لبنان
04 تشرين الثاني 2020, 11:20

ما الأسلوب الصّحيح لتكريم القدّيسين؟

تيلي لوميار/ نورسات
في عيد جميع القدّيسين، كتب الخوري أنطوان القزّي مقالاً أوضح فيه الأسلوب الصّحيح لتكريم القدّيسين، فكتب نقلاً عن موقع أبرشيّة أنطلياس المارونيّة:

"إنّ الشّريعة الّتي كانت بمثابة عهدٍ بين الله وشعبه في العهد القديم، تحوّلت مع العهد الجديد، فاتّخذ الله له صورةً بفعل تجسّده، وصار بشرًا بيننا. بفعل التّجسّد هذا، صار بإمكاني أن أصنع صورةً لما رأيته في الله المتجسّد، مع علمنا "أنّ تكريم الصّورة يرتقي إلى الأصل، أيّ الله" (مجمع نيقيا الثّاني).

فهل يُكرَّم القدّيسون؟ هذا ما سأحاول الإجابة عنه وإن بصورةٍ مقتضبة.

إستنادًا إلى التّقليد، يميّز علم اللاّهوت بين فِعلَين: العبادة proskynesis والتّكريم latreia وفعل التّكريم هذا يجوز للمخلوقات كما للأهل "أكرم أباك وأمّك" (خر 20/ 12). هذا التّحديد دفع بالكنيسة الأولى إلى القول بأنّه يجب أن نُكرّم القدّيسين كما نُكرّم إخوتنا بالمسيح، لأنّهم صورة المسيح. يأتي إلى بالي مثَلان:

المثل الأوّل يتمثّل بلقاء مريم العذراء بأليصابات. ماذا جرى حينها؟ عندما مدحت أليصابات مريم، عظّمَت مريم الرّبّ، لم تحتفظ بشيءٍ لذاتها.

المثل الثّاني يأتي من سيرة القدّيس فرنسيس. ففي إحدى لقاءاته مع حشدٍ من المؤمنين، بدأ النّاس يمدحون فرنسيس ويقبّلون يدَيه ورجلَيه حتّى، ولمرّةٍ لم يقل فرنسيس شيئًا بل قَبِلَ كلّ شيء بصمت. وفي طريق العودة، سأله الأخ الّذي تشكّك من تصرّف القدّيس، فأجابه "الفقير": بينما كانوا يمدحونني ويكرّمونني ولَجت في قلبي في وقفة صلاةٍ ورفعت كلّ شيءٍ إلى الرّبّ، لأنّ كلّ ما فيَّ من خيرٍ هو منه. وعليه، فمن خلال تكريمنا للقدّيسين، نحن نُكرّم ونعبد الربّ مصدر كلّ خير.

ما هو الأسلوب الصّحيح في تكريم القدّيسين؟

لا يكون تكريم القدّيسين من خلال "التّعبّد" بالمعنى الحرفيّ للكلمة. لا بل هذا التّعبّد لا يصبّ في مقام نظرتهم وسيرة حياتهم الّتي كانت دومًا تجعل من الله أولويّة. لا يمكن بالتّالي أن يتحوّل القدّيسون إلى عائقٍ أو بديلٍ عن الله، فلا وسيط بيننا وبين الرّبّ غير يسوع وحده! في حين أنّ التّكريم يجوز للقدّيسين لأنّهم يهدوننