بيئة
10 تشرين الثاني 2021, 07:15

مؤتمر الأطراف 26 يسلّط الضوء على العبء الكبير الذي تشكّله أزمة تغير المناخ على النساء

الأمم المتّحدة
صعدت النساء إلى مسرح الحدث العالمي في غلاسكو يوم الثلاثاء، لإظهار أن تغير المناخ ليس محايدًا من الناحية الجنسانية، وأن العمل المناخي يحتاج إلى جهودهن.

فالاستثمار في النساء والفتيات يحدث آثارًا مضاعفة محسوسة في مجتمعات بأكملها، والمعرفة التي يمتلكنها مطلوبة الآن أكثر من أي وقت مضى، خاصة وأن تحليلًا جديدًا قد كشف أن إعلانات قادة العالم في مؤتمر الأطراف 26 لن تحول دون ارتفاع كارثي في درجة حرارة كوكبنا.

بعد "المشي" لمسافة 8000 ميل عبر أوروبا، وصلت "أمل الصغيرة"، وهي دمية عملاقة تجسد فتاة سورية لاجئة صغيرة، إلى غلاسكو بالتزامن مع "يوم المرأة" في مؤتمر الأطراف 26.

فاجأ العمل الفني الذي يبلغ ارتفاعه 3.5 متر الحاضرين في الجلسة العامة، يوم الثلاثاء، عندما صعد السلم وانضم إلى الناشطة المناخية بريانا فروين من ساموا حيث تعانقا وتبادلا الهدايا.

أهدتها بريانا زهرة تمثل الأمل والنور، وفي المقابل أعطتها أمل كيسا من البذور. وقالت السيدة فروين خلال مخاطبتها الجلسة العامة:

"لقد انطلق كلانا هنا في رحلة، من مكانين مختلفين للغاية، لكننا مرتبطتان بحقيقة أننا نعيش في عالم محطم قام، بشكل منهجي، بتهميش النساء والفتيات. لا سيما النساء والفتيات من المجتمعات الضعيفة".  

ذكّرت الناشطة الشابة المشاركين بأن وطأة حالة الطوارئ المناخية، التي تضخم عدم المساواة القائمة، غالبًا ما تؤثر بصورة أكبر على النساء.

"جلبت أمل البذور لإلهامنا، فالبذور تمثل الأمل. الشيء الجميل في البذور هو أنه عليك أن تتحلى بما يكفي من نكران الذات لتكون راضيًا عن حقيقة أنك قد لا تجني الثمار ولا ترى الزهور ولكنك تشعر أن الأمر يستحق ذلك لأنك تعلم أن أطفالك سيجنون هذه الثمار ويستمتعون بجمال الزهور".

وأضافت أن البذور تمثّل استعارة للقرارات التي يتم اتخاذها في مؤتمر الأطراف 26 بالنسبة لمستقبل كوكبنا. وسلّطت السيدة فروين الضوء على ضرورة سقي البذور وتقليمها ورعايتها لتؤتي ثمارها، ودعت المندوبين إلى مواصلة العمل بعد انتهاء المؤتمر:

"سأزرع هذه البذور عندما يكون وزراؤنا جاهزين، لكنني آمل في أن تكونوا قادرين على زرعها خلال المفاوضات وداخل غرف النقاش، وعندما نغادر مؤتمر الأطراف ستعتنون بها حتى تنمو لتصبح عالمًا جميلًا تستحقه فتيات مثل أمل، وتستحق جميع الفتيات أن تعيش فيه بأمان".

 

العلاقة بين مساواة المرأة وأزمة المناخ

ألوك شارما، رئيس مؤتمر الأطراف 26، قدّم مداخلة قصيرة في حضور أمل وفروين: "اليوم هو اليوم المعني بالمنظور الجنساني لأن النوع الجنساني والمناخ متداخلان بشكل عميق. يؤثر تغير المناخ، بشكل غير متناسب، على النساء والفتيات". وحث على تمكين المرأة ودعمها.

أمل الصغيرة والفتيات السوريات اللاتي تمثّلهن ليسن وحدهن في معاناتهن: حيث إن النساء والفتيات يمثّلن 80 في المائة من النازحين بسبب الكوارث والتغيرات المناخية في جميع أنحاء العالم.

