ثقافة ومجتمع
13 كانون الثاني 2016, 06:10

قصة اليوم : زهرة البنفسج

يُحكى أن بستانيا ذهب إلى حديقته ذات صباح، فإذا بها ذابلة صفراء الوجه ! فأنقبض صدره، وعزّ عليه أن يرى الجنّة وقد صارت خرابا ً … فأخذ ينتقل من شجرة إلى أخرى يسألها الخبر، فلا تعطه جوابا ً فقد كانت الأشجار حزينة كسيرة القلوب.

في أحد الأركان البعيدة، رأى الرجل زهرة صغيرة من زهور البنفسج، تنظر إليه معبّرة وعلى وجهها نظرة الحياة. فاقترب الرجل إليها سائلا ً عما جرى للحديقة. قالت البنفسجة "كانت الحديقة عامرة زاهرة حتى ساعة قريبة، ثم ما لبث أن دبّت الغيرة بين أشجارها، فاكتأبت الأشجار جميعاً، الواحدة بعد الأخرى. لقد اتقدت شجرة البلّوط غيرة من أشجار الصنوبر لأنها مرتفعة مثلها، وحنق الصنوبر واغتم، لأنه لا يحمل عناقيداً حلوة المذاق مثل الكروم، أما الكرمة فقد أحنت رأسها إلى الأرض أسفا ً، لأنها ليست مستقيمة الساق مثل الخوخ، وهكذا أشعلت الغيرة نار الحقد، فآكلت الأشجار، وشوهت وجه البستان.

قال الرجل للبنفسجة السمراء "وكيف بقيت ناضرة باسمة وسط هذا الموت الأصفر؟" قالت البنفسجة "كانت النار تشتعل حولي، ولكنها لم تدخل قلبي، فقد آمنت أنك سيدي وصانعي. وعلمت أنك أردتني أن أكون بنفسجة قاتمة اللون وأردت أن يكون موقعي في ركن بعيد في طرف الحديقة، لا تكاد تنظره عين وقد أسعدني أن أكون ما أراده سيدي وأن أقضي عمري القصير حيث أرادني أن أكون . لذلك أحتفظت بوجهي ونضرتي وابتسامتي".

إن الغيرة لا تنفع ، ولا تُشبع صاحبها، بل تؤدي به دائما إلى طريق الهزيمة والفشل. والقناعة تحمي صاحبها، وتملأ قلبه بالسلام، وتجعل حياته غنية وخيره وفيراً ، وكنزه دائم لا يفنى.