أوروبا
08 آب 2023, 05:55

لماذا صلّى البابا فرنسيس بصمت في فاطيما؟

تيلي لوميار/ نورسات
أسئلة عديدة أجاب عليها البابا فرنسيس في طريق العودة من لشبونة، خلال المؤتمر الصّحفيّ الّذي عقده- كما العادة- على متن الطّائرة الّتي تقلّه إلى روما، فكان توقّف عند عدد من المواضيع من بينها رغبته بالصّلاة بصمت في مزار فاطيما، وخطاباته العفويّة إلى الشّبيبة، ودوافع زيارته المرتقبة إلى مرسيليا، وغيرها من القضايا.

وفي تفاصيل المؤتمر، وبحسب "فاتيكان نيوز"، كان الحوار التّالي:

"ماتيو بروني

مساء الخير يا صاحب القداسة، إنّنا نعود أكثر نضارة وفرحًا من الأيّام العالميّة للشّبيبة، والّتي تمكّنّا خلالها من التّطرّق إلى تساؤلات الشّبّان وتطلّعاتهم حيال الكنيسة والإيمان والعالم أيضًا. وتمكّنّا من الاستماع إلى أجوبتك، من خلال كلماتك وحضورك. ثمّة أسئلة يودّ أن يطرحها الصّحفيّون، لكن قبل ذلك، أردتَ أن تقول شيئًا ما.

 

البابا

مساء الخير، وشكرًا جزيلا على هذه الخبرة، واليوم هناك عيد ميلاد (بروني: عيد ميلاد ريتا كروز). كلّ سنة وأنتِ طيّبة! سيأتي قالب الحلوى!

 

أورا ماريا فيستاس ميغيل  -  RÁDIO RENASCENÇA

صاحب القداسة، قبل كلّ شيء شكرًا على زيارتك للبرتغال. فالكلّ يعتبرها إنجازًا، والجميع مسرورون. شكرًا على حضورك. لقد التقيتُ بمسؤول كبير في الشّرطة قال إنّه لم يرَ قط حشدًا كهذا، مطيعًا ومسالمًا. كان جميلاً جدًّا. سؤالي يتعلّق بفاطيما. نعلم أنّك ذهبتَ إلى هناك وصلّيت بصمت داخل الكابلة الصّغيرة. لكن كان هناك انتظار كبير، في المكان حيث طلبت العذراء الصّلاة من أجل نهاية الحرب (ونحن نشهد اليوم حربًا وللأسف)، كي يجدّد البابا هذا النّداء، ويصلّي علنًا على نيّة السّلام. أعين العالم كلّه كانت موجّهة نحوك صباح أمس في فاطيما. لماذا لم تفعل ذلك؟

 

البابا

لقد صلّيت، صلّيتُ. صلّيت للعذراء، وصلّيت من أجل السّلام. لم أشاء التّرويج لذلك. لكنّي صلّيت. وعلينا أن نكرّر دومًا هذه الصّلاة على نيّة السّلام. فقد طلبَتْ هي ذلك خلال الحرب العالميّة الأولى. وهذا ما طلبتُه هذه المرّة من العذراء. وصلّيتُ. لم أشأ التّرويج لذلك.

 

جواو فرنسيسكو غونسالفيس غوميس  -  OBSERVADOR

في شباط فبراير من هذا العام نُشر تقرير بشأن واقع التّعدّيات في البرتغال، حوالي خمسة آلاف طفل وقعوا ضحيّة هذه التّعدّيات خلال العقود الماضية. أسألك: أأنت مطّلع على هذا التّقرير الّذي سُلّم إلى الأساقفة؟ ماذا تعتقد أنّه ينبغي أن يحصل مع الأساقفة الّذين كانوا مطّلعين على حالات التّعدّيات ولم يبلغوا السّلطات؟

 

