قصارجي: نريد قانونا يمثل كل شرائح المجتمع ولا يقصي اي طائفة باسيل: لم نتبع يوما سياسة اكثار أو انقاص عدد المسيحيين
قصارجي
وتحدث المطران قصارجي فقال: "تتشرف هذه الدار الأسقفية أن تستقبلكم يا معالي الوزير، في بيت الطائفة الكلدانية في لبنان، مع صحبكم الكريم، وانتم تمثلون في شخصكم المحترم وزيرا نقدره ورئيسا لحزب يحظى اليوم بالتمثيل النيابي والشعبي الأكبر.
إن وفودكم الى هذا الكرسي الأسقفي إنما هو تعبير صادق عن مدى اعتباركم لمكانة الكنيسة الكلدانية في لبنان واعتراف بمنزلتها ودورها الرائد منذ ان حطت رحالها على أديم وطن الأرز في النصف الأخير من القرن الثامن عشر، بالإضافة الى ما يعانيه ابناؤها من تهجير وتشتت بعد ان شنت عليهم العصبية الطائفية حربا ضروسا على ارض بلاد الرافدين فاقتلعتهم من موطن الآباء وجذور الأجداد لينتشروا في اصقاع الدنيا انتشار اللآلىء البراقة في فضاء ليل داج".
أضاف: "إن العهد الرئاسي الجديد الذي يقود سفينته فخامة الرئيس العماد ميشال عون، والذي اناط بكم مسؤوليات جسيمة، حل قدومه على الطائفة الكلدانية في لبنان كتساقط قطرات الندى المنعشة على ارض يابسة جدباء، فوجدت فيه تباشير الخير وبواعث الأمل وحلول زمن استقرار وازدهار وإنماء واستتباب للعدالة المنشودة والتي طال انتظارها".
وأردف: "لقد طال انتظار الطائفة الكلدانية في لبنان التي وضع احد افرادها مقدمة الدستور اللبناني، أعني بذلك ميشال شيحا، لتمثيل نيابي منصف وعدالة تطال جميع الطوائف.
لقد قدمنا مشروع قاعدة انتخاب لتمثيل نيابي، يصون مبدأ الديموقراطية تحت عباءة التحاصصية الطائفية، رأينا انه يدعم وجودنا ويحفظ الحقوق ويساهم في إعلاء الصوت، نرجو ان يؤخذ به وألا نذهب الى مزيد من الشرذمة والتقسيم في الصف المسيحي. نريد قانونا يمثل كل شرائح المجتمع اللبناني، لا نريد قانونا يستثني أحدا، إذ نحن طائفة من الطوائف الست المسماة أقليات، قانونا ينصف هذه الطوائف، قانونا لا يقصي أي طائفة، كذلك اسناد حقائب وزارية مداورة بين هذه الطوائف.
أما الموضوع الأشد إلحاحا فهو عدم اعتراف الدولة اللبنانية حتى تاريخه بكون العراقيين المتواجدين على الأراضي اللبنانية لاجئين بكل ما للكلمة من معنى، فترانا ننازل معهم كل يوم المرض والحاجة الى العمل والتعلم، أجل، بالإضافة الى مطاردة رجال الشرطة للاخوة العراقيين بسبب إقامة غير مشروعة لا يخفى سرها على أحد، ترانا نصارع معهم عند ابواب المستشفيات لنعالج احدهم من مرض أو نجري لسواه عملية جراحية أو نخرج آخر من مأزق اطبق عليه كالفخ المحتوم. نداؤنا هو التعامل الانساني مع المهجرين وخاصة بموضوع عدم ايقافهم على الحواجز وجزهم الى السجون لمجرد ان ليس لديهم اقامة شرعية اضافة الى اعتبارهم لاجئين ومسجلين في الأمم المتحدة اسوة بالسوريين.
هذا غيض من فيض ما تعانيه أربعة آلاف عائلة عراقية كلدانية جرفتها مياه الحقد وتيارات العصبية الدينية الى موانىء الهدوء وشواطىء السكينة عند خليج بيروت المضيافة التي تفتح ذراعيها منذ ان وجدت لتضم الى صدرها الوالدي كل حزين ومهجر في هذا الشرق الأوسط".
وقال قصارجي: "لن أختم كلمتي قبل ان اطالبكم بما قد يصعب اليوم تحقيقه، ألا وهو تجنيس اولئك المسيحيين الذين نستضيفهم بدل ان نصدرهم الى عالم الغرب فيذوبوا في مجتمعه، لا سيما وأن الأصوات التي تطالب بإعادة التوازن الديني - الطائفي تتعالى وتكثر ولا من مجيب. إننا نكرر لكم الشكر الجزيل على حضوركم وتشريفكم ونأمل ان تتكلل جهودكم بالنجاح، إذ قد وطنتم العزم على إجراء التغيير وإرساء أسس الإصلاح.
