك العربي سفراء إلى الملك القسطنطينيّة يطلبون منه عقد الصلح. ووعدوه بحمل صورة السيّد المسيح إليه، على شرط أن يَعد بكتاب مكتوب بماء الذهب يوقّع عليه ويتعهّد به، هو وحلفاؤه من بعده، أن لا يعودوا إلى محاربة الرها والمدن الثلاثة التابعة لها. فعمل الملك رومانس بكلامهم، وهكذا حصل على ذلك الكنز العظيم، وحمل تلك الصورة الكريمة إلى مدينة القسطنطينيّة، سنة 944.

وبقيت تلك الصورة العجائبيّة في عاصمة المملكة البيزنطيّة سنين طويلة تكرّمها الشعوب المسيحيّة، إلى أن حُملت مع غيرها من الكنوز الشرقيّة إلى مدينة رومة العظمى، حيث لا تزال معروضة لإكرام المؤمنين في كنيسة القديس سلفسترس، إلى أيامنا هذه.

وفي مثل هذا اليوم أيضًا: القديس الشهيد ذيوميذس

أن القديس الشهيد ذيوميذس هو من طرسوس، من مدينة القديس بولس الرسول، وكان طبيباً ماهراً ورجلاً تقيّاً فاضلاً.

وترك مسقط رأسه، وذهب فسكن في مدينة نيقية العظيمة، حيث أضحى علَماً من الأعلام المسيحيّة بحذاقته في صناعته، وبما كان يمتاز به من التقوى وحسن العبادة والعطف على الفقير.

فلمّا أثار الملك ذيو كلسيانس زوبعة الإضطهاد ضد المسيحيين، أسرع بعض الوثنيين، تدفعهم عاطفة الحسد، فوشوا بالطبيب القديس، فقبض والي المدينة عليه وقاده إلى ديوانه. فاعترف بالمسيح، فقطع له رأسه. وهكذا فاز بإكليل الإستشهاد.

وبعد سنين قليلة، لمّا تبوّأ قسطنطين الملك عرش المملكة، شيّد في مدينة القسطنطينيّة كنيسةً جميلة على إسم هذا القديس. ومن بعده وسعّها الملك باسيليوس المكدوني وزيّنها بأفخر التحف. لأنّه لمّا كان بعد من عامة الناس كان يوماً يزور هذه الكنيسة، فوعده الله بأن يجلسه يوماً على تخت المملكة. فلمّا تمّ له ذلك، أغنى تلك الكنيسة بالمواهب.

ويقال أن جسم هذا القديس نُقل من مدينة القسطنطينيّة إلى بلاد إيطاليا، وأن رأسه لا يزال محفوظاً بإكرام في دير للرهبان السترسيان بقرب مدينة أمَلفي.

وفي مثل هذا اليوم أيضًا: القديس روكس المعترف

ولد روكس في مدينة مونتيلييه، في فرنسا، من أبوين شريفين غنيين، في أواخر القرن الثالث عشر. وكان أبوه يُدعى يوحنّا، وكان من كبار تلك المدينة، وربما كان والياً عليها. أمّا والدته فكانت تدعى ليبريا، وكانت عاقراً. فأخذت تبتهل إلى الله أن يهب لها ولداً، ونذرت أن تخصصه لعبادته تعالى وخدمته. فاستجاب الرب طلبتها، ورزقها ولداً دعته روكس، وخصصته منذ ساعة ولادته لله وللبتول مريم. ورأت صليباً أحمر مرسوماً على صدره، فتأكّد لديها أن الله قد سمع تضرّعات قلبها وقبل نذرها وتقدّمها. فقامت تغذّيه وتربّيه وتطبع في قلبه مبادىء التقوى والعبادة الصادقة. فنشأ الولد على محبّة الله، والتجرّد عن حطام الدنيا وأمجادها. وتعوَّد منذ صغره حسن القيام بواجباته. وكان كثير الشفقة على الفقراء، يجود عليهم بكرمٍ وسخاء محبةً للذي آثر الفقر على الغنى، وعاش على الأرض فقيراً وهو الغني ومغني الدنيا.