البابا

كما تعلمون جميعًا لقد استقبلت، وبطريقة متكتّمة جدًّا، مجموعة من الأشخاص الّذين تعرّضوا للتّعدّيات. وكما أفعل دائمًا في هذه الحالات، لقد تحدّثنا عن هذا الطّاعون، إنّه طاعون رهيب! في الكنيسة يتمّ اتّباع السّلوك نفسه الّذي يُتبع حاليًّا وسط العائلات وفي الأحياء: إذ تتمّ التّغطية (على التّعدّيات). لنفكّر بأنّ ٤٢ ٪ من التّعدّيات تحصل ضمن العائلات والأحياء. علينا أن ننضج وأن نساعد على الكشف عن هذه الأمور. منذ فضيحة بوسطن، أدركت الكنيسة أنّه لا يمكنها أن تعمل بطريقة مبهمة، بل عليها أن تُمسك بزمام الأمور. منذ سنتين ونصف عُقد اجتماع لرؤساء المجالس الأسقفيّة، قُدّمت خلاله أيضًا إحصاءات رسميّة بشأن التّعدّيات. الوضع خطير، خطير جدًّا. فثمّة عبارة في الكنيسة نستخدمها باستمرار: صفر تسامح! صفر تسامح! أمّا الرّعاة الّذين، بطريقة ما، لم يتحمّلوا مسؤوليّاتهم عليهم أن يُحاسبوا على عدم المسؤوليّة. فعالم التّعدّيات قاس جدًّا، ولذا أحثّ على الانفتاح كثيرًا على هذا الأمر. بالنّسبة للسّؤال المتعلّق بسير التّدابير القضائيّة داخل الكنيسة البرتغاليّة: إنّها تسير بشكل جيّد. إنّها تسير بشكل جيّد وبرزانة، لا بدّ من البحث عن الرّزانة في حالات التّعدّيات. فأحيانًا تتمّ المبالغة في الأرقام، وذلك يحصل، بعض الشّيء، بدافع التّعليقات الّتي نحبّ أن نقوم بها. الحقيقة أنّ العمليّة تسير بشكل جيّد، وهذا يمنحني شيئًا من الطّمأنينة.

أودّ التّطرّق إلى مسألة، وأودّ منكم أنتم كصحفيّين أن تتعاونوا معي في ذلك. ألديكم هاتف اليوم؟ هاتف؟ من خلال أيّ من هذه الهواتف، بشكل مدفوع وبواسطة كلمة مرور، يمكن الدّخول إلى (عالم) التّعدّيات الجنسيّة على القاصرين. هذا ما يدخل إلى بيوتنا. والتّعدّيات الجنسيّة على القاصرين تُنقل مباشرة على الهواء. أين يتمّ التّصوير؟ من المسؤولون؟ هذا هو طاعون من أخطر الأنواع، وأردتُ أن أسلّط الضّوء عليه، لأنّه أحيانًا لا نُدرك مدى خطورته. عندما يُستخدم طفل ليصبح عرضًا لهذا التّعدّي، فهذا يجذب الانتباه. التّعدّي هو بمثابة "افتراس" الضّحيّة، أليس كذلك؟ أو أسوأ من ذلك، عندما تُجرح الضّحيّة وتُترك حيّة. التّحدّث إلى أشخاص تعرّضوا للتّعدّيات هو اختبار مؤلم جدًّا، لكنّه مفيد بالنّسبة لي، ليس لأنّي أحبّ الإصغاء، بل لأنّه يساعدني على أخذ هذه المأساة على عاتقي. ردًّا على سؤالك أكرّر ما قلته: التّدابير القضائيّة تسير بشكل جيّد، وإنّي مطّلع على مجرياتها. إنّ الأنباء قد ضخّمت الواقع ربّما، لكن الأمور تسير على ما يرام. وهنا أقول لكم: حاولوا أن تساعدوا بطريقة ما، ساعدوا كي تُحلّ كلّ أنواع التّعدّيات: التّعدّيات الجنسيّة وغيرها. فثمّة أنواع أخرى من الانتهاكات الّتي تصرخ نحو السّماء: انتهاكات عمالة القاصرين، عندما يُجبر الأطفال على العمل، والانتهاكات الّتي تتعرّض لها النّساء، أليس كذلك؟ في يومنا هذا يتمّ إخضاع الفتيات لعمليّات جراحيّة: يُبتر بظرهنّ، وهذا ما يحصل اليوم، ويتمّ بواسطة شفرة، وينتهي الأمر. إنّه ضرب من القساوة. وهناك أيضًا الانتهاكات في العمل، في إطار الانتهاكات الجنسيّة، وهي مسألة خطيرة. هناك ثقافة الانتهاكات الّتي يتعيّن على البشريّة أن تعيد النّظر فيها وترتدّ.

