دينيّة
17 آذار 2017, 06:30

قدّيسو اليوم: 17 آذار 2017

تذكار القديس أليكسيوس (بحسب الكنيسة المارونية) ولد أليكسيوس في روما. كان ابوه أوفيميانوس عضواً في مجلس الشيوخ، وأمّه اغلائيس نسيبة الملك. وكانا كثيرَي التعّبد لله، والتصدّق على الفقراء. فرزقهما الله ولداً أسمياه أليكسيوس. فربيّاه على حُبّ الفضيلة وتقوى الله. ولما شبّ، آثر العزلة وترك العالم ليكرّس ذاته لخدمة الله. فانسلّ خفيةً من دار أبيه، يوم زفافه، وسافر الى اللاذقيّة في سوريا، ومنها الى الرها. وهناك اندمج بين الفقراء يعيش مثلهم من صدقات المحسنين. ويواظب التردد الى الكنائس للصلاة والعبادة، مسروراً بما يلحقه من اهانة واحتقار.

 

فارسل والداه من يبحث عنه في كلّ مكان، فلم يجداه. ووصل رسلُهما الى الرها والتقوا بأليكسيوس واعطوه صدقة ولم يعرفوه، لأنّ هيئته كانت قد تغيّرت لما مارس من أفعال الاماتة والتنسّك. واستمرّ على هذه الحال في الرها نحو سبع عشرة سنة. حتّى اشتهرت قداسته، ولُقِبّ برجل الله. وكافأه الله بصنع العجائب.

ولمّا استهرت قداسته، خاف المجدَ العالمي وغادر الرها. وركب البحر في اللاذقية، فقاده الله الى مدينته روما، حيث عاش نَسياً منسيّا على بابا قصر والدَيه، دون أن يعرفوه، مدّة 17 سنة. ثمّ توفّي وبيده رقّ مكتوب فيه سيرة حياته، قرأها البابا أنوشنسيوس الاول، بحضور الملك هنوريوس. وأجرى الله على قبره عجائب كثيرة. صلاته معنا. آمين.

وفي مثل هذا اليوم أيضاً : تذكار القديس لعازر الذي أقامه السيد المسيح من القبر

كان لعازر من بيت عنيا في ضواحي اورشليم. وكان رجلاً فاضلاً وغنياً صديقاً للسيد المسيح الذي كان يتردَّد الى بيته، وقد اقامه من القبر بعد ان مكث فيه اربعة ايام كما قال يوحنا الحبيب ( يو 11: 41-44).

وبعد صعود المخلص الى السماء، قبض اليهود على لعازر وعلى اختيه مرتا ومريم والقوهم في البحر، فقادتهم العناية الالهية الى مدينة مرسيليا في فرنسا حيث بشروا بالانجيل، وآمن على يدهم كثيرون. وبحسب تقليد قديم صار لعازار اسقفاً على مرسيليا. وبعد أن ساس كنيسته احسن سياسة قبض عليه الوثنيون، فاستحضره حاكم المدينة امامه وأمره بأن يضحّي الاصنام، فأبى مجاهراً بايمانه بالمسيح فأمر الوالي بتمزيق جسده باظفار من حديد ورشقوه بالنبال. فنال اكليل الشهادة في القرن الاول للميلاد نحو سنة 60. صلاته معنا. آمين.

 

تذكار الكسيوس المعترف (بحسب الكنيسة السريانية الكاثوليكية)

ولد في مدينة روما، وكان أبوه أوفيميانوس من أبرز أعضاء مجلس الشيوخ فيها، وأمه اغلائيس نسيبة الملك وبقيت زماناً طويلاً عاقراً الى أن رزقها الله الكسيوس. وعُرفت مع زوجها بأنهما كانا كثيري التعبد لله والتصدق على الفقراء.

تربى الكسيوس على حب الفضيلة وتقوى الله، فنبغ في الفصاحة والخطابة والفلسفة والبيان، وأخذت تحوم حوله الأنظار. وكان الجميع يتوقع له أعظم رتب المملكة، ولن نفسه آثرت العزلة وترك العالم.

فانسلّ ليلة زفافه خفية، وسافر الى اللاذقية في سوريا ومنها الى مدينة الرها، وهناك أخذ يعيش حياة الاستعطاء على صدقات المحسنين، ويواظب على حياة الصلاة بممارسة الفضائل الإنجيلية مسروراً بما يلحقه من إهانة واحتقار.

أما والداه فأرسلا من يبحث عنه في كل مكان، واشتد طلبهما له في الأديار والكنائس، ودخلا كنيسة وكان الكسيوس واقفاً على بابها يستعطي فطلب منهما صدقة ولم يعرفاه لأن هيئته كانت قد تغيرت، أما هو فعرفهما. واستمر على هذه الحال سبع عشرة سنة لا يفارق باب تلك الكنيسة ولا يغير شيئاً من عباداته وإماتاته حتى اشتهرت قداسته ولُقّب بـ "رجل الله"، وكافأه الله بصنع العجائب.