وما كاد روكس يبلغ العشرين من عمره حتى توفي والداه، وأصبح وريث إسمٍ عظيم وجاه كبير وثروة طائلة. ولمّا كان قد تكمّل بالمزايا المستحبّة والفضائل الجميلة، وأصبح شابّاً بارزاً بين الشبّان الأشراف، وحامت حوله الأبصار، وطمع الكثيرون بمصاهرته والفوز برضاه وعشرته. أمّا هو فكان على الدوام يصلّي إلى الله بحرارة لكي يريه الطريق التي يريدها له. فكان يشعر في قلبه بأن الدنيا لا تملأ رغائبه، وأن نعيمها وزخرفها لا يدومان لأحد، ولن يدوما له.

ففي ذات يومٍ سمع أحد الوعاظ يشرح للمؤمنين ما قاله الرب لذاك الشاب الذي أتاه مستوضحاً عن طريق الحياة، فأجابه بهذه الآية الخالدة: إذا أردت أن تكون كاملاً، فاذهب وبع كل شيء لك وأعطه للمساكين، فيكون لك كنز في السماء، وتعال إتبعني. عاد روكس إلى بيته، وباع سرّاً كل ما وصلت إليه يده، ووزّع ثمنه على المساكين وعلى الكنائس والأديار الفقيرة، ووكّل إلى عمّه إدارة ما بقي له من الأملاك. ثم لبس ثوب الحجاج التائبين، وحمل جراباً، وخرج سرّاً من البيت، يريد مدينة رومة ومزاراتها المقدّسة، ليعيش في كنفها عيشة الصلاة والفقر والتواضع والصبر.

فراق هذا التجرّد الرائع في عيني الرب، فأسبغ عليه نعمه وهباته، وألهب نيران الإيمان في قلبه، وجعله رسول الخير والبركات إلى شعبه. فإنّ روكس ما كاد يصل إلى بلاد إيطاليا ماشياً على قدميه، وهو يصلّي ويستعطي، حتى وجد داء الطاعون يفتك بالمدن والقرى، ويحصد الألوف بمنجله. فأخذته الشفقة والحمية الرسوليّة، وقام يخدم المصابين بكل غيرةٍ وتفانٍ، ويسعى بنشاط لإعداد المشرفين على الموت، ليمثلوا أمام منبر المسيح مصالحين مع الله تائبين، ويعمل بلا كلال على دفن الفقراء المساكين المطروحين في الأزقّة متروكين مُهملين.

فكافأه الرب على هذه الغيرة والحميّة بأن منحه صنع العجائب، حتى أنّه صار يصنع إشارة الصليب على المرضى فيشفيهم. وصار الطاعون يهرب منه ويتلاشى في كل مدينة وكل مكان وطئته قدماه. فانتعشت البلاد به، وعادت الطمأنينة والحياة إلى النفوس بقدومه. وصار هو ينتقل من مدينة إلى مدينة، ومن قرية إلى قرية، ويطهّرها بصلاته وشفاعته من جراثيم ذلك الداء الوخيم، حتى ظنّه الناس ملاكاً هبط عليهم من السماء. أمّا هو فإنّه كان رغم ذلك كثير الإتّضاع، كثير الصوم والإماتة.

وفعل في مدينة رومة ما فعله في غيرها من الخير العميم، ولاسيّما وإن ذلك الوباء الوخيم كان قد فتك بأهلها فتكاً ذريعاً، وحوّل أفراحها إلى بكاء وعويل، وبدّل نشاطها ومرحها بالشقاء والموت الأليم. فقام هذا الطبيب السماوي يخدم المرضى ويشفيهم. ويدخل بيوت الفقراء المظلمة، ويغمرها بالبركات وأنواع الأشفية والهبات. وكان لا يقرّ له قرار في مكان، بل يتنقّل من مدينة إلى مدينة، لا يبالي بالأتعاب والإسهار، ويحمل مواهب الأشفية أينما حلَّ أو سار.

