الفاتيكان
04 كانون الأول 2018, 15:00

كيف نستعدّ لعيد الميلاد؟

"علينا أن نستعدّ لعيد الميلاد ساعين لبناء السّلام في نفوسنا والعائلة والعالم"، دعوة وجّهها البابا فرنسيس للمؤمنين خلال قدّاسه اليوم في كابيلا القدّيسة مرتا في الفاتيكان، مذكّرًا إيّاهم أنّ صناعة السّلام هو تشبّه بالله "إذ نتواضع ولا نستغيب الآخرين ونجرحهم".

 

هذه الدّعوة استوحاها من قراءته لسفر النّبيّ أشعيا الّذي "نجد في كلماته وعدًا لما ستكون عليه الأزمنة عند مجيء الرّبّ: ّفالرّبّ سيُحلّ السّلام وسيكون كلُّ شيء في سلام"، هذا الأمر يعني أنَّ يسوع سيحمل سلامًا قادرًا على تحويل الحياة والتّاريخ ولذلك هو يُدعى أمير السّلام لأنّه يأتي ليقدّم لنا هذا السّلام".

وتابع يقول بحسب "فاتيكان نيوز": "إنّ زمن المجيء هو زمن للاستعداد لمجيء أمير السّلام هذا. إنّه زمن لنكون في سلام مع ذواتنا ومع بعضنا البعض؛ إذ غالبًا ما لا نكون في سلام بل في قلق واضطراب وبدون رجاء؛ والسّؤال الّذي يوجّهه الرّبّ لنا هو: "كيف هي نفسك اليوم؟ هل هي في سلام؟ إن لم يكن الأمر هكذا فاطلب من أمير السّلام أن يمنحها السّلام لكي تستعدَّ للقائه. نحن معتادون على النّظر إلى نفوس الآخرين ولكنَّ الدّعوة اليوم هي لينظر كلٌّ منّا إلى نفسه.

من ثمَّ علينا أن نضع السّلام في البيت والعائلة. هناك العديد من الأمور المحزنة في العائلات والعديد من الكفاحات والحروب الصّغيرة ونجد أحيانًا أيضًا بعض الانقسامات؛ وبالتّالي علينا أن نسأل أنفسنا إن كانت عائلتنا تعيش بسلام أو في حرب، إن كان أعضاؤها متّحدون أو منقسمون، وإن كان في داخلها جسور أو جدران تفصلنا عن بعضنا البعض. من ثمَّ هناك مكان ثالث ينبغي علينا أن نحمل إليه السّلام وهو العالم حيث نجد الحروب أكثر من السّلام. نجد حروب كثيرة وانقسامات وكراهيّة واستغلال ولا وجود للسّلام أبدًا! فماذا أفعل إذًا للمساعدة في إحلال السّلام في العالم؟ قد يقول لي أحدكم: "لكن العالم بعيد جدًّا يا أبتي!" ماذا تفعل إذًا للمساعدة في إحلال السّلام في الحيّ والمدرسة ومكان العمل؟ هل أجد على الدّوام سببًا لأدخل في حرب وأكره وأستغيب الآخرين؟ لنسأل الأطفال أيضًا: "ماذا تفعل في المدرسة عندما يكون هناك رفيق لا يعجبك وهو بغيض أو ضعيف هل تتنمَّر عليه أم أنك تضع السّلام؟ هل تحاول أن تصنع السّلام؟ هل تغفر كلَّ شيء؟ إنّ زمن المجيء هذا، زمن الاستعداد لمجيء الرّبّ أمير السّلام، يريدنا صانعي سلام.

إنّ السّلام يسير قدمًا على الدّوام وهو لا يتوقف أبدًا، هو خصب وينطلق من النّفس ويعود إليها بعد أن يكون قد قام بمسيرة إحلال السّلام. وبالتّالي فصنع السّلام هو نوعًا تشبّه بالله، عندما أراد أن يصالحنا وغفر لنا وأرسل لنا ابنه ليحلّ السّلام ويكون أمير السّلام. قد يقول لي أحدكم: "ولكن يا ابتي أنا لم أدرس كيف يُصنع السّلام؛ كما أنّني لست مثقّفًا ولست شابًّا..." يخبرنا يسوع في الإنجيل الّذي تقدّمه اللّيتورجيّة اليوم كيف يجب أن يكون موقف من يصنع السّلام: "أَحمَدُكَ يا أَبَتِ، رَبَّ السَّماءِ والأَرض، على أَنَّكَ أَخفَيتَ هذِه الأَشياءَ على الحُكَماءِ والأَذكِياء، وَكَشَفْتَها لِلصِّغار"، وبالتّالي لا يجب أن تكون مثقّفًا أو حكيمًا... وإنّما صغيرًا ومتواضعًا وكن خادمًا للآخرين والرّبّ سيعطيك القدرة لتفهم كيف يُصنع السّلام والقوّة لصنعه.

ينبغي أن تكون صلاتنا في زمن المجيء هذا صلاة إحلال السّلام في نفوسنا وعائلاتنا وأحبّائنا وفي كلّ مرّة نرى إمكانيّة حصول حرب صغيرة أكان في بيوتنا أو في قلوبنا، في المدرسة أو في العمل علينا أن نتوقّف ونسعى لإحلال السّلام وعدم جرح الآخرين. قد يسألني أحدكم: "لكن يا أبتي ماذا يمكنني أن أفعل لكي لا أجرح الآخر؟" لا تستغيبه ولا ترمي الحجر الأوّل. ليُعدَّ الرّبّ قلوبنا لميلاد أمير السّلام ولكن علينا أن يقوم كلّ منّا بدوره أيضًا لإحلال السّلام في قلوبنا ونفوسنا وعائلاتنا؛ في المدرسة والحيّ والعمل ونكون رجال ونساء سلام!".