 

جان ماري غينوا  – Le Figaro

أيّها الأب الأقدس، كيف حالك؟ صحّتك؟ ومسيرة تعافيك؟ لم تقرأ خمسة من خطاباتك، أو قرأت أجزاء صغيرة منها. وهذا لا سابق له في زياراتك. لماذا؟ هل عانيت من مشاكل في العينين؟ هل شعرت بالتّعب؟ أكانت النّصوص طويلة جدًّا؟ كيف تشعر؟ واسمح لي أن أطرح سؤالاً صغيرًا بشأن فرنسا. ستأتي إلى مرسيليا، لكنّك لم تزر فرنسا قطّ. والنّاس لا يفهمون السّبب. أذلك لأنّها بلد صغير أو لديك مشكلة مع فرنسا؟

 

البابا

صحّتي بخير. لقد أزالوا لي الخيوط الجراحيّة، وأعيش حياة طبيعيّة، إنّي أضع زنّارًا، عليّ أن ألبسه لشهرين أو ثلاثة تفاديًا للاندحاق، حتّى تصير العضلات أكثر صلابة وقوّة. بالنّسبة للنّظر، ففي تلك الرّعيّة اختصرتُ الخطاب لأنّه كان هناك نور أمامي، ولم أستطع القراءة، كان النّور في وجهي ولهذا السّبب اختصرت. بعض الأشخاص، بواسطة ماتيو (بروني)، سألوا لماذا اختصرتُ العظات الّتي هي بحوزتكم. عندما أتكلّم أريد أن أكون في غاية الوضوح، والأمر لا يتعلّق بالعظات الرّسميّة. عندما أتكلّم أبحث دائمًا عن التّواصل. ورأيتم أنّه حتّى في العظات الرّسميّة، أمرّر فكاهة أو ضحكة، وذلك من أجل التّواصل. مع الشّبّان، تضمّنت الخطابات الطّويلة جوهر الرّسالة، وأنا عملتُ على التّواصل وفقًا لشعوري في تلك اللّحظة. رأيتم أنّي طرحتُ بعض الأسئلة، وجاءت الأصداء لتدلّ على التّوجّه، ما إذا كان ذلك خطأً أم لا. الشّبّان ليس لديهم وقت طويل للتّركيز. إذا قلتَ كلمة واضحة، تتضمّن فكرة، وصورة ومشاعر، يمكنهم أن يتابعوك لثماني دقائق! وهنا أقول بين قوسين إنّه في "فرح الإنجيل"، وهو أوّل إرشاد رسوليّ أصدرته، كتبت فصلاً طويلاً عن العظة. هناك خادم رعيّة (في إشارة إلى الكاهن بينيتو جورجيتا، خادم رعيّة تيرمولي) يعلم أنّ العظات هي أحيانًا ضرب من التّعذيب، ضرب من التّعذيب عندما يطول الكلام. وفي إحدى القرى، لا أعرف ما إذا كانت في تيرمولي، يخرج الرّجال (من الكنيسة) ليدخّنوا السّجائر ثمّ يعودون إليها. على الكنيسة أن تغيّر هذا النّمط من العظات. لا بدّ أن تكون العظة: قصيرة، واضحة، تتضمّن رسالة واضحة ومُحبّة. لذا أنا أتصرّف بهذا الشّكل مع الشّبّان وأتركهم يتكلّمون. وقد اختصرتُ الكلام لأنّ ما أريده هو إيصال الفكرة إلى الشّبّان.  

وننتقل إلى فرنسا. لقد ذهبت إلى ستراسبورغ، وسأذهب إلى مرسيليا، لكن ليس إلى فرنسا. هناك مشكلة تقلقني وهي مشكلة البحر الأبيض المتوسّط. لهذا السّبب أنا ذاهب إلى فرنسا. إنَّ استغلال المهاجرين هو جريمة. ليس هنا في أوروبا، لأنّ الأمور تسير، ونحن مثقّفون، لكن في معسكرات الاعتقال في شمال أفريقيا... أوصيكم بقراءة كتاب. إنّه كتيّب صغير، كتبه مهاجر قضى، على ما أعتقد، ثلاث سنوات لكي يأتي من غينيا إلى إسبانيا لأنّه تمّ أسره وتعذيبه واستعباده. إنَّ وجود المهاجرين في معسكرات الاعتقال تلك في شمال أفريقيا هو أمر فظيع. في هذه اللّحظة- الأسبوع الماضي- كانت جمعيّة  "Saving Humans"تقوم بعمل لإنقاذ المهاجرين الّذين كانوا في الصّحراء بين تونس وليبيا، لأنّهم ترُكوهم هناك ليموتوا. يسمّى هذا الكتاب "Hermanito" - وباللّغة الإيطاليّة يحمل العنوان الفرعيّ "Fratellino" - ولكن يمكن قراءته في غضون ساعتين، ويستحقّ العناء. إقرؤوه وسترون مأساة المهاجرين قبل الانطلاق. سيعقد أساقفة البحر الأبيض المتوسّط هذا اللّقاء، حتّى مع بعض السّياسيّين، للتّفكير بجدّيّة حول مأساة المهاجرين. البحر الأبيض المتوسّط هو مقبرة، لكنّه ليس المقبرة الأكبر، المقبرة الأكبر هي شمال أفريقيا. إنّه أمر فظيع، اقرؤوه. أنا ذاهب إلى مرسيليا من أجل هذا. في الأسبوع الماضي، أخبرني الرّئيس ماكرون أنّه يعتزم القدوم إلى مرسيليا وسأكون هناك لمدّة يوم ونصف: أصل بعد الظّهر وفي اليوم التّالي سيكون اليوم كاملاً.