ولما اشتهرت قداستهن خاف المجد العالمي فغادر الرها وركب البحر في اللاذقية وقصد طرطوس، ولكن زوبعة هائلة طارته فتاهَ في البحار، وقضى أياماً طويلة لا يدري اين هو وما زالت الأمواج تكدّه والرياح تسوقه حتى رسا في ميناء استيا على مشارف روما، وهناك عاش ذليلاً ومتنكراً على أبواب قصر والديه مدة سبعة عشر عاماً.

تقدم يوماً الى صاحب القصر (والده) أن يسمح له بمأوى في إحدى زوايا قصره ليقضي هناك بقية أيامه، فتحنّن عليه والده ومنح ذلك الفقير مسكناً تحت درج يأوي إليه، فعاش هناك سنين طويلة مثابراً على حياة النسك والأصوام والصبر والصلاة والتأمل.

توفي نحو سنة 412 وبيده ورق مكتوب فيه سيرة حياته. قرأها البابا انوشنسيوس الأول بحضور الملك هنوريوس مع عظماء بلاطه، وعرف أنه الكسيوس وقد أجرى الله على قبره عجائب كثيرة ... ومن بعد ذلك أضحى بيت اوفيميانوس كنيسة جميلة على اسم ابنه الكسيوس.

 

القديس البار ألكسيوس رجل الله‎ ‎‏(بحسب الكنيسة الارثوذكسية)‏ 

ولد القديس ألكسيوس في رومية أيام الامبراطور أركاديوس (395-408). كان أبوه، أوفيميانوس، عضواً في مجلس الشيوخ تقياً، وكان اسم أمه أغلاييس. أبصر النور بعد عقر لازم أحد والديه طويلاً وكان مؤلماً. تلقى نصيباً وافراً من التعليم. فلما بلغ الأشد رتب والداه زواجه من إحدى البنات النبيلات. وليلة عرسه، لما انفرد بعروسه، وقد ملأه الشوق إلى البتولية، همس في أذنها بضع كلمات ثم ردّ لها خاتمه وتوارى. خرج على متن إحدى السفن مسلماً أمره للعناية الإلهية فبلغ لاودكية. هناك انضم إلى قافلة من التجار كانت في طريقها إلى الرها في بلاد ما بين النهرين. وقد دخل، في المدينة، كنيسة مكرسة لوالدة الإله وبقي في النارثكس سبعة عشر عاماً. كانت ثيابه فقيرة ممزقة وكان لا يأكل إلا من حسنات المؤمنين القادمين إلى الكنيسة. في تلك الأثناء أرسل والد القديس خداماً، في كل اتجاه، يبحث عنه فيما لبست أمه المسح وأقامت ساجدة لا تتعزى. بعض خدم أوفيميانوس بلغ الرها ومر بقرب ألكسيوس فلما يلاحظه أحد منهم لآن هيئته كانت قد تغيرت بعدما قسى عليه النسك وسوء المعاملة التي كابدها بصبر عجيب حباً بالله.
أخيراً، بعد تلك السنوات الطويلة العجاف، تراءت والدة الإله لخادم الكنيسة وطلبت منه أن يُدخل "رجل الله" إلى الداخل. فلما أدرك ألكسيوس أن أمره انفضح وبات، من الآن فصاعداً، عرضة لكرامات الناس، قام وهرب من جديد على ظهر إحدى السفن المتحهة إلى طرسوس. غير أن الأهوية أتت، بتدبير من الله، مخالفة لقصد الربان، فاندفعت السفينة في اتجاه ميناء رومية. عرف ألكسيوس، في روحه، قصد الله فتوجه إلى منزل العائلة. وما إن بلغه حتى ألفى والده خارجاً. لم يتعرف الأب ولده. فطلب ألكسيوس منه حسنة فرقّ له وقد أضحى منذ فقد ولده أكثر رفقاً بالمساكين والمرضى والضعفاء والغرباء. أمر أوفيميانوس خدامه أن يقدموا للقادم الغريب مأوى وما شاءه من بقايا الموائد ما طاب له المقام عنده.

بقي رجل الله عند باب منزل والديه سبعة عشر عاماً آخر يكابد سوء معاملة الخدام وسخريتهم دونما تذمر وحتى بفرح لآنه كان قد بلغ من حب الله مبلغاً عظيماً. فلما درى بقر ب ساعة فراقه طلب ورقاً وحبراً وكتب سيرة حياته ثم أسلم الروح والريشة بعد في يده.

