ثقافة ومجتمع
02 كانون الأول 2016, 10:27

قصة اليوم: جوسي الّذي لم يكن يعرف المحبّة

قبل سنوات كثيرة، عاش في قرية في جنوب البرازيل- وسط جيران أثرياء- الطّفل الصّغير "جوسي" إبن السّبع سنوات واليتيم الوالدين، مع عمّته الثّريّة ولكنّ البخيلة جدًّا، فما ذاق طعم المحبّة يومًا لظنّه أنّ لا وجود لها.

 

رغم غناها، أقنعت العمّة ناظر المدرسة في المدينة أن يُلحق ابن أخيها فيها مقابل عُشر المصاريف العاديّة، مهدّدة إيّاه أنّها ستشكوه لحاكم المدينة إن رفض طلبها. فلم يكن أمام النّاظر سوى الموافقة موصيًا المدرّسين أن ينتهزوا كلّ فرصة لإذلال جوسي فيصدر عنه ردّ فعل عنيف فيطرده. ولكن جوسي لم تضايقه تصرّفات المعلّمين فصمد في مدرسته.

وعند حلول عيد الميلاد، أجبر التّلاميذ على قصد كنيسة بعيدة ليحتفلوا بالعيد لأنّ كاهن قريتهم في إجازة؛ فساروا معاً بملابسهم الجديدة يتبادلون الأحاديث حول الثّياب الجميلة والألعاب الباهظة وهدايا بابا نويل، إلّا أنّ جوسي سار بجانبهم بملابسه الرّثّة وحذائه الصّغير، ما أثار فضول رفاقه الّذين راحوا يتهامسون فيما بينهم معلنين خجلهم من مصادقة شخص رثّ الملبس، غير أنّ تعليقاتهم ما أزعجته.

وعند وصوله إلى الكنيسة، سمع صوت البيانو، رأى الأنوار الساطعة، ونظر إلى الأهل وأولادهم المحتشدين بأفخر الثّياب، فأحسّ بأنّه أحقر النّاس. ما دفعه إلى البقاء وحيدًا بعد المناولة، على سلّم الكنيسة حيث راح يصرخ بسبب وحدته. وإذا بطفل صغير حافي القدمين يجلس بجانبه، فالتفت إليه وقدّم له فردة حذاء علّه يريحه من نصف تعبه، وعاد أدراجه بالفردة الأخرى.

عند دخوله المنزل، رأته عمّته فأمرته أن يجد الفرد الثّانية وإلّا تعرّض لأقسى عقاب في اليوم التّالي. أوى جوسي إلى فراشه خائفًا وما غمض له جفن إلّا بعد وقت طويل. وفجأة سمع ضوضاء في الغرفة المجاورة، وإذا بالفردة الثّانية موضوعة في وسط الغرفة والعمّة تقف مندهشة.

وفي تلك الأثناء ومع أولى ساعات الفجر، وصل الكاهن إلى الكنيسة يلهث لأنّ تمثالاً ذهبيًّا للطّفل يسوع ظهر على السّلّم يلبس فردة حذاء واحدة، فساد صمت ومجّد الحاضرون الله على أعجوبته. في حين حضرت العمّة وراحت تجهش بالبكاء ملتمسة الغفران، فامتلأ قلب جوسي بالقوّة وذاق للمرّة الأولى طعم "المحبّة".