ثقافة ومجتمع
08 تشرين الثاني 2016, 15:03

قصة اليوم: المحبّة تتأنّى وترفق

قالت "قال لي إنه لن يتوقف عن حبّي مهما تغيّر حالي أو شكلي ووعدني بحياة رغيدة وسعيدة معه وأنّه لن يخذلي أبدًا"، تعجبت وتساءلت "هذا زمن يكثر فيه الكلام عن الحب بمفاهيمه العديدة، فهل سيبقى على عهده هذا؟"

رأيتها صدفةً بعد سنوات تجلس في مقهى مع صديقة لها، سلّمت عليها ورأيت في أصبعها خاتم زواج ففهمت من حديثها أنها تزوجته، وقد كانت ابتسامتها تعلو وجنتيها. لم استطع أن افهمها، هل هي سعيدة؟ هل هي تحاول أن تذكّرني بما شاركته معي؟ فقد ازداد فعلًا وزنها بشكل واضح، لم تقف من مكانها فلم أرها تمامًا ولكنها حتمًا تغيّرت. وصلتها مكالمة منه وأنا معها، فقالت له "انتظرك، لا تتأخر أريد أن أصعد للطابق الثاني". لم أفهم هذه المكالمة، فقد عهدتها مستقلة تمامًا في تفكيرها وفي تنقلها. رأيت مفاتيح السيارة بيدها. فلِما تنتظره؟ هل هو مسيطر عليها لهذه الدرجة حتى أنّه لا يسمح لها بأن تتصرف لوحدها، فقلت في داخلي "يظهر أن هذا كان مجرّد كلام مخطوبين فالدنيا تتغيّر والحال يتغيّر..". بعدها بدقائق رأيته يأتي، وأذهلني ما رأيت، فقد اقترب منها وقبّلها على خدها وقال لها "هيا يا حبيبتي، سأساعدك لتنتلقي إلى الكرسيّ المدولب"، ودّعتني وتركتني مذهولة عمّا حدث فأخبرتني صديقتها "أصيبت بحادث، وزوجها يأخذها حيث تريد، ولا يريدها أن تبقى على كرسيّ العجلات وهي في مقهى حتى لا تُحرج فتشعر بالاختلاف فيأخذها، يجلسها ويرجع ليأخذها حينما وحيثما تريد. يحبها رغم كل ما حدث من تغيير، يحبّها حبًا غير مشروط، يتعلق بالمُحب وليس المحبوب فالمحبوب يبقى محبوبًا رغم تغيّر حاله وظرفه، يحبّه كما هو ومهما حصل". فرحت لها وشكرت الرّب أنّه يوجد بعد في عصرنا أناس يتحلّون بهذه الصفاة مملوئين بالمحبة والصدق والشهامة.