ألا اخذ الله بيدكم لتواصلوا في ظل العهد الرئاسي الجديد، رسالة بناء الدولة القادرة ومناهضة الفساد ومنازلة الظلم لكي تنمو في عالمنا حضارة المحبة".
باسيل
وتحدث الوزير باسيل وقال: "نحن تعمدنا اليوم في هذه الزيارة ان نمر على دار الطائفة الكلدانية في بعبدا، لأن وطننا ومنطقتنا والعالم كله يمر بمرحلة دقيقة ويسود صراع بين الانطواء والانفتاح. ونحن نرى ان هناك جدرانا تبنى وكلما رأينا جدارا نصر أكثر ان نمد الجسور، لان هذا دورنا في هذا البلد وهذه المنطقة. وعندما اعتقدوا اننا يمكن ان نستفيد من ردة فعل معينة لمزيد من التطرف لمواجهة التطرف التكفيري الاسلامي، كنا ننادي دائما الى محاربة الاسلاموفوبيا والى لعب دورنا لجعل الآخر يفهمنا ونفهم بدورنا الآخرين في هذه المنطقة. وكل ما تشتد الازمات وتزيد الصراعات تنقص قدرة الفهم والتفهم للأسف، ولا يبقى سوى اصحاب العقول الكبيرة الذين تربوا على سياسة الانفتاح وعاشوا كل عمرهم مندمجين مع الآخر، هم وحدهم يمكنهم في الازمات الصعبة ان يلعبوا الادوار الكبيرة. ونعتقد ان الامر الذي نحن من ضحاياه، اكنا مسيحيين في هذا الشرق او كنا مشرقيين في هذا العالم، نحن ضحايا الاعتداء على الانسان الذي لديه فكر مختلف او ايمان مختلف او معتقد او دين ودفعنا اثمانه في مراحل عديدة وقد دفعت الثمن الاكبر الطائفة الكلدانية في الموصل. واود القول انني كنت اول مسؤول عربي واجنبي ازور الموصل على اثر حرب الابادة التي تعرض لها اهلنا هناك ولمست بأم العين المأساة التي يعيشها الناس وكيف يؤدي انسلاخها عن ارضها وكيف يؤدي هذا الامر الى ابتعادها عن ارضها من دون العودة. وقد توالى هذا الامر على منطقتنا وتكرر الى درجة يسمح لنا بالقول انه متعمد من ضمن سلسلة مؤامرات وتصفية للآخر في هذه المنطقة لانه بإلغاء الآخر تسود الآحادية حينها يكون للتطرف مجال أوسع، لأن التطرف الذي لا يعيش إلا على الفوضى وهذا الفكر الداعشي الذي نراه نما وترعرع بحماية غربية وأجنبية واضحة تظهر وسائلها بأشكال مختلفة من مال وتسليح والأخطر بالفكر الذي يسمح به".
أضاف: "نحن من جهتنا، كلما تعرضنا أكثر، كلما صمدنا أكثر ونواجه بانفتاح أكبر، واليوم تمكنا بفضل هذا الفكر وبفضل صمودنا أن نركز أنفسنا في لبنان. وكما تعرفون فان لبنان هو منطلق لكل الشرق، وعندما يسلم لبنان يسلم كل الشرق. وعندما نندثر يندثر كل المشرقيين معنا، كما حصل في العراق ومصر والأردن وفلسطين سوريا، إذ تعمدوا أن يرحلوا السوريين من أرضهم والسياسة التي اتبعناها برفض النزوح السوري لم تكن يوما سياسة تطال أي مذهب أو طائفة أو عرق أو انتماء وطني، كانت تقوم على فكرة واحدة وهي أن يبقى أهل الأرض في أرضهم لكي تبقى أرض تنوع لأنه عندما يزولون عنها يحل مكانهم الارهابيون والمتطرفون، وهذا ما حصل. لذلك فان فكرنا أن يبقى أهل العراق في العراق، أكانوا مسيحيين أو سنة أم شيعة وأكرادا ويزيديين، والتصوير أن هناك طائفة واحدة فقط مستهدفة كما يتم التسويق لها في الغرب يكونون بهذا يخفون الحقيقة الواضحة التي تهدف إلى اقتلاع التنوع من هذه الأرض. عندما كنا نتحدث عن بقاء السوريين في أرضهم وكذلك العراقيين لأن من هاجر يجب أن يعود إلى أرضه، كنا نرى العالم كيف يفتح لهم ذراعيه ويسهل لهم العبور. لم نتبع يوما سياسة اكثار أو انقاص عدد المسيحيين في لبنان بل كنا ننادي بإبقاء اللبنانيين وعودتهم إلى لبنان لأنه عندما يعودون إلى طبيعتهم يعودون إلى تنوعهم الطبيعي، وغير صحيح اننا نهدف إلى تجنيس العراقي أو السوري في لبنان فقط لأنه مسيحي. فعندما نكون مضيافين لمن أجبرتهم ظروف الحياة إلى اللجوء إلى لبنان كما تجنس من قبل فلسطينيون وسوريون في لبنان ولبنانيون في بلدان الاغتراب والجوار، فهذا حدث طبيعي، إنما أن نقوم بهذه التغييرات الديموغرافية عنوة، فآثارها لن تنتهي. فإننا أولاد تجربة ورأينا كيف أن أبناء الجبل المهجرين لم يعودوا إلى قراهم حتى بعد انتهاء الحرب بخمس وعشرين سنة، وهم ضمن البلد الواحد. فكيف يمكن لابن العراق الذي هاجر إلى أوروبا أن يعود إلى أرضه، ونحن على يقين أنه لن يعود أبدا، وهذه هي المؤامرة الحقيقة التي نتعرض لها والتي قامت عليها سياسات غربية، والتي لا يمكن أن تتصحح بمعاداة شعوب أو أديان بأكملها، بل تصحح في ضرب منبع الإرهاب ومموليه ومسلحيه، والاعترافات كثيرة في هذا المجال. هذا التصحيح لا يكون بتعميم وعقاب جماعي بل انتقائي للناس المعني رفضهم وضربهم".
