ثقافة ومجتمع
20 أيار 2016, 06:40

لدقّة قلب.. أبدية

ميريام الزيناتي
"إن بهرجة الأعراس الشّرقية تصعد بنفوس الفتيان والصّبايا صعود النسر إلى ما وراء الغيوم ثم تهبط بهم هبوط حجر الرحى إلى أعماق أليم، هي مثل آثار الأقدام على رمال الشاطئ لا تلبث أن تمحوها الأمواج"؛ كلمات جبران خليل جبران هذه تصوّر واقعاً أليماً يعيشه شباب اليوم، فمع اهتمام المجتمعات بالمظاهر البالية والتفاصيل المملّة يكاد التحضير "للفرحة" الكبيرة أن يصبح "عبئاً" ثقيلاً يخافه كلّ ثنائيّ، فهل يضيع معنى سرّ الزّواج الحقيقي وسط هذه الضّوضاء؟

 

ما إن يقرّر الثنائي الإرتباط الأبدي، حتى يبدأ السّباق مع الوقت، فيتحوّل فرحهما الى "الحدث المنتظر" الذي سيحاسبهما عليه مجتمع بأسره.

من هنا تبدأ رحلة الثنائي الشّاقة: حجز المطعم الأفخر، إنتقاء الفستان الأروع، والمصوّر الأبرع، ناهيك عن اختيار الورود والزّهور الأجمل لإضافة الرّونق الى المناسبة المنتظرة.

ينشغل الثنائي بهذه التفاصيل التي تصبح شغلهما الشّاغل ومحور أحاديثهما، بحيث ينسى كلّ منهما شخص الآخر ويهتم بالماديّات التي تستحوذ كل الإهتمام؛ في ليلة وضحاها تغزو التفاصيل المادّية على حياتهما كثنائي، فيسرق جمال الزهور وفخامة المطعم الإهتمام من بريق عينيها التي كانت محور اهتمامه، وتصبح نغمات الموسيقى أكثر أهميّة من دقّات قلبه التي كانت تطوق الى سماعها، وبلحظة، يضيع الغزل وتبدأ المشاجرات...  

الماديّات ليست "سارقة" بريق الحبّ الوحيدة، فالتقاليد الأجنبية التي فرضت نفسها في مجتمع شرقيّ يتوق للتحرّر من كبت مزمنّ، تدخل خلسة الى فرحة الزّواج، وبدلاً من أن يتوق كل منهما لليوم الذي سيجمعه بالآخر، يصبح "توديع العذوبية" الهوس الأكبر وكأن الإرتباط بالشّريك عقاب لا بدّ من التحرّر منه قبل الزّفاف.

كثرة الإيحاءات الجنسية في حفلات "توديع العذوبية"، تدفعنا للتساؤل: ألهذه الدّرجة تخشيان الإلتزام بشريك واحد؟ وهل أصبحت العلاقة العاطفية بين الزوجين غير كافية بحيث بات إرضاؤها  يستدعي ممارسة العلاقات قبل ليلة من الزّواج؟ والسّؤال الأهم الذي يطرح نفسه: من  شرّع الخيانة في تلك الليلة "الوداعية"؟

جميل أن يهتمّ كلّ ثنائي بتفاصيل تزيد عرسهما جمالاً ورونقاً، والأجمل أن يتشاركا فرحة التحضير لليوم الذي سيجمعهما الى الأبد، ولكنّ الأهم هو استثمار الوقت لزيادة الحبّ والعشق بينهما، لإشعال بريق العينين وزيادة دقّات القلب؛ ففي نهاية الإحتفال، يغادر الضيوف، وتُطفئ الأضواء، وتذبل الزهور وتسكت الموسيقى.. أما شعلة القلب فهي وحدها الباقية.