وأراد الله أن يكمّل قداسة عبده بالآلام. لأن ذروة الكمال المسيحي لا يصل إليها الإنسان إلاّ عن طريق الجلجلة. فلمّا كان في مدينة بليزنسا يخدم المصابين بالطاعون، أصيب هو أيضًا بهذا الداء الأليم. واشتدّت عليه وطأته حتى صار يصرخ من الألم. وخوفاً من أن يزعج المرضى في المستشفى، طلب أن يخرجوه إلى الشارع ويتركوه هناك. فحمله أهل المدينة إلى غابة بعيدة وطرحوه فيها. أمّا هو فلم يعترض، ولم يتذمّر، بل سلّم أمره إلى الله، وبات ينتظر من يده القدوسة القادرة الخلاص من شقاء هذه الحياة. لكن الله الساهر بعطف وحنان على مقدرات عبيده، فلا تسقط شعرة واحدة من رؤوسنا إلاّ بإذنه، سخّر له كلباً لكي يخدمه ويؤاسيه. فصار هذا الكلب يخطف كل يوم رغيفاً من مائدة سيّده، ويذهب إلى روكس ويحمله إليه. فظنّ صاحب الكلب في بادىء أمره أن خدَمه يقصّرون في إطعام وإشباع كلبه. ولكن لمّا علم أن الأمر على خلاف ما توهّم، سار يوماً في أثر الكلب إلى أن عثر في الغابة على روكس المسكين السقيم، وفهم أن الرب سخّر هذا الحيوان لخدمة هذا الرجل الغريب المريض.

فأثّر هذا الحديث العجيب في قلبه، وزهد في الدنيا، ورجا من روكس أن يرشده إلى طريق الكمال المسيحي. فحمله روكس على التجرّد وخدمة الله، فصار من خدّام الرب الأمناء الصالحين.

وبعد أيام كثيرة وآلام شديدة شفي روكس من دائه. فأمره الله بإلهام سماوي أن يعود إلى وطنه وإلى مدينته، وأن يعيش هناك عيشة النسك والعبادة والصلاة والإماتة بقيّة حياته.

فلمّا عاد إلى بلاده وجد الحروب الأهلية تمزّقها. وكان عمّه والياً عليها. فلمّا وصل روكس بزيّه الغريب، ووجهه المنكر، وقد أحرقته الشموس ومحت ملامحه ونضارته الأسفار، ظنّوه رجلاً عدوّاً جاء يتجسّس عليهم. فقبضواعليه وساقوه إلى عمّه، وكان وكيل أملاكه وأرزاقه، فلم يعرفه عمّه، ولم يشأ روكس أن يعرّفه بنفسه. فكبّله عمّه بالقيود وزجّه في سجن منتن مظلم. فصبر روكس على بلواه، بل سُرّ وابتهج بأن يتألّم ويُرذل حبّاً للمسيح في وطنه وإمارته.

وحوّل روكس ذلك السجن إلى منسك شهيّ، وقام يمارس فيه أسمى أعمال العبادة والتأمّل والصوم والصلاة. وكان يجلد نفسه بالمجالد القاسية، ولا يذوق مطلقاً طعاماً مطبوخاً. فعجب الشرط من أمره، وأكبروا صبره ووداعته وصمته وجميل صلاته.

وقضى روكس في سجنه هذا خمس سنوات وصل بها إلى قمّة القداسة. وما زال على حاله وعباداته حتى خارت قواه وأشرف على الموت. فطلب أن يُمنح الأسرار الأخيرة. فلمّا دخل عليه الكاهن رأى نوراً سماويّاً ينبعث من عينيه ويملأ السجن ضياءً. فانذهل وعلم أن هذا السجين إنّما هو رجل ذو كرامة وقداسة. فلمّا خرج من عنده أشاع الخبر. فتراكض الناس إلى السجن ليشاهدوا هذا الأمر الغريب. فدخل السجان على روكس فوجده جثّة هامدة. وكانت نفس هذا الرجل البار قد طارت إلى الأخدار العلوية لتنعم بأفراحها وأمجادها. فدخل الناس في أثره، فوجدوا قنديلين يتلألآن نوراً، وقد وُضع الواحد عند رأسه والآخر عند قدميه. وشاهدوا بالقرب منه لوحة مكتوباً عليها: أن من أصيب بمرض الطاعون يمكنه النجاة منه بشفاعة هذا الرجل البار روكس.