وتابع: "وما يعنينا، من واجب لبنان أن يستقبل ويساعد، ولكن ليس من واجبه أن يساهم ويساعد على التهجير، عدا عن أن أرضنا صغيرة بالرغم من أن فكرنا وقلبنا كبير، إنما فكرنا يفرض علينا أن تكون حمايتنا بتنوعنا. وتنوعنا ليس فقط في لبنان، لأنه إذا كانت حماية لبنان منه وفيه، نبقى من دون حزام حماية حولنا، فالتنوع في سوريا يحمينا في لبنان والتنوع في العراق يحمينا كذلك، لأنه من دون ذلك نبقى بعزلة في النهاية بتنوعنا ولا نعرف إلى أي مدى يمكن أن نقاوم بهذا التنوع خاصة عندما يذهب الغرب إلى مزيد من التطرف، حينها تزيد عزلتنا وحتى انفتاحنا على الغرب لن يعود ممكنا، لأنه بتربيتنا ومنشأنا وتاريخنا وحضارتنا التي تراكمت معنا لا يمكن أن نكون مسيحيين للمسيحية فقط ومسلمين للاسلام فقط. لبنانيتنا تتسع لكل هذه الأمور وفخورون بمسيحيتنا التي ندافع ونستشهد عنها، فهناك شهداء الكنيسة وشهداء الوطن، وكل ذلك لأن قيمة المسيحية أن تبقى على فكرها الانساني الواسع والشامل، ومن هذا المنطلق استطعنا أن نحافظ على وجودنا وان نستعيد دورنا اليوم".
وأضاف: "والذي نقوم به اليوم في قانون الانتخاب وفي تعاطينا بين بعضنا كمسيحيين ندعو لإلغاء المذهبية المسيحية، فالمسيحيون يجب أن يكونوا مذهبا واحدا، لأننا لا يمكن التمييز بين المذاهب إلا من خلال المقاعد الوظيفية في الدولة. لذلك يجب أن نتوصل إلى مرحلة الغاء الفوارق بين المسيحيين داخل الإدارة، وهذا الفكر الماروني المتعالي على الآخرين يجب أن يزول ولو أن لهم فضلا في وجودهم في لبنان وإعطاء لبنان ميزته، والفكر الاقلي يجب أن يزول أيضا ويجب أن نلتقي جميعنا في مكان واحد، واقتراحنا الذي تقدمنا به في قانون الانتخابات هو لاعتبار المسيحيين مذهب واحد، كي لا يدفعوا بتنوعهم من جهة وبانتشارهم في كل المناطق اللبنانية من جهة أخرى. هذا الطرح الذي تقدمنا به في الانتخابات ويلاقي قبولا ونأمل أن يقر قريبا. وخيارنا كمسيحيين، واقله كتيار وطني حر أن نرى بعضنا مثل بعض، وعلى هذا الأساس يجب أن نعامل بدءا من تطبيق هذا الأمر باعتماده كمعيار في القانون الانتخابي، والا سلام على التمثيل ولن يكون هناك صحة تمثيل إلا في الأرثوذكسي الذي يعتبر لبنان دائرة واحدة والمذاهب هي على مساحة الدائرة كلها التي هي الوطن والنسبية تعطي التمثيل للجميع ضمن كل مذهب أي ضمن كل دائرة التي هي الوطن. وهذه المعايير تؤمن سلامة المجتمع والاستقرار السياسي والتي توصلنا لقانون انتخاب يأخذ الجميع حجمهم ودورهم".
وختم: "نحن اليوم في عهد جديد نسعى فيه لاستقرار حقيقي وبدأنا بتكريسه، وترسيخه واستمراره يكون بالعودة إلى طبيعة مجتمعنا وتكويننا، وهذا ما نؤمن به سلامتنا ونأمل أن نلتقي دوما بطمأنينة وراحة بال، فدورنا ككنيسة وسياسيين أن نكون دائما إلى جانب المظلومين".