لبنان
03 أيلول 2025, 10:20

كلمة الأباتي إدمون رزق في حفل تكريم الأباتي جبرايل القرداحي

تيلي لوميار/ نورسات
خلال حفل تكريم العلّامة الأباتي جبرايل القرداحي في دير مار ضوميط- فيطرون، ألقى الأب العامّ للرّهبانيّة المارونيّة المريميّة الأباتي إدمون رزق كلمة حملت عنوان: "ولا يوقد سراج ويوضع تحت المكيال، بل على الـمنارة، فيضيء لجميع الذّين في البيت" (متّى 5: 15)، جاء في نصّها:

"نلتقي اليوم، في هذا الحفل المبارك، لنكرّم علمًا من أعلام الفكر ‏والرّهبنة، علاّمةً عظيمًا، سخّر حياته للعلم والإيمان، وجعل من فكره سراجًا ‏على منارة الأجيال، ومن كتاباته شهادةً حيّةً على التزامه بالإنسانيّة الواعية‎.‎

إنّ الأباتي القرداحيّ، لم يكن رئيسًا عامًّا على رهبانيّته، لكنّه نال رتبة ‏الأباتيّة من البطريرك بولس مسعد، تقديرًا لإنجازاته في الرّهبانيّة ومن أجل ‏خدمة وخير الكنيسة. وتكريمه اليوم ليس تكريمًا لشخصه فحسب، بل هو ‏تكريم لمسيرة طويلة من رجالات كبار قدّموا حياتهم من أجل الحقيقة والمعرفة ‏والقداسة. هؤلاء الرّجال يجسّدون صورة الرّهبانيّة المارونيّة المريميّة الّتي لم ‏تتوقّف عن تقديم شهادة حيّة، إن في الإيمان وإن في العلم والتّربية‎.‎‏ ‏

إنّ الرّهبانيّة المارونيّة المريميّة الّتي أفتخر أن أحمل اسمها، نشأت برغبة ‏مؤسّسين عظماء، أناروا طريق البيعة من حبّهم لله وسعيهم الدّؤوب في ‏رقيّ الإنسانيّة. فها المطران عبدالله قراعلي، ابن العائلة الغنيّة يتجرّد من غناه ‏المادّيّ ليغتني بالكلمة وبالمشورات الإنجيليّة، وها العلّامة جرمانوس فرحات ‏يتفوّق ويشتهر في العلم والأدب والوعظ والفضل والفضيلة، حتّى ‏دعي بحقّ: أبا اللّغة العربيّة ورائدها العظيم. وها الأباتي العلّامة يوسف ‏السّمعانيّ الكبير، صاحب المكتبة الشّرقيّة "‏‎Biblioteca Orientalis‏" يطلق حركة الاستشراق، ويعرّف الغرب ‏على الشّرق، والشّرق على الغرب‎.‎‏ أمّا الأباتي بطرس فهد، فقد أغنى ‏المكتبات بما كتبه عن تاريخ الرّهبانيّة والطّائفة المارونيّة... والسّبحة تكرّ، ‏حاملةً أسماء الكثيرين من أبناء هذه الرّهبانيّة الّذين خدموا في الرّسالات ‏وعلّموا في الحياة، وساسوا ودبّروا في مجالات كثيرة، وخافوا على خلاص ‏النّفوس وكانت صلواتهم مع مساعيهم أكاليل رجاء أينما حلّوا، حتّى نصل اليوم، إلى غبطة أبينا البطريرك الكاردينال مار بشارة بطرس ‏الرّاعي. ولا يسعنا إلّا أن نرفع التّحيّة الصّادقة والإجلال الكبير لغبطتكم. ‏أنتم الرّاعي الصّالح الّذي يحمل همّ الكنيسة المارونيّة ورسالتها في لبنان ‏والعالم، بصوت نبويّ يصدح بالحقّ، وبقلب أبويّ لا يعرف إلّا العطاء‎. أنتم النّور الّذي يرتفع ليضيء مسار اللّبنانيّين في الحقّ والخير.

لقد كنتم ولا تزالون حافظين للكنز ومدافعين عن الثّقافة الإنسانيّة والإيمانيّة. ‏أنتم صوت الحقّ والضّمير، الحامل الشّجاع لقيم الكنيسة المارونيّة في لبنان ‏والعالم، الرّاعي الّذي يناضل لنهضة شعبه، والمدافع عن وحدة لبنان، وزارع ‏الرّجاء الأوّل في نفوس أبناء كنيسته‎.‎‏ ولن ننتظر المستقبل لنشكركم ‏ونكرّمكم، لأنّكم محطّة تكريم يوميّة وصلاة شكر لا تنتهي.‏

اليوم يا صاحب الغبطة، بطريركنا الغالي، أردنا بتكريم العلّامة الأباتي جبرايل ‏القرداحي، أن نكرّم عظماء رهبانيّتنا جميعًا المذكورين والمنسيّين، ولكم يا ‏أبانا جزيل الشّكر والتّقدير.‏

مرحبًا بكم جميعًا، ومرحبًا بكم يا صاحب الغبطة، أنتم تاج هذا اللّقاء، ‏وبهاء هذه المناسبة، وشهادة حيّة على استمرار الرّسالة الّتي بدأها آباؤنا ‏العظماء.‎

نرجو لهذا اللّقاء أن يكون وفاءً لمسيرة الأباتي جبرايل القرداحيّ، ولرسالة ‏تقليديّة تحمل مفتاح الغد الأفضل.‎"