فشاع خبر هذه المعجزات كلّها. وسمعت بها جدّة روكس، وهي أم أبيه وعمّه. فقالت لإبنها هذا: يا ولدي، ربما  كان هذا السجين الفقير روكس إبن أخيك المرحوم يوحنّا. ونستطيع أن نتثبّت حقيقة ذلك من رسم الصليب الأحمر المطبوع على صدره. فاضطرب الوالي لهذا النبأ، وركض إلى السجن، وكشف عن صدر روكس، فوجد الصليب الأحمر مرسوماً عليه كما قالت له أمّه. فعرف أنّه روكس إبن أخيه. فانطرح على جثّته، وأخذ يبكي وينتحب ويستغفره عمّا أساء به إليه.

وأراد هذا العم أن يكفّر إثمه، فعمل لإبن أخيه مناحة عظيمة وحفلة جنازة فخمة نادرة. ثم بنى فوق ضريحه كنيسة عظيمة، وصار الناس يكرّمونه ويطلبون شفاعته.

وأجرى الله عجائب كثيرة على ضريحه في تلك الكنيسة. وانتشرت عبادة القديس روكس في فرنسا، ومنها عمّت جميع البلاد المسيحيّة إلى يومنا هذا.

أن شرف الإنسان الأكبر ليس هو شرف المحتد والحسب والنسب، بل هو شرف الفضيلة والأعمال الصالحة.

 

استشهاد القديس بيخيبس(بحسب الكنيسة القبطية الارثوذكسية)

وفي مثل هذا اليوم استشهد القديس بيخيبس (أي المصباح) الذي من أشمون طناح وكان أولا من بينوسة ومن الجنود الذين تحت أمر أنطيوخس الأمير الذي لما سمع أنه مسيحي استحضره هو والأسقف الأنبا كلوج والأنبا نهروه الذي من ترسا والأنبا فيلبس وسألهم عن ذلك فاعترفوا بأنهم مسيحيون فعذبهم عذابا أليما. أما القديس بيخيبس فقد قيده وأرسله مع آخرون إلى البرامون. وقضوا في السفينة عدة أيام دون أكل وشرب. ولما وصلوا إلى البرامون عذبوا القديس بيخيبس كثيرا وأخيرا قطعوه بالسواطير فنال إكليل الشهادة وأتي رجل من مؤمني البرامون وأخذ جسده وأرسله إلى بلده أشمون طناح وقد نال الشهادة معه خمس وتسعون نفسًا.

صلاتهم المقدسة تكون معنا ولربنا المجد دائما. آمين.

وفي مثل هذا اليوم أيضًا : استشهاد القديس مطرا

في مثل هذا اليوم استشهد القديس مطرا في عهد البابا ديمتريوس بطريرك الإسكندرية الثاني عشر في زمان داكيوس الملك. وذلك أنه لما سمع مرسوم الملك يقرأ مطالبًا بعبادة الأوثان مضي وأخذ يد الصنم أبلون وكانت من ذهب خالص وقطعها قطعا ووزعها علي الفقراء ولما لم يجدوها قبضوا علي كثيرين بسببها فأتي هذا القديس وقال لهم: "أنا الذي أخذتها " فعذبوه كثيرا ثم طرحوه في النار فأنقذه ملاك الرب منها فقطعوا يديه ورجليه وصلبوه علي خشبة وأتي رجل اعمي وأخذ من الدم النازل من فيه وطلي به عينيه فأبصر وبعد ذلك قطعوا رأسه فنال إكليل الشهادة. شفاعته تكون معنا. آمين.