في ذلك اليوم عينه، فيما كان أسقف رومية يرأس الخدمة الإلهية في كنيسة القديس بطرس بحضور الامبراطور أونوريوس (395 – 423) وحشد من الناس، إذا بصوت يتردد في الهكل معلناً: "ابحثوا عن رجل الله الذي صلى لأجل المدينة ولأجلكم جميعاً لأنه ها هو قد فارق الحياة: " وإذ أخذ المؤمنون في الصلاة، تردد الصوت من جديد أن رجل الله موجود في منزل أوفيميانوس. فلما انتظم موكب ضم الأسقف والملك والناس وبلغ المنزل وجدوا خادماً كان يعطف على القديس فسألوه عن رجل الله فأجابهم أنه لا يعرف من يقصدون ولكن ثمة فقيراً قائم بالباب منذ سنين وهو يوزع طعامه على من هم أفقر منه مكتفياً أيام الآحاد بقليل من الخبز والماء ويقبل، عن طيب خاطر، ما يسيء به إليه بقية الخدام. فاتجه الحاضرون ناحية الكوخ فوجدوا من فيه ميتاً وفي يده ورقة أخذوها وقرأوها على الملأ فساد المكان صمت مطبق واعترت الجميع دهشة للطريقة العجيبة التي قاوم فيها رجل الله ما هو للناس التماساً لما هو لله. وفيما اختلط الأمر على والدي القديس حزناُ وفرحاً أخذ الجمع يتدافع إلى حيث رقد القديس، فإذا بالعمي يستردون البصر والصم السمع والخرس النطق ويسبحون الله وتهرب الأرواح الخبيثة مذعورة.

وأخذوا القديس ليواروه الثرى فزحم الناس الموكب الذي سار على رأسه الأسقف والامبراطور. وقيل أن الملك أخذ يلقي القطع الذهبية في هذا الاتجاه وذاك ليصرف الناس عن جسد القديس فلم يأبه لفعله أحد. وقعُ قداسة القديس في نفوسهم كان أشد من وقع الذهب. أخيراً اُودع كنيسة القديس بطرس أو لعلها كنيسة القديس بونيفاتيوس، في ضريح

مذهب مرصع بالحجارة الكريمة. ومن هذا الضريح كانت تفوح رائحة الطيب وتشفي الكثير من العلل والأمراض.

 

تذكار ابينا البار ألكسيوس رجل الله (بحسب كنيسة الروم الملكيين الكاثوليك)

ولد ألكسيوس في مدينة رومة العظمى، وعاش في أيام عهدها المسيحي الذهبي، إذ كان العرش يتلالأ لمعاناً بالملوك العظام. كان أبوه أففميانس من أشرف أشراف تلك العاصمة الجبّارة، ومن أبرز أعضاء مجلس الشيوخ فيها. وكانت أمّه أغلائيس سليلة الملوك الرومانيين.

وبقيت تلك الأم زماناً طويلاً عاقراً، إلى أن رزقها الله ذاك الغلام، مكافأةً لها ولزوجها على ما بذلاه من الصدقات وما قدّماه من الصلوات والتضرّعات.

وكان أففيماس رجلاً ضخم الثروة كثير الأملاك. وكان له من العبيد ثلاثة آلاف عبدٍ، منهم للخدمة في قصره، ومنهم لأعمال مزارعه  وأراضيه. ألا أن التقوى المسيحية كانت زينة تلك الأسرة فوق الجواهر واللآلىء. وكان ذلك البيت ملجأ للفقير واليتيم، وملاذاً لكل مظلوم ولكل من خانه الدهر. وكانت مائدة أففميانس ممدودةً لكل غريب ولكل عابر سبيل. وكان إذا مرّ به رهبان أضافهم في قصره، ودعاهم إلى مائدته مع خاصته، وكان ينتظرهم الى العصر، ريثما يحين موعد إفطارهم، فيأكل معهم. وفوق ذلك كان كل يوم يتواضع أمام الربّ ويتذلّل ويقول: يا ربّ إنّي لست مستحقّاً أن أعيش على وجه الأرض.

فنظر الربّ بعطفٍ إلى ذلك البيت الكريم، وإلى الزوجين الصالحين، ورزقهما بعد طول الأيام ولداً قرّت به أعينهما وسميّاه ألكسيوس.

وكبر الولد، فأحسن أبوه وأمّه تربيته، وثقّفاه بأنواع العلوم. فنبغ في الفصاحة والخطابة والفلسفة والبيان، وأخذت تحوم حوله الأنظار، وكل يسعى ليخطب ودّه، وكل يتوقّع أعظم رتب المملكة لذاك الشاب الشريف. لكن نفس ألكسيوس كانت تصبو إلى ما هو أسمى من رتب الدنيا، وكان كلّما تأمّل في زوال العمر تتلاشى أمامه عظائم الدهر، وكلّما خبر أيامه وصحبه وأقاربه ومعارفه، ورأى ما نشأت عليه تلك الأخلاق من المطامع  والحسد والعداء والكبرياء، تصغر الدنيا في عينيه وتصبح بغيضة لديه. فعكف على طلب الفضيلة، وجعل يروّض نفسه على التقوى الصحيحة الكاملة، تلك تأخذ نورها من المصباح الحقيقي، فتبدو لامعةً وضّاءةً.