منذ آلاف السنين، ظلّت النساء على علاقة خاصة مع الطبيعة. إنهن يساهمن، بشكل كبير، في الرفاه والتنمية المستدامة لمجتمعاتهن، فضلًا عن الحفاظ على النظم البيئية للكوكب والتنوع البيولوجي والموارد الطبيعية.

عادة ما تكون النساء في البلدان النامية أول من يستجيب لإدارة رأس المال البيئي المحيط بهن. فمن جلب المياه وجمع الحطب، للطهي والتنظيف، واستخدام الأرض للماشية، والبحث عن الطعام في الأنهار والشعاب المرجانية، تستخدم النساء في جميع أنحاء الكوكب الموارد الطبيعية والنظم البيئية ويتفاعلن معها، بصورة يومية.  

وفقًا لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي ووكالات أممية أخرى، فإن النساء هن أيضا أول من يشعرن بآثار تغير المناخ عندما يتعين عليهن السفر لمسافات طويلة في سبيل العثور على ما يحتاجن إليه لإطعام أسرهن.

وعلى الرغم من أن التدهور البيئي له عواقب وخيمة على جميع البشر، إلا أنه يؤثر بشكل خاص على أضعف قطاعات المجتمع، ولا سيما النساء، حيث تكون صحتهن أكثر هشاشة أثناء الحمل والأمومة.

ومع ذلك، فإن الاعتراف بما تساهم به المرأة أو يمكن أن تسهم به في بقاء الكوكب وفي التنمية يظل محدودًا. يستمر عدم المساواة بين الجنسين والاستبعاد الاجتماعي في زيادة الآثار السلبية للإدارة البيئية غير المستدامة والمدمرة على النساء والفتيات.

غالبًا ما تؤدي الأعراف الاجتماعية والثقافية التمييزية المستمرة- مثل عدم المساواة في الحصول على الأراضي والمياه والموارد الأخرى، فضلًا عن عدم مشاركتها في القرارات المتعلّقة بتخطيط وإدارة الطبيعة- إلى الجهل بالمساهمات الهائلة التي يمكن أن تقدمها.

 

إنها مسألة "عدالة"

مخاطبة الحضور في مؤتمر الأطراف 26، قالت نانسي بيلوسي، رئيسة مجلس النواب الأمريكي في الجلسة العامة:

"إن معالجة المناخ سريع التغير هي مسألة تتعلّق بالعدالة والمساواة مع الفئات الأكثر ضعفًا والأكثر تضررًا بما في ذلك مجتمعات السكان الأصليين. ستكون البلدان الأقل نموًا والنساء محط تركيزنا اليوم وكل يوم".

وأشارت السيدة بيلوسي إلى أنها أحضرت أكبر وفد من الكونغرس الأمريكي إلى مؤتمر الأطراف، وأعلنت أنه بحلول نهاية العام، خطّط الكونغرس لتمرير تشريع يهدف لمضاعفة التمويل الدولي للمناخ.  

ودعت إلى البناء بشكل أفضل باستصحاب النساء"، مشيرة إلى عضوات وفدها، وكانت إحداهن النائبة البرلمانية ألكسندرا أوكاسيو كورتيز، المعروفة بكونها أصغر امرأة تخدم في الكونغرس الأمريكي ولأنها ظلت تتحدث بصوت عال وفاعل بشأن العمل والتشريعات المناخية.

وقالت لأخبار الأمم المتحدة: "القيادة التي أوصلتنا إلى هنا لن تكون هي القيادة نفسها التي تخرجنا"، مشيرة إلى سبب أهمية مشاركة النساء في مكافحة المناخ.

 

من غيانا إلى القطب الشمالي، يؤثر تغير المناخ على المرأة

تعرف إيماكولاتا كاسيميرو، وهي ناشطة من السكان الأصليين من أمة وابيتشان في غيانا، تأثير قضية تغير المناخ أفضل من أي شخص آخر، ولهذا السبب تعمل على تمكين النساء داخل مجتمعها. وقالت خلال مقابلة مع أخبار الأمم المتحدة:

"نعقد دورات تدريبية لأننا نرغب في رؤية المزيد من النساء في مواقع القيادة. على مستوى المجتمع في معظم الأوقات، يوجد رجال فقط. إنه نظام أبوي وهذا شيء يجب القضاء عليه. يمكننا أن نقود بصورة أفضل من الرجال، نحن نقود أسرنا، ونربي الأطفال. إن النساء هن سبب وجود البشرية بأكملها".

