ثقافة ومجتمع
27 أيلول 2016, 12:52

قصة اليوم: التّروِّي وعدم الاستعجال

كان أحد المدرّسين شديد الغضب، سريع الانفعال، متسرّعًا في اتّخاذ قراراته بوحي من مشاعره الهائجة.وفي صباح أحد الأيّام، وحين كان يقف على شرفة المدرسة المطلّة على الفناء، يستعرض صفوف التّلاميذ في اليوم الأوّل من العام الدّراسيّ، طلب من التّلاميذ، بلهجة حازمة، أن يرفعوا بطاقاتهم إلى أعلى باليد اليمنى، فرُفعت الأيدي بتنسيق وجمال، غير أنّ طفلاً صغيرًا رفع البطاقة باليد اليسرى. فقرّر المدرّس أن يكون صارمًا معه فقال له من خلال مكبّر الصّوت: "إرفع يدك اليمنى أيّها الغبيّ".

 

اضطرب الصّغير وارتجف واهتزّت ذراعه لكنّه لم يستجب لقول المدرّس، فاندفع الأخير نحوه كالسّهم ليلقّنه الدّرس الأوّل في الطّاعة والأدب ويجعله عبرة للباقين.

عندما اقترب من الطّفل هاله ما شاهده على وجهه البريء من اضطراب وخوف ساحق، فقد كانت ذراعه اليمنى مقطوعة تمامًا. ملأت الدّموع عيني المدرّس وأحسّ بمرارة في حلقه لم تُذبها الأيّام. وأدرك لأوّل مرّة أنّه، هو المعلّم، يحتاج أن يعرف أشياء كثيرة في مبادئ الحياة الإنسانيّة.

ومنذ ذلك الحين، أخذ يراقب كلماته وأحاديثه ويدرس علاقاته ويرتّب أفكاره، فتعلّم الكثير من هذا الطّفل الصّغير الّذي جرح مشاعره الرّقيقة بكلماته الخشنة؛ وتحوّل إلى مدرّس يتّصف بالرّقة والأدب والمجاملة، مدرّس عاقل متّزن لا يتسرّع في الحكم.

أخي الحبيب، إحترس في اختيار كلماتك وراقب ألفاظك، فبكلمة يمكنك أن تفرح إنسانًا وبكلمة يمكنك أن تحزنه أو تغضبه أو تثيره أو تحوّله إلى عدوّ.

لتكن كلماتك حلوة في آذان النّاس...