 

ماتيو بروني

هل لديك مشكلة مع فرنسا ... (يكرّر السؤال)

 

البابا

لا، هذا هو النّهج المتّبع. أنا أزور الدّول الأوروبيّة الصّغيرة. أمّا الدّول الكبرى، إسبانيا، فرنسا، إنجلترا، سأتركها لوقت لاحق، في النّهاية. لكن كخيار بدأت مع ألبانيا وبعدها البلدان الصّغيرة. ليس هناك أيّة مشكلة. في فرنسا، زرتُ مدينتين، ستراسبورغ ومرسيليا.

 

أنيتا هيرشبيك  – KNA

أيّها الأب الأقدس لقد قلت لنا في لشبونة إنّ في الكنيسة مكان "للجميع، للجميع، للجميع". الكنيسة مفتوحة للجميع، ولكن في الوقت عينه لا يتمتّع الجميع بنفس الحقوق والفرص، بمعنى أنّ النّساء، على سبيل المثال، والمثليّين لا يمكنهم أن ينالوا جميع الأسرار المقدّسة. أيّها الأب الأقدس، كيف تفسّر هذا التّناقض بين "الكنيسة المفتوحة" و"الكنيسة الّتي ليست عينها للجميع"؟ شكرًا.

 

البابا

أنتِ تسألينني سؤالاً من وجهَتي نظر مختلفتين. من ثمّ هناك تشريع ينظم الحياة داخل الكنيسة. ومن هو في الدّاخل يتبع التّشريع. ما تقولينه هو تبسيط: "لا يمكنهم المشاركة في الأسرار". هذا لا يعني أنّ الكنيسة مغلقة. كلّ شخص يلتقي بالله على طريقته داخل الكنيسة، والكنيسة هي أمّ وتوجّه كلّ فرد في طريقه. لهذا السّبب لا أحبّ أن أقول: الجميع يأتون، ولكن أنت وذلك الآخر... الجميع، كلّ واحد في الصّلاة، في الحوار الدّاخليّ، في الحوار الرّعويّ، يبحث عن الطّريقة لكي يمضي قدمًا. ولهذا فالسّؤال: ولماذا المثليّون لا؟ الجميع! والرّبّ واضح: المرضى، الأصحّاء، المسنّون والشّباب، القبيحون والجميلون، الصّالحون والأشرار! هناك نظرة لا تفهم هذا الاندماج للكنيسة كأمّ وتعتبرها نوعًا من "شركة" يجب عليك لكي تدخل فيها أن تفعل كذا وكذا وأن تفعل ذلك بهذه وليس بطريقة أخرى... أمّا خدمة الكنيسة فهي شيء آخر. [إنّها] الطّريقة لحملِ القطيع على المضيِّ قدمًا، وأحد الأشياء المهمّة في الخدمة هو الصّبر: مرافقة الأشخاص خطوة بعد خطوة في طريقهم إلى النّضوج. كلّ واحد منّا قد عاش هذه الخبرة: أنّ الكنيسة الأمّ قد رافقتنا وترافقتنا في مسيرة نضوجنا. أنا لا أحبّ الاختزال، هذا ليس أمرًا كنسيًّا، بل غنّوصيًّا. إنّها مثل بدعة الغنوصيّة الّتي هي عصريّة بعض الشّيء اليوم. غنوصيّة معيّنة تختزل الواقع الكنسيّ إلى أفكار وهذا الأمر لا يساعد. الكنيسة هي أمّ، وهي تستقبل الجميع، وكلّ فرد يشقّ طريقه داخل الكنيسة بدون دعايات، وهذا أمر مهمّ جدًّا. شكرًا لك على شجاعتك لطرح هذا السّؤال. شكرًا.

