ثقافة ومجتمع
04 آب 2017, 13:05

قصّة اليوم: ربطة خبز من السّماء

كنت في أيام الحرب أسكن في منطقة بعيدة عن المدينة، وكانت الطّرقات مقفلة في معظم الأحيان فلا يستطيع الإنسان التنقّل بسهولة. جاء وقت لم يستطع فيه زوجي الدخول إلى المدينة ليأخذ راتبه الشهريّ، وبالتّالي وقعنا في ضيق مادّيّ وكنت آنذاك حاملًا في الشّهر التّاسع. حاولنا أن نقتصد في مصروفنا، ولكنّه جاء اليوم الّذي لم نجد فيه النّقود الكافية لشراء ربطة خبز. فأخذنا زوجي وأنا نفتش في البيت على أمل أن نجد بعض المال المنسيّ في محفظة قديمة أو جيوب الثّياب أو خبايا الخزانة.. ولكن لم نجد شيئًا.

 

شعرت في ذلك الصّباح بجوعٍ رهيب، وبدا لي أنّ الطفل في أحشائي يصرُخ يريد أن يأكل، فسألت زوجي: هل سيمسح لنا الله بأن نموت من الجوع؟

فأجاب: بالطبع لا، أَلم تقرأي في الكتاب المقدّس كيف أنّه أشبع النّاس في البرّيّة بالمنِّ والسّلوى؟ أَوَلم تقرأي كيف أنّ المسيح أشبع خمسة آلاف شخص بخمسة أرغفة وسمكتين؟

قلت: أعرف القصص ولكنَه كيف سيعطينا الخبز؟ هل سيرمي الرّبطة من السّماء؟

قال زوجي بكلّ هدوء: لما لا؟ كلّ شيء مُستطاع لدى الله، لنركع ونصلّي.

ركعت مع زوجي وصليّنا، لم أطلب سوى ربطة خبز فقط تشبع جوعي وجوع طفلي وزوجي. ثم صعدت إلى السّرير محاولةً أن أنام وأنسى جوعي وأسكت صراخ أحشائي، أمّا زوجي فنزل إلى الحديقة ليبحث عن شيء يؤكل.

لم تمضِ لحظات حتّى سمعت صوت سيارة تتوقف أمام الحديقة وإذا بشاب غريب ينزل من السّيارة ويقول لزوجي: أهذا أنت؟ لم أرك منذ عشر سنوات!

تعانقا كثيرًا وفهمت من حديثهما أنّهما صديقان منذ الطفولة، دعاه زوجي للدّخول لكنّه أجاب: أنا على عجلة من أمري.. قد أعود في وقت لاحق. 

وفيما هو يفتح باب السّيارة ليغادرنا، سأله زوجي: ماذا تعمل في هذه الأيّام الصّعبة؟

أجاب :أبيع الخبز.

ثم أخذ من صندوق السّيارة ربطة من الخبز ورمى بها لزوجي، وفي لمح البصر غابت سيّارته عن العيون. وقف زوجي مدهوشًا وهو ينظر إلى ربطة الخبز التي في يديه .. وكأنها نزلت من السّماء.

شكرتُ الله والدّموع تنهمر من عينيّ، فغمرني زوجي بذراعيه وقال وهو يكرّر كلام الكتاب المقدّس: "إتَّقوا الرَّبَّ يا قِدِّيسيه وما مِن شَيءٍ يُعْوِزُ مُتَّقيه" (مز 33: 10)