أمّا أبواه، فكانا يعلّلان النفس بزواج مبكر لإبنهما، ليفرحا برؤية بنيه، ويبقى إسم الأسرة حيّاً ساطعاً في الدنيا. وكان ألكسيوس يجلّ والديه ويحبّهما كثيراً، ويحترمهما إحتراماً فائقاً. فمانع بلطفٍ في أمر الزواج. إلاّ أنّهما شدّدا في ذلك، واختارا له إبنةً على شكله، محلاّة بالفضيلة والجمال والغنى والكمال، وبدآ بإقامة الأفراح، وحدّدا يوماً للإكليل وحفلة القران، لأن الكلمة الأولى والأخيرة كانت لهما، بحسب عوائد ذلك الزمان. فارتاع ألكسيوس لرؤيته الأغلال العالية توضع في عنقه وهو يريد أن يفلت منها. بيد أنّه سكت أمام رغبة والديه، إحتراماً لهما، وحفظاً لكرامتهما أمام الناس، وترك الأمور تجري مجراها، وسلّم أمره الى الله. ولكن أخذ يصلّي ويتضرّع  ليرشده العلي الى ما به مجده وإكرامه.

وتمّت حفلة الزواج المقدّس بجلال مهيب، وجاءت العروس ترفل  ببهائها وزينتها وجواهرها. وكان الكل طروباً ومتهللاً ، وغبطة الأم لم تكن تعادلها على الأرض غبطة. أمّا ألكسيوس فكان وحده صامتاً  يفكّر، وقلبه جذوة نارٍ متّقدة يتضرّع. فأسرع الربّ إلى نجدته، وأنار ظلامه الدامس وهداه الى ما كان يريده منه. فرسم لساعته خطّة رهيبة وراح يحقّقها. فلمّا سكتت أصوات الفرح، خرج الناس، وألسنتهم تعيد عبارات التهاني وتدعو لتلك الأسرة بدوام المسرّات، ودخلت العروس الى خدرها، ولبثت تنتظر قدوم عريسها، أقبل ألكسيوس عليها. فجعل في أصبعها خاتماً ثميناً، ودفع إليها حزاماً مرصّعاً بالجواهر وملفوفاً بقطعة من الحرير الأحمر، وقال لها: حافظي على هديّتي هذه، وليكن الله بينك وبيني حتى تكمل إرادته". ثم خرج وتركها وحدها. وما لبث ان توارى في جنح الظلام، وركب عربة حملته الى "أُستيا" على البحر. فوجد سفينةً تتهيّأ للسفر، فأقلع عليها قاصداً بلاد الشرق.

وألقى المركب مراسيه في مدينة اللاذقيّة، فنزل ألكسيوس فيها. ومن هناك امتطى جواداً وذهب يريد مدينة الرها (أُرها)، حيث كانت صورة السيّد المسيح تفيض ينابيع النعم والعجائب. وهناك وزّع كل ما كان يملكه على الفقراء والبائسين، وجلس على باب كنيسة السيّدة العذراء يستعطي ليعيش، وبدأ تلك الحياة الأليمة الشاقة. فكان يقضي الأيام في العبادة والصوم والصلاة وقهر النفس، ويمارس الكمالات الإنجيليّة، عائشاً بالفقر والذلّ والتواضع والطهارة الملائكيّة، صابراً على ما دعاه الله من تلك الحياة الغريبة، مكرراً كل يومٍ افعال تضحية لعروسه ووالديه وصحبه وأمواله وقصوره، وكل ذلك النعيم الذي تركه في رومة وطنه، ليأتي ويعيش على باب البتول، غريباً حقيراً ذليلاً فقيراً نسياً منسّياً.

ولنعد هنيهةً إلى بيت أبيه. فإنّ عروسه، من بعد خروجه، لم تفهم معنىً لكلامه ولبثت تنتظر عودته، وقضت الليل، وهي على أحرّ من الجمر، تُسائل نفسها ماذا حلّ بعريسها ولماذا أبطأ في قدومه عليها. فلمّا طلع النهار، جاءت حماتها تستطلع أخبار ولديها، والبشر يقطر من محيّاها. وإذا بالعروس تبكي، وإذا العريس حمامة أفلتت وطارت. فهلعت الأم ذاك الخبر المفجع، وأعلمت زوجها بالأمر. وانتشر العبيد في كل أسواق رومة وشوارعها يبحثون عن سيّدهم  ويسألون عنه الرائح والغادي. فلم يكن من مخبر. فتبدّلت الأفراح بالأحزان، وعقبت أصوات الغناء والطرب أنّأت النحيب والعويل.

