لبنان
11 آب 2020, 12:07

لقاء تضامنيّ في مطرانيّة بيروت للرّوم الأرثوذكس ونداء لمعالجة الأسباب الّتي أدّت إلى هذه الكارثة بدون تهاون

تيلي لوميار/ نورسات
عند الحادية عشرة من قبل ظهر اليوم، عُقِد في دار مطرانيّة بيروت، وبين الرّكام والدّمار، لقاءٌ تضامنيّ مع راعي أبرشيّة بيروت للرّوم الأرثوذكس الياس عوده، برئاسة بطريرك أنطاكية وسائر المشرق يوحنّا العاشر، وحضور عوده ومطارنة الطّائفة للتّباحث في الكارثة الّتي حلّت بالعاصمة بيروت وبخاصّة منطقة الأشرفيّة. وقد صدر عن الاجتماع البيان التّالي:

"بدعوة من صاحب الغبطة البطريرك يوحنّا العاشر بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للرّوم الأرثوذكس، وأمام هول ما أصاب أهل العاصمة اللّبنانيّة بيروت، وسكّانها، من مآسٍ كبرى نتيجة الانفجار المروّع الّذي ضرب المدينة، انعقد لقاءٌ تضامنيّ في دار مطرانيّة بيروت ترأسّه غبطة البطريرك يوحنّا العاشر وشارك فيه، إلى جانب سيادة راعي الأبرشيّة المتروبوليت الياس عودة، المطارنة الياس كفوري (صور وصيدا)، سلوان موسي (جبيل والبترون)، باسيليوس منصور (عكّار)، أفرام كرياكوس (طرابلس)، أنطونيوس الصّوريّ (زحلة وبعلبك)، نيفن صيقلي المعتمد البطريركيّ في موسكو والأسقف كوستا كيال رئيس دير مار الياس- شويّا.

أوّلاً: عبّر المجتمعون عن ألمهم وحزنهم الشّديد على الضّحايا الّذين سقطوا نتيجة هذا الانفجار، وأعربوا عن تعاطفهم مع أهلهم وعائلاتهم سائلين الله أن يغمر نفوسهم برحمته وبضياء وجهه، وأن يشدّد المختصّين بهم في مواجهتهم لهذه المحنة الشّديدة ويعزّي قلوبهم ويمدّ فيها فرحه. وأعربوا عن تضامنهم مع أهالي المفقودين، الّذين لم يُعرَف مصيرهم بعد. وناشدوا الدّولة اللّبنانيّة بذل كلّ الجهود اللّازمة للكشف عن مصيرهم بالسّرعة اللّازمة راجين عودتهم إلى كنف عائلاتهم بخيرٍ وغير مصابين بأذى.  

وذكَر المجتمعون آلاف الجرحى برجاء أن يرفع عنهم الله كلّ شدّة وخطر ويمنّ عليهم بقوّة مواجهة الألم والشّفاء العاجل.

ثانيًا: توقّف المجتمعون عند حجم الدّمار الّذي أصاب بيوت المواطنين ومؤسّساتهم وأملاكهم، وما نتج عنه من تشريد مئات الآلاف من منازلهم وضربٍ للأرزاق في أشدّ الأوضاع المعيشيّة صعوبةً. وأمام هذا الواقع الأليم، وبعد أن تداولوا بسبل المساهمة في التّخفيف من هذه الآلام والجروح، وبعد أن ثمّنوا مبادرات الشّباب اللّبنانيّ والهيئات والجمعيّات الكنسيّة والمدنيّة إلى المساهمة، بطريقةٍ أو بأخرى، في مسح هذه الجروح، وضعوا كافّة إمكانات أبرشيّاتهم في خدمة أبرشيّة بيروت وصاحب السّيادة راعي الأبرشيّة، المتروبوليت الياس.

