ثقافة ومجتمع
30 آب 2015, 21:00

قصة اليوم : لسنا بحاجة الى المال

اتفق أن مرَّ الروائي الشهير بارو بمخيم قبيلة من الهند الحمر، فتجمهروا حوله ظانّين أنه رجل دين، وقالوا له "أسمعنا شيئاً من كلام الله! أعطنا الله!".فقال لهم "لَستُ قسيساً ولا كاهناً لأسمعكم كلام الله! ولكني أسأله أن يرحمكم". وابتعد وهو خَجِل من نفسه ومُعجب من عزّة نفس هؤلاء الهنود وتعطّشهم الى كلام الله. لمح أطفالاً يلحقونه فرمى لهم بعض قطع من النقود، من باب الحسنة نظراً لفقرهم. وإذا بعجوز تهتف به "احتفظ بدراهمك! لسنا بحاجة الى المال، نحن نطلب كلام الله!".

يا لنبل الأخلاق! يعيشون تحت الخِيَم ويحيون حياة فقر وتقشّف وحرمان، وهم مع ذلك أعفّاء النفس، لا يمدّون أيديهم لطلب الصدقة، وإذا قُدّمَت لهم يرفضونها. القليل مع عزّة النفس أفضل من مِنّة الشحادة في نظرهم. واللقمة الهنيئة التي تُشبِع وتُدَسِّم هي اللقمة الشريفة التي نحصلها بعرق الجبين من دون أن نبذل في سبيلها ماءَ الوجه.
إنها لأمثولة سامية في القناعة : لا الفقر يذلّهم ولا المال يغويهم، بل عزّة النفس تسمو بهم فوق هذا وذاك.
وإنها لأمثولة سامية أيضاً في حبّ الله والتشوّق الى سماع كلامه : لقد فهموا على سذاجتهم وطيبة قلوبهم وتعفّف نفوسهم، معنى كلمة يسوع "ليس بالخُبزِ وَحدَه يَحيا الإنسان بل بِكُلِّ كلمةٍ تَخرُجُ مِن فَمِ الله".