وبثّ اففيمانس عبيده في كل البلدان، يبحثون عن الإبن المفقود. واشتدّ طلبهم له في الأديار والكنائس والمزارات. وساق الله منهم من أتى الرها ودخل كنيسة العذراء ورآه. لكنّه لم يعرفه، لما كان عليه من الفقر والمسكنة والثياب الرثة، وذاك الوجه الذي أنحلته الأصوام وغيّرته شدائد الأيام. لكن ألكسيوس عرفهم وأدرك ما جاء بهم. فوقف على الباب وطلب منهم صدقةً فأعطوه. ففرح بذلك الذلّ ان عبيده أحسنوا إليه.

وبقي ألكسيوس على حاله ونسكه وإماتة نفسه سبع عشرة سنة، لا يفارق باب تلك الكنيسة ولا يغيّر شيئاً من عباداته وأماناته. فكان يقضي الأيام والليالي في الصلاة والتأمّل، ويسبّح الخالق على ما أبدع من مخلوقاته. وكان يوزّع على زملائه الفقراء المال الذي يأتيه بغزارة من حسنات المؤمنين. لأن الناس كانوا قد ألِفوا وجوده على باب البتول، فكانوا يجودون بسخاء عليه لما كانوا يرونه من وداعته.

وظهرت البتول يوماً في الحلم إلى وكيل كنيستها وقالت له: إعتنِ بأمر الفقير الذي يلازم بأبي، وأعطه مأوى يبيت فيه. فأفاق الوكيل مسروراً وجد في طلب ذلك الفقير، فعرفه وأكرمه وأعطاه حجرة لسكناه، وراح يعتني بأمره ويتحدّث عن فضائله. فأخذ الناس  يكرّمونه ويرتاحون الى الإحسان إليه. أمّا هو فكان يوزّع على البائسين كل ما يصل إلى يده.

على أنّه رأى الناس ينظرون إليه كإلى واحد من أولياء الله، ويحترمون فضيلته، وينسبون الكرامات والقداسة إليه، خاف أن يخسر في مدينة الرها ما لأجله ترك رومة العظمى. فهرب من هناك وركب البحر في اللاذقيّة، وقصد طرسوس مدينة الرسول بولس، ليتابع هناك نسكه وعبادته، ويبقى في تلك المدينة كما كان في الرها نسياً منسيّاً. بيد أن الله كان قد أعدّ له عذاباً أشد من الغربة وأمرّ من حياة التجرّد، التي بها عاف كل ما في الدنيا من جميل ولذيذ. أراد الله لتلك النفس الكبيرة الوصول إلى أوجّ الكمال. فأثار الربّ على المركب زوبعة هائلة طاردته فتاه في البحار، وقضى أيّاماً طويلةً لا يدري أين هو ولا أين صار. وما زالت الأمواج تكّده والرياح تسوقه حتى رسا في ميناء أستيا على أبواب رومة. فلم يعجب ألكسيوس من تدبير الله بل تأكّد له أن الله يريده في أوطانه للإكثار من إذلاله. فرضي بنصيبه، وعاهد الله على أن يعيش متنكّراً ذليلاً على باب والديه، لينكسر قلبه كل يوم برؤيتهما ورؤية عروسه وذويه.

فدخل رومة فقيراً يستعطي، وهو ابن الاشراف، وعبيده يملأون المدينة. وأتى قصر والديه، فشاهد الخدم والعبيد يروحون ويجيئون، ورأى الحديقة بأشجارها الباسقة، وكأنّها عرفته ودلّت بأغصانها عليه. فتحرّكت عواطفه واضطرب قلبه، وأوشكت الأرض أن تميد به. لكنّه ذكر نذوره وعهوده للربّ، وذكر آلام المسيح وفقره وذلّه، فتجلّد وصبر وانتظر مرور أبيه. فمرّ من أمامه، فرآه وقد تجعّد وجهه، وارتسمت امارات الحزن والأسى على محيّاه. فكاد فؤاده يتقطّع في صدره. لكنّه لبث واقفاً متجلّداً، وطلب الصدقة من ذلك الشيخ  الوقور. فأعطاه صدقةً وتابع سيره، ولم يعرفه.

وجلس ألكسيوس على  باب الحديقة، وإذا بأمّه وعروسه تخرجان. فأوشك أن ينفجر إنفجاراً. لكنّه أمسك نفسه وألجم عواطفه، ومدّ يده وطلب منهما صدقة، فأحسنتا إليه. ولبث ذلك الشهيد على باب الحديقة، ينظر كل يوم الى أحب الناس إليه في دنياه، ويصبر على كتمان سرّه أمامهم، ويذبح كل يوم قلبه على هيكل محبّته  للمسيح ووفائه. وكان كل صباح يرى والدته وعروسه تذهبان الى الكنيسة  بلباس الحداد، فيشيّعهما بالأنظار، ويعود الى نفسه فيقدّمها محرقة جديدة لله، في ذلك الجهاد الذي لا يهدأ سعيره ولا تفتر آلامه.