 

ماتيو بروني

هل يرغب الأب الأقدس في أن يشاركنا فكرة حول اليوم العالميّ للشّباب

 

البابا

أريد أن أقول شيئًا حول كيف عشتُ اليوم العالميّ للشّباب. إنّه اليوم العالميّ الرّابع للشّباب لي. الأوّل كان في ريو دي جانيرو الّذي كان فخمًا، على الطّراز البرازيليّ، وجميل! والثّاني في كراكوفيا والثّالث في باناما وهذا هو الرّابع. هذا هو الأكثر عددًا من حيث المشاركة. إنَّ البيانات واضحة وحقيقيّة وتقول إنّهم كانوا أكثر من مليون. لا بل في عشيّة الصّلاة ليل أمس، قيل إنّه كان هناك مليون وأربعمائة أو مليون وستمائة ألف شخص. هذه بيانات حكوميّة. إنّ العدد هائل. وقد تمَّ التّحضير لهذا اليوم بشكل جيّد، من بين الأيّام العالميّة الّتي شاركت فيها، هذا هو الأفضل من حيث التّحضير. والشّباب هم مفاجأة، الشّباب هم شباب... يحبّون المزح، وهكذا هي الحياة، ولكنّهم يحاولون أن ينظروا إلى الأمام وهم المستقبل. الافتراض هو مرافقتهم، ولكن المشكلة هي معرفة كيفيّة مرافقتهم وألّا ينفصلوا عن الجذور. هذا هو سبب إصراري على الحوار بين المسنّين والشّباب، بين الأجداد والأحفاد، وهذا الحوار مهمّ جدًّا وهو أهمّ من الحوار بين الوالدين والأبناء. مع الأجداد، لأنّ هناك توجد الجذور. ومن ثمّ الشّباب هم متديّنون، ويبحثون عن إيمان غير معادي وغير مصطنع وغير قانونيّ، لقاء مع يسوع المسيح. وهذا ليس بالأمر السّهل. يقولون "لكن الشّباب لا يعيشون الحياة دائمًا وفقًا للأخلاق ...". من منّا لم يرتكب خطأ أخلاقيًّا في حياته؟ جميعنا قد أخطأنا! ضدّ الوصايا أو ضدَّ شخص ما، لكلّ منّا سقطاته في حياته. هكذا هي الحياة. لكن الرّبّ ينتظرنا على الدّوام لأنّه أب ورحيم، والرّحمة تذهب أبعد من كلّ شيء. بالنّسبة لي، كان اليوم العالميّ للشّباب جميلًا جدًّا، قبل ركوب الطّائرة كنت مع المتطوّعين الّذين بلغ عددهم ٢٥ ألف شخص! لقد [كانت] خبرة روحيّة، إلتزام جميل حقًّا. هذا ما أردت أن أقوله عن اليوم العالميّ للشّباب.

 

جاستين ماكليلَّن  – CNS

بالحديث عن اليوم العالميّ للشّباب، سمعنا في الأيّام الأخيرة بعض الشّهادات لشباب كافحوا من أجل الصّحّة العقليّة ضدّ الاكتئاب. هل سبق لك أن كافحتَ من أجل هذا؟ وإذا قرّر شخص ما الانتحار، فماذا ستقول لعائلة هذا الشّخص والّتي، بسبب التّعليم الكاثوليكيّ حول الانتحار، تتألّم لأنّها تعتقد أنّه ذهب إلى الجحيم؟

 

البابا

إنتحار الشّباب هو مسألة رئيسيّة اليوم، والأرقام كبيرة. إنَّ وسائل الإعلام لا تقول ذلك في كثير من الأحيان لأنّ هذه الأخبار لا تقال على وسائل الإعلام. لقد كنت في حوار مع الشّباب- لا في سياق سرّ الاعتراف، لا-، واستغلّيت المناسبة لكي أتحاور معهم. وقال لي أحد الشّباب: "هل يمكنني أن أسألك سؤالاً؟ ما رأيك في الانتحار؟". لم يكن يتحدّث لغتنا، لكنّني فهمت جيّدًا وبدأنا نتحدّث عن الانتحار. وفي النّهاية قال لي: "شكرًا، لأنّني في العام الماضي كنت مُتردّدًا بشأن الانتحار". يعاني الكثير من الشّباب من القلق والاكتئاب ولكن ليس من النّاحية النّفسيّة فقط. ومن ثمّ في بعض البلدان الّتي تتطلّب الكثير في الجامعة، لا ينجح الشّباب في الحصول على درجة علميّة أو العثور على وظيفة، فينتحرون لأنّهم يشعرون بالعار الشّديد. أنا لا أقول إنّها مشكلة يوميّة ولكنّها مشكلة. مشكلة آنيّة. إنّه شيء يحدث.

 

ماتيو بروني

شكرًا يا صاحب القداسة على إجاباتك

 

البابا

شكرًا لكم على عملكم ولا تنسوا (كتاب)  "Hermanito"، كتاب المهاجر. شكرًا."