ثقافة ومجتمع
27 كانون الأول 2016, 14:31

قصة اليوم: طلب أن أعينه في موته..

يخبر السيّد مودي الذي يقيم في مستشفى الجيش بعد الحرب الأهلية الأميركية عن حادثة خاصة اختبرها قائلًا"لم أستطع أن أستريح لحظة واحدة مدة ليلتين كاملتين، وفي الليلة الثالثة كنت على آخر رمق بسبب التّعب، ولذلك غرقت في نوم عميق.

وحول منتصف الليل أيقظوني لأزور جنديًا جريحًا كانت حالته سيئة جدًا. وقد حاولت في البدء أن أرد الرسول خائبًا، ولكنه أفهمني أنني إذا تأخرت حتى الصباح، فربما لن تكون هناك فائدة من ذهابي. فذهبت ووجدت الرجل، ولا يمكنني أن أنسى الصورة التي رأيتها، وقد كشفت أشعة الشمعة الباهتة عن وجهه. سألته كيف يمكنني أن أخدمه فأجاب إنه يرغب أن أعينه في موته! وقلت له، لو كان الأمر بيدي، لحملته بين ذراعيّ إلى ملكوت السموات، ولكن الأمر ليس كذلك.. ومن ثم بدأت أكرز له بالإنجيل فهز رأسه وقال "إنه لا يستطيع أن يخلّصني. لقد أخطأت ضدّه كل حياتي!".

عادت أفكاري إلى أهله في الشمال، وفكرت في أنّ أمه كانت على الأرجح تصلي في تلك الليلة بالذات من أجل ولدها. قلت له وعدًا بعد آخر، وصلّيت مع الرجل المائت، ولكن لم يكن شيء – على ما يظهر – ذا فائدة له. عندئذ قلت إني أرغب بأن أقرأ له محادثة قامت بين مخّلصنا، عندما كان على الأرض، وبين إنسان كان قلقًا على مصيره الأبدي. وبدأت أقرأ في يوحنا الإصحاح الثالث كيف أتى "نيقوديموس" إلى السيّد المسيح. واصلت القراءة، فثبّت نظراته نحوي، وبدا كأنه يأكل الكلام أكلاً. وعندما لما وصلت إلى الكلمات "وكما رفع موسى الحيّة في البرية فكذلك يجب أن يُرفع ابن الإنسان لتكون به الحياة الأبديّة لكلّ من يؤمن، فإنّ الله أحبّ العالم حتى إنّه جاد بابنه الوحيد لكي لا يهلك كلّ من يؤمن به، بل تكون له الحياة الأبديّة.." – قاطعني بالقول "هل توجد هذه الكلمات عندك؟" فأجبت "نعم"، فأجاب"آه ... أنا لم أعرف أن شيئًا مثل هذا يوجد في الكتاب.. اقرأ أيضًا!" واتكأ على كوعه ثم ضمّ يديه معًا بقوّة، وعندما انتهيت قال "هذا بديع ... أيمكنك أن تقرأ المزيد؟".
وقرأت الآيات للمرة الثالثة، وعندما انتهيت رأيت عينيه مغمضتين، وزال اضطراب وجهه، وحلّت مكانه ابتسامة سلام. تحرّكت شفتاه فانحنيت لأسمع ما يقول، فسمعت همسًا خافتًا "وكما رفع موسى الحيّة في البرية فكذلك يجب أن يُرفع ابن الإنسان لتكون به الحياة الأبديّة لكلّ من يؤمن، فإنّ الله أحبّ العالم حتى إنّه جاد بابنه الوحيد لكي لا يهلك كلّ من يؤمن به، بل تكون له الحياة الأبديّة.." وفتح عينيه ثم قال "شكرًا، يكفي .. لا تقرأ أكثر!"
وفي صباح اليوم التالي أتيت إلى سريره فوجدته خاليًا. وقال لي المراقب إن الشاب قد انطلق بسلام وقال إنه عقب زيارتي استراح بهدوء وكان يتمتم بين حين وآخر ذلك الإعلان المجيد "لكي لا يهلك كلّ من يؤمن به، بل تكون له الحياة الأبديّة".