متفرّقات
23 شباط 2021, 11:39

كوفيد-19: ثلثا البلدان الفقيرة تخفّض ميزانيّات التّعليم وهي أحوج ما تكون إليها

تيلي لوميار/ نورسات
لا تتكيَّف ميزانيات التعليم بما يتناسب مع الصعوبات الناجمة عن جائحة "كوفيد-19"، ولا سيما في البلدان الفقيرة. وقد ذكر التقرير الجديد المشترك لمجموعة البنك الدولي واليونسكو "رصد تمويل التعليم"، أنَّ ثلثي البلدان المنخفضة الدخل والبلدان المتوسطة الدخل من الشريحة الدنيا قد خفَّضت في الواقع ميزانياتها العامة المخصصة للتعليم منذ بدء تفشي الجائحة، وذلك على الرغم من الحاجة إلى تمويل إضافي.

وبيَّن التقرير في المقابل، أنَّ تخفيض الميزانية قد اقتصر على ثلثي البلدان المتوسطة الدخل من الشريحة العليا والبلدان المرتفعة الدخل؛ وكانت هذه الاقتطاعات في الميزانية صغيرة نسبياً حتى الآن، ولكن هناك خطر أن تتعاظم مع استمرار الجائحة في إحداث خسائر اقتصادية وتدهور الوضع المالي؛ ويترتَّب على هذه الاتجاهات المختلفة حدوث زيادة كبيرة في التفاوت الموجود أصلاً في الإنفاق بين البلدان المنخفضة الدخل وتلك المرتفعة الدخل.

ويشير التقرير الجديد إلى أنَّه قبل تفشي جائحة "كوفيد-19"، أي في عامي 2018 و2019، كانت البلدان المرتفعة الدخل تُنفق سنوياً ما يعادل 8,501 دولار أمريكي على تعليم كل طفل وشاب، بينما تنفق البلدان المنخفضة الدخل ما يعادل 48 دولاراً أمريكياً؛ وتتسبب الجائحة في توسُّع الفجوة القائمة أصلاً في الإنفاق على التعليم لكل فرد، بين البلدان الغنية والفقيرة.

ويشدِّد تقرير "رصد تمويل التعليم" على أنَّ التحدي في تمويل التعليم لا يقتصر على حشد الموارد، بل يتعداه إلى فعالية هذا التمويل، وللأسف ترافقت الزيادة التي طرأت مؤخراً على الإنفاق على التعليم مع حدوث تحسن طفيف في نواتجه. وعلى الرغم من تحسن إمكانية الانتفاع بالتعليم، فإنَّ معدل الفقر التعليمي، أي نسبة الأطفال الذين يبلغون من العمر 10 أعوام وهم غير قادرين على قراءة نصٍّ قصير ملائم لسنِّهم، قبل جائحة "كوفيد-19"، كان يبلغ 53% في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل، مقارنة بنسبة 9% في البلدان المرتفعة الدخل؛ ومن المحتمل أن يتسبب إغلاق المدارس الناجم عن الجائحة في رفع النسبة من 53% إلى 63%.

ويذكر التقرير أنَّ الإنفاق العالمي على التعليم شهد زيادة خلال السنوات العشر الأخيرة، ولكن هناك دلائل على إمكانية عرقلة الجائحة لهذا الاتجاه المتصاعد؛ ومنذ عام 2010، كان النمو الأسرع لتمويل التعليم يحدث في البلدان المنخفضة الدخل والمتوسطة من الشريحة الدنيا، حيث هناك الفجوة الأكبر بين التمويل اللازم لتحقيق أهداف التنمية المستدامة لعام 2030 المتفق عليها دولياً، وبين المخصصات الحالية. ويشير التدهور في مالية الحكومة خلال الفترة المتوسطة إلى أنَّه من دون تضافر الجهود التي تعطي الأولوية للتعليم، سيزداد مستقبل حشد الأموال المطلوبة للتعليم سوءاً.

وقد ازدادت المعونة المخصصة للتعليم بنسبة 21% خلال السنوات العشر الماضية، وتزايد الإنفاق بسرعة خلال العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، ثمَّ تراجع بين عامي 2010 و2014 عقب الأزمة المالية الكبرى، غير أنَّ المعونة المخصصة للتعليم ازدادت بنسبة 30% اعتباراً من عام 2014، وسجَّلت أعلى قيمة لها في عام 2019، حيث بلغت 15,9 مليار دولار أمريكي. ولكن القيود المالية والاحتياجات القطاعية الأخرى والتغيرات التي طرأت على أنماط حراك الطلاب، تشير إلى احتمال تراجع المعونة المخصصة للتعليم بينما القطاع هو أحوج ما يكون إليها.

إنَّ تقرير "رصد تمويل التعليم" هو عبارة عن ثمرة تعاون بين مجموعة البنك الدولي وفريق التقرير العالمي لرصد التعليم التابع لليونسكو، وسيصدر سنوياً بعد نشر معهد اليونسكو للإحصاء الإصدار الرئيسي لبيانات الإنفاق؛ ويرمي هذا التقرير إلى جمع أفضل البيانات المتاحة عن جميع موارد تمويل التعليم، ورصد الجهود المبذولة من أجل تحسين المعلومات عن مستويات تمويل التعليم واستخدامه. غير أنَّ المعلومات الجيدة والمتاحة في الوقت المناسب عن إنفاق الحكومات والأسر والمعونات على التعليم غير متوفرة بسهولة في جميع البلدان، مما يعوِّق التخطيط والرصد في وقت لا تتحمَّل فيه البلدان أي زلة في هذا الموضوع.

 

المصدر: اليونسكو