ثالثًا: إطّلع المجتمعون من سيادة راعي الأبرشيّة على ما أصاب مطرانيّة بيروت، وسائر الكنائس والمؤسّسات التّابعة لها من أضرارٍ بالغة ودمار وخصوصًا مستشفى القدّيس جاورجيوس الجامعيّ الّذي أصابه دمار شامل تسبّب في توقّفه عن عمله الإنسانيّ والتّعليميّ للمرّة الأولى منذ إنشائه قبل ما يقارب القرن ونصف القرن. والأكثر إيلامًا أنّه فَـقَـدَ أربع ممرّضات من طاقمه وعددًاً من المرضى وذويهم. وشكروا الله على سلامة راعي الأبرشيّة وسائر الرّعاة والعاملين في هذه المؤسّسات. وإذ عبّروا، أيضًا، عن الألم الشّديد لما سقط فيها من ضحايا، أبدوا تضامنهم مع سيادته في كلّ ما يخدم تعزية القلوب وإعادة المباني والمؤسّسات التّابعة للمطرانيّة، وفي كلّ المدينة، إلى سابق عهدها وخدمتها.

رابعًا: أعلمَ غبطة البطريرك يوحنّا العاشر المجتمعين بما تلقّاه من اتّصالات تضامن مع ما أصاب بيروت وأهلها ومطرانيّتها ومؤسّساتها، وخصوصًا من قبل قداسة البطريرك المسكونيّ وكافّة الأخوة البطاركة ورؤساء الأساقفة رؤساء الكنائس الأرثوذكسيّة ومن قبل قيادات ورؤساء دول.

وأمام هذا القدر من التّضامن وما أبداه المتّصلون من استعداد لتقديم ما أمكن من دعمٍ للكنيسة في عملها الإغاثيّ وما تراه من حاجات، عبّر المجتمعون عن شكرهم للرّبّ على وجوه المحبّة والغيرة الأخويّة والوحدة الّتي تجلت عبر هذه الاتّصالات متوجّهين بشكرهم العميق إلى جميع المتّصلين.

خامسًا: رغم تشبّثهم الّذي لا يهتزّ بالرّجاء بالرّبّ، وثقتهم بقدرة اللّبنانيّين عمومًا، وبيروت وأهلها خصوصًا، على نفض تداعيات هذه الكارثة والنّهوض مجدّدًا إلى الدّور المرتكز إلى إرث هذه المدينة الإنسانيّ والحضاريّ، ورغم يقينهم بأنَّ هذا الألم الّذي أُضيف إلى آلام اللّبنانيّين الكثيرة، سيكون حافزًا قياميًّا جديدًا لهم، توقّف المجتمعون عند الأسباب المعلنة للنّكبة والّتي قد تتساوى مع فظاعة نتائجها المهولة، وشدّدوا على القيام بما تستدعيه معالجة الأسباب الّتي أدّت إلى هذه الكارثة المأساويّة من مساءلة ومحاسبة، دون تهاون أو مراوغة واستنسابيّة تجنّبًا لتكرارها بشكلٍ أو بآخر. وهذا ما يتطلّب كشف المسؤولين عنها بالسّرعة المطلوبة ومقاضاتهم بجدّية أمانةً للرّبّ وصونًا للعدالة وتشبّثًا بالبقيّة الباقية من ثقة اللّبنانيّين بدولتهم ومستقبل أبنائهم. ورأى المجتمعون أنّها مناسبة لتذكير جميع القادة والمسؤولين اللّبنانيّين بما سبق لغبطة البطريرك يوحنّا العاشر وسيادة راعي أبرشيّة بيروت وسائر السّادة المطارنة، أن دعوا إليه من ضرورة تلبية مطالب الشّعب اللّبنانيّ في حقّه بعيش كريم وفي غد أفضل وفي حفظ حقوقه المنهوبة وسعيه لتحرير دولته من مكامن الاهتراء والفساد فيها.

إنّ المجتمعين إذ يُعلنون تضامنهم مع كلّ المُصابين والمتألّمين، يؤكّدون أنّ الكنيسة معنيّةٌ بأن يحلّ في لبنان ما يحفظ فيه الحقّ والعدل ويقود إلى تشبّث الشّباب اللّبنانيّ ببلده ويشدّدون على ضرورة تعاضد الكلّ في مسح جراح المواطنين ويرفعون الدّعاء الدّائم، بشفاعة شفيع المدينة القدّيس جاورجيوس، لأجل كلّ شهيد وجريح ومفقود ومتضرّر، ولأجل أن يكون لبنان وشعبه في طريق الخلاص."