وسلطت السيدة كاسيميرو الضوء أيضا على أن نساء الشعوب الأصلية، بوصفهن ناقلات للمعارف التقليدية للأجيال الجديدة، لهن دور بالغ الأهمية في مكافحة تغير المناخ.

تؤثر الأزمة بالفعل على مجتمعها الأصلي، الذي فقد هذا العام عدة هكتارات من محاصيل الكسافا، الذي يمثل مصدر دخل رئيسي له، بسبب هطول الأمطار الغزيرة وغير المتوقعة. كما أدى الوضع إلى انعدام الأمن الغذائي.

"الشمس باتت أكثر سخونة من ذي قبل، ولا يعرف شعبنا كيف يتكيف حقا مع المناخ لأنه عندما يفترض أن يكون هناك مطر، يكون هناك شمس. وعندما يفترض أن تكون هناك شمس تكون هناك أمطار. إن نظام الزراعة برمته يتعطل بسبب تغير المناخ وليس لدينا أي شيء آخر نعتمد عليه".

على الجانب الآخر من العالم، يتأثر شعب ’سامي‘ بأزمة المناخ بشكل مباشر. شعب سامي هو من السكان الأصليين الناطقين باللغة الفينو-أوغرية والذين يسكنون منطقة سابمي، والتي تشمل اليوم الأجزاء الشمالية الكبيرة من النرويج والسويد وفنلندا.

من جناح السكان الأصليين في مؤتمر الأطراف 26، قالت الناشطة الشابة ماجا كريستين جاما:  

"تغير المناخ في القطب الشمالي يحدث بسرعة كبيرة. الطقس متغير وغير مستقر للغاية، فشتاؤنا غير مستقر، والجليد لا يتجمد عندما يفترض أن يتجمد. كل معارفنا التقليدية حول كيفية إدارة المناظر الطبيعية تتغير أيضا".

وقد وجهت صديقتها، إيل رافدنا ناكاكاجارفي بعض الكلمات لقادة العالم الذين حضروا المؤتمر:

"استمعوا إلينا؛ لا تقولوا فقط إنكم ستستمعون إلينا. لا تقدموا وعودا فارغة لأننا من نشعر بتغير المناخ في أجسادنا، ولدينا معرفة بالأراضي والمياه في مناطقنا ويمكننا التوصل إلى حلول. نحن نستحق أن تصغوا إلينا".

 

العلم يخبرنا بأننا لا نفعل ما يكفي

اليوم هو أيضًا "يوم العلم" في مؤتمر الأطراف، وقد قدم برنامج الأمم المتحدة للبيئة تقرير فجوة الانبعاثات الأخير مع الأخذ في الاعتبار أحدث التعهدات التي تم التعهد بها منذ بداية المؤتمر.

وقالت إنغر أندرسن، المديرة التنفيذية لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة إننا "لا نقوم بما يكفي، لسنا في المكان الذي نحتاج أن نكون فيه، وعلينا أن نتقدم بمزيد من العمل والإلحاح والمزيد من الطموح ... هناك أيضا فجوة في القيادة نحتاج إلى رؤية هذه الفجوة تضيق نهاية المؤتمر".  

وفي ظل المساهمات الوطنية المحددة والتعهدات الحالية، كشف التقرير أن العالم في طريقه لخفض حوالي 7.8 في المائة من انبعاثات الدفيئة السنوية في عام 2030، وهي فجوة كبيرة من نسبة الـ 55 في المائة اللازمة للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري إلى 1.5 درجة.

ووصفت إنغر أندرسن ما تم التوصل إليه من تعهدات في هذه المرحلة بأنها ضئيلة جدا جدا، مشيرة إلى أنه بما في ذلك المساهمات المحددة وطنيا المحدثة والتعهدات، فإن العالم فقط سيخفض 8 في المائة من الانبعاثات بحلول نهاية العقد.