الفاتيكان
24 شباط 2019, 13:38

كوليرديج في ختام لقاء حماية القاصرين في الكنيسة: لا بدّ من النّظر بأعين الضّحايا والسّمع بآذانهم، فهذا هو الارتداد الضّروريّ

إختتم لقاء حماية القاصرين في الكنيسة بقدّاس إلهيّ أقيم صباح اليوم في الفاتيكان. وللمناسبة ألقى رئيس أساقفة بريسبين الأستراليّة المطران مارك كوليريدج عظة تمحورت حول السّلطان، جاء فيها بحسب "فاتيكان نيوز":

"إختار داود استخدام سلطانه لا للقضاء على الملك شاول مسيح الرّبّ، بل أن يبقي عليه. وأريدُ أن أنطلق من هذه القراءة، من سفر صموئيل الأوّل، للحديث عن هبة السّلطان التي تلقّاها رعاة الكنيسة من اللّه، إلّا أنّه سلطان الخدمة والبنيان، سلطان مع ومِن أجل، لا سلطانًا على، وحسب ما قال القدّيس بولس "السُّلطان الَّذي أَولانا إِيَّاهُ الرَّبُّ لِبُنْيانِكم لا لِخَرابِكُم" (راجع 2 قور 10، 8).

والسّلطان خطير لأنّ بإمكانه أن يدمِّر. وقد تأمّلنا خلال أيّام اللّقاء في قدرة السّلطان على أن يدمِّر إذا كان منفصًلا عن الخدمة، حين لا يكون أسلوبًا للمحبّة، حين يصبح سلطانًا على.

وعن الأشخاص الذين يضعهم اللّه في أيدينا، يمكننا استخدام هذا السّلطان للتّدمير، بل وحتّى للقتل بدلًا من البنيان. وإنّ الاعتداءات الجنسيّة، التي يتعرّض لها الأكثر ضعفًا من بين مَن يضعهم اللّه في أيدينا؛ خير دليل على ذلك. لذل، يطيبُ لي أن أذكّركم بكلمات يسوع "أحبّوا أعداءكم"، كما أتساءل مَن هو العدو، وبالتّأكيد ليس مَن حثّ الكنيسة على المواجهة مع الاعتداءات ومع تغطيتها، أيّ الضّحايا الذين قادونا إلى الحقيقة الأليمة راوين قصصهم بشجاعة كبيرة.

وقد مرّت لحظات اعتبرنا فيها الضّحايا أعداءنا لكنّنا لم نحبّهم، لم نباركهم. يطلب منّا الرّبّ أيضًا أن نكون "رُحَماءَ كما أَنَّ أَباكُم رَحيم"؛ ولكن الرّحمة لم تكن دائمًا اختيارنا، بل فضَّلنا في بعض الحالات اللّامبالاة وحماية سمعة الكنيسة وسمعتنا، أظهرنا القليل من الرّحمة، ولهذا نتلقّى القليل منها.

وإنطلاقا من حديث القدّيس بولس في رسالته الأولى إلى أهل قورنتس، عن آدم الإنسان الأوّل الأرضيّ وآدم الرّوحي أيّ إنسان السّماء، أقول لكم بأنّ ولادة إنسان السّماء تستدعي موت إنسان الأرض، أي ارتدادًا حقيقيًّا، بدونه سنظلّ على مستوى "مجرّد الإدارة"، حسب ما يذكر البابا فرنسيس في الإرشاد الرّسوليّ "فرح الإنجيل". وهذه الإدارة المجرّدة لا تصل إلى جوهر أزمة الاعتداءات.

ولا بدّ من النّظر بأعين الضّحايا والسّمع بآذانهم، فهذا هو الارتداد الضّروريّ؛ النّعمة التي يمكنها أن تفتح أمام الكنيسة مرحلة إرساليّة جديدة.

وسنفعل كلّ ما بإمكاننا كي نمنح ضحايا الاعتداءات العدالة والشّفاء، والعمل على ألّا يكرِّر مرتكبو الاعتداءات أفعالهم، ومحاسبة مَن أخفى الاعتداءات. ولا بدّ من اتّخاذ إجراءات أكثر صرامة لاختيار وتنشئة قادة الكنيسة، وعن تربية شعبنا بكامله على تطبيقات الحماية، وعمل كلّ ما يمكن كي لا تتكرّر أهوال الماضي، وكي تكون الكنيسة مكانًا آمنًا للجميع، أُمًّا مُحبّة، وخاصّة للشّباب والأشخاص الضّعفاء.

ومن جهة أخرى، يجب أن يكون التّعاون مع كلّ العاملين من أجل خير الصّغار والضّعفاء، وإلى مواصلة تعميق المعرفة حول الاعتداءات وتبعاتها، وكيف أمكن أن تحدث في الكنيسة وكيفيّة القضاء عليها. وهذا يتطلّب وقتًا ولكن لا يجوز لنا أن نفشل.

وإنّنا إن نجحنا في هذا، فلن نعرف سلام الرّبّ القائم فقط، بل سنكون سلامه في رسالة حتّى حدود الأرض."

وإختتم المطران مارك كوليريدج رئيس أساقفة بريسبين الأستراليّة متحدّثًا عن إبرازنا على هذا المذبح فشلنا وخياناتنا، إيماننا ورجاءنا وحبنا ليسوع الذي "سيَمسَحُ كُلَّ دَمعَةٍ مِن عُيونِهم. ولِلمَوتِ لن يَبْقى وُجودٌ بَعدَ الآن، ولا لِلحُزنِ ولا لِلصُّراخِ ولا لِلأَلَمِ لن يَبْقى وُجودٌ بَعدَ الآَن، لأَنَّ العالَمَ القَديمَ قد زال" (رؤ 21، 4).