وأنس أبوه به لما رآه ملازماً لبابه، فكان دائم الإحسان إليه. وشعر ألكسيوس بذلك العطف، فتقدّم يوماً إليه وطلب أن يسمح له بمأوى في إحدى زوايا القصر، ليقضي هناك بقيّة أيامه. وقال له: إن الربّ يعوّض عليك وينظر إليك، وإذا كان لك في بلاد الغربة من تحنّ إليه فهو يردّه إليك. فآثر كلام  ألكسيوس في قلب أبيه، وذكر إبنه البعيد، ومنح ذلك الفقير مسكناً تحت درجٍ يأوي إليه، ورّتب له عبداً يُعنى بأمره. فعاش الإبن هناك السنين الطوال. وثابر على ما  كان عليه من النسك والأصوام والعبادات والتواضع والصبر والأسهار والصلوات، والتأمّل في كمالات الله وجميل أحكامه. وكان كل يومٍ يجدّد العراك بينه وبين ذاته، ويتضرّع الى الله لينشّطه ويقوّيه، فيبقى واقفاً يجاهد على أسوار نفسه.

واستثقله عبيد أبيه، فجعلوا يهزأون به ويذيقونه مرّ الإهانات، ويرشقونه بشتائم لا تطيقها نفسه الأبيّة. فكان يتذكّر يسوع أمام حنّان  وقيافا وبيلاطس وهيرودس، ويبقى صامتاً صابراً حليماً وقوراً.

ولمّا طفحت كأس المرارة وتكمّل ذلك القدّيس البطل بالقداسة، أوحى الله إليه أنّه يدعوه قريباً إلى نعيمه وأمجاده. وأمره أن يكتب بيده سيرة حياته، ليعرّف ابويه به بعد وفاته. فأخذ رقّاً وكتب فيه كل ما حدث له. واستغفر والديه وعروسه، ثم استعدّ للموت بحرارة وابتهاج، ورقد بالربّ رقود القدّيسين. وبقي الرق بيده. فطارت نفسه الى قصور السماء ونعيم الأبدية، لتعتاض بها قصور الدنيا وغبطتها الفانية.

وأراد الله ان يشرف عبده حتى على الأرض، فينشر عبير فضيلته ويظهر لمعان أنواره. فحدث قبل وفاته أن البابا أنوشنسيوس الأول كان يحتفل يوم أحدٍ بالذبيحة الإلهية، وكان الملك هُنوريوس حاضراً مع عظماء بلاطه. وإذا بصوتٍ يخرج من أعماق الكنيسة ويقول: تعالوا إليّ يا جميع المتعبين والثقيلي الحمل وأن أريحكم، فارتاع الحضور وسجد الشعب بوجوههم على الأرض وهتفوا: إرحمنا يا ربّ، كيرياليصون. ثم سمعوا الصوت ثانيةً يقول: "إذهبوا وابحثوا عن رجل الله، فإنّه يصلّي لأجل مدينة رومة، وسوف يستجيب الربّ دعاءه. وهو لا يلبث أن يموت يوم الجمعة القادم".

فذاع الخبر في رومة، وأخذ الناس يتساءلون من يكون هذا الرجل البار المتستّر. وفي أي الأديار هو مختبىء، وأي الكنائس تسمع أنّاته وتضرّعاته. فلم يهتدوا إليه. وأتى يوم الجمعة واجتمعت الجماهير في كنيسة القدّيس بطرس، تنتظر جلاء ذلك السرّ العميق. وإذا بالصوت يهتف ويسمعه الجميع: إن رجل الله هو في بيت أففميانس. فالتفت الحبر الأعظم والملك الى ذلك الشيخ الوقور وسألوه عن ذلك السرّ الغريب، فلم يكن هو أقلّ منهما دهشةً واستغراباً. وركض الى بيته ليرى ما الأمر، وإذا بعبيده يقولون له: لقد مات في هذا الصباح الفقير الغريب الذي آويته تحت الدرج. ولقد وجدنا في يده رقّاً مطويّاً، وعبثاً حاولنا أخذه منه لنقف على ما فيه، فلم نوفّق الى ذلك. وفي غضون ذلك وصل الحبر الأعظم والملك، واندفعت جماهير الشعب تركض الى بيت اففيمانس، ولولا قدوم فرقةٍ من الجيش لداس الناس بعضهم بعضاً. فتقدّم الحبر الأعظم وصلّى، وأمر الجثّة أن تفتح يدها وتسلّم ذلك الرقّ. فانفتحت اليد وسلمّت الرق. فأخذه البابا ودفعه الى مسجّل الكنيسة فوقف ليقرأه. فساد بين الشعب سكوت رهيب.

وما كاد يأتي على قراءة ما فيه حتى صرخ اففميانس وعلا صوته بالبكاء وصاح: يا ولدي ألكسيوس، يا ولدي! وانطرح عليه يقبّله ويذرف الدموع السخينة عليه. وعلمت والدته وعروسه بما كان، فأسرعتا وأخذتا في النواح والعويل. فكان مشهد يفتّت الأكباد، وصارت جماهير الشعب كلّها تبكي. ثم حمل بإكرام الى كنيسة القدّيس بطرس حيث صُلّي عليه. ثم أودع رفاته كنيسة القدّيس بونفاسيوس. وبقي أبوه وأمّه وعروسه ملازمين قبره سبعة أيام بلياليها. وأجرى الله عجائب كثيرة على قبره.

وشيّد له أبوه قبراً عظيماً فخماً ضمّ رفاته. ومن بعد ذلك أضحى بيت اففميانس نفسه كنيسةً جميلة على إسم إبنه ألكسيوس، وقد بقيت الى يومنا هذا بعض الدرجات التي قضى تحتها ذلك القدّيس العظيم السنين الطويلة من حياته على باب والديه.

هكذا اراد الله أن يعيش ويموت ألكسيوس، ذليلاً في حياته، ليمجّده في السماء وعلى الأرض بعد وفاته. اراده مثالاً لأغنياء وعظماء هذا الدهر، يرون فيه أن الأيام تزول والدنيا تفنى، وأن الأبدية هي العظيمة وكنوزها  وأفراحها هي الدائمة. فقد زال البؤس عن ألكسيوس، ونشفت دموع والديه وعروسه من أجيال وأجيال، وها هم يفرحون في السماء الى الأبد. وزال أيضاً نعيم الأغنياء في عصرهم، فأين هم الآن؟ أمّا الصدّيقون والأبرار والرهبان والشهداء. وأولئك الذين حملوا صليبهم وتبعوا المسيح، فقد ربحوا الملكوت وفازوا بالحياة الأبدية، التي نعيمها لا يزول وأنوارها لا تنطفىء.

 

استشهاد البابا يوليانوس الاسكندري "11" (بحسب الكنيسة القبطية الارثوذكسية)

فى مثل هذا اليوم من سنة 188 م. (3 مارس) تنيح الأب القديس يوليانوس البابا إلحادي عشر من باباوات الكرازة المرقسية. كان هذا الأب طالبا بالكلية الاكليريكية التى أسسها مار مرقس، ورسم قسا بمدينة الإسكندرية، وقد فاق الكثيرين بعلمه وعفافه وتقواه. فرسم بطريركا في 9 برمهات (سنة 178 م.).وبعد اختياره رأى أن الوثنيين لا يسمحون للأساقفة بالخروج عن مدينة الإسكندرية. فكان هو يخرج سرا منها ليرسم كهنة في كل مكان. وقبل انتقاله أعلنه ملاك الرب أن الكرام الذي يأتيه بعنقود عنب، هو الذي سيخلفه في كرسى البطريركية. وفي ذات يوم بينما كان ديمتريوس الكرام يشذب أشجاره، عثر على عنقود عنب في غير أوانه، وقدمه للبطريرك فسر من هذه الهدية، وقص على الأساقفة الرؤيا، وأوصاهم بتنصيب الكرام بطريركا بعده. وقد وضع هذا الأب مقالات وميامر كثيرة، وكان مداوما على تعليم الشعب ووعظه وافتقاده، وأقام على الكرسى الرسولى عشر سنين. ثم تنيح بسلام. صلاته تكون معنا. آمين.

وفي مثل هذا اليوم أيضاً : استشهاد متياس الرسول

في مثل هذا اليوم تنيح القديس متياس الرسول حوالى سنة 63 م. ولد في بيت لحم، وكان من المرافقين للرسل؟ وهو الذي اختير عوض يهوذا الاسخريوطي في اجتماع علية صهيون عندما قال بطرس الرسول "- أيها الرجال الاخوة؟ كان ينبغي أن يتم هذا المكتوب الذي سبق الروح القدس فقاله بفم داود عن يهوذا الذي صار دليلا للذين قبضوا على يسوع. إذ كان معدودا بيننا وصار له نصيب في هذه الخدمة. فان هذا اقتنى حقلا من أجرة الظلم وأذ سقط على وجهه من الوسط فانسكبت أحشاؤه كلها. وصار معلوما عند جميع سكان أورشليم حتى دعي ذلك الحقل في لغتهم حقل دم. لأنه مكتوب في المزأمير لتصر داره خرابا ولا يكن فيها ساكن وليأخذ وظيفته آخر. فينبغى أن الرجال الذين اجتمعوا معنا كل الزمان الذي فيه دخل إلينا الرب يسوع وخرج. منذ معمودية يوحنا إلى اليوم الذي ارتفع فيه عنا يصير واحد منهم شاهدا معنا بقيامته. فأقاموا اثنين يوسف الذي يدعى بارسابا الملقب يوستس (آي عادل) ومتياس. وصلوا قائلين: أيها الرب العارف قلوب الجميع عين أنت من هذين الاثنين أيا اخترته، ليأخذ قرعة هذه الخدمة والرسالة التى تعداها يهوذا ليذهب إلى مكانه. ثم ألقوا قرعتهم فوقعت القرعة على متياس فحسب مع الأحد عشر رسولا" (مت 27: 8 وأع 1:15 - 26). وبعد ذلك امتلأ متياس من الروح القدس. وذهب يكرز بالإنجيل حتى وصل إلى بلاد قوم يأكلون لحوم البشر. ومن عادتهم أنهم عندما يقع في أيديهم غريب يضعونه في السجن، ويطعمونه من الحشائش مدة ثلاثين يوما، ثم يخرجونه ويأكلون لحمه. فلم وصل اليهم القديس متياس ونادى فيهم ببشارة المحبة قبضوا عليه، وقلعوا عينيه، وأودعوه السجن. ولكن قبل أن تنتهى المدة أرسل إليه الرب اندراوس وتلميذه. فذهبا إلى السجن ورأيا المسجونين وما بعمل بهم. فأوعز الشيطان إلى أهل المدينة أن يقبضوا عليهما أيضا ويقتلوهما. ولما هموا بالقبض عليهما ا صلى القديسان إلى الرب فتفجرت عين ماء من تحت أحد أعمدة السجن.. وفاضت حتى بلغت إلى الأعناق. فلما ضاق الآمر بأهل المدينة، ويئسوا من الحياة أتوا إلى الرسولين، وبكوا معترفين بخطاياهم. فقال لهم الرسولان آمنوا بالرب يسوع المسيح وأنتم تخلصون. فأمنوا جميعهم وأطلقوا القديس متياس وهذا تولى مع اندراوس وتلميذه تعليمهم سر تجسد المسيح بعد أن انصرفت عنهم تلك المياه بصلاتهم وتضرعهم ثم عمدوهم باسم الثالوث المقدس. وصلوا إلى السيد المسيح فنزع منهم الطبع الوحشي، ورسموا لهم أسقفا وكهنة، وبعد أن أقاموا عندهم مدة تركوهم، وكان الشعب يسألونهم سرعة العودة. أما متياس الرسول فانه ذهب إلى مدينة دمشق ونادى فيها باسم المسيح فغضب أهل المدينة عليه وأخذوه ووضعوه على سرير حديد وأوقدوا النار تحته فكم تؤذه، بل كان وجهه يتلألأ بالنور كالشمس. فتعجبوا من ذلك عجبا عظيما وآمنوا كلهم بالرب يسوع المسيح على يدى هذا الرسول، فعمدهم ورسم لهم كهنة. وأقام عندهم أياما كثيرة وهو يثبتهم على الأيمان. وبعد ذلك تنيح بسلام في إحدى مدن اليهود التى تدعى فالاون. وفيها وضع جسده صلاته تكون معنا. آمين.

وفي مثل هذا اليوم أيضاً : استشهاد اريانوس والى انصنا

في مثل هذا اليوم استشهد القديس اريانوس والى انصنا. وذلك لما أمر برمى القديس ابلانيوس بالسهام وقد ارتدت إلى عينه فقلعتها كما هو مذكور في اليوم السابع من برمهات قال له أحد المؤمنين: "لو أخذت من دمه ووضعت عينك لأبصرت" فأخذ من دمه ووضعه على عينه فأبصر للوقت، وآمن بالسيد المسيح وندم كثيرا على ما فرط منه في تعذيب القديسين. ثم قام وحطم أصنامه، ولم يعد يعذب أحدا من المؤمنين. فلما اتصل خبره بالملك دقلديانوس استحضره واستعلم منه عن السبب الذي رده عن عبادة آلهته. فبدأ القديس يقص عليه الآيات والعجائب التى أجراها الله على أيدي قديسيه، وكيف أنهم في حاك عذابهم وتقطيع أجسامهم كانوا يعودون أصحاء.. فاغتاظ الملك من هذا القول، وآمر أن يعذب عذابا شيدا، وأن يطرح في جب ويغطى عليه حتى يموت. فأرسل السيد المسيح ملاكه، وحمله من ذلك الجب، وأوقفه عند مرقد الملك. ولما استيقظ الملك ورآه وعرف أنه أريانوس، ارتعب ودهش. ولكنه عاد فآمر بوضعه في كيس شعر وطرحه في البحر. ففعلوا به كذلك. وهنا أسلم الشهيد روحه داخل الكيس. وكان القديس عندما ودع أهله أخبرهم بأن الرب قد أعلمه في رؤيا الليل أنه سيهتم بجسده، ويعيده إلى بلده، وانهم سيجدونه في ساحل الإسكندرية. وحدث أن أمر الرب حيوانا بحريا فحمله إلى الإسكندرية وطرحه على البر، فأخذه غلمانه وأتوا به إلى انصنا، ووضعوه مع أجساد القديسين فيليمون وأبلانيوس، وهكذا أكمل جهاده ونال الإكليل السمائى. صلاته تكون معنا. ولربنا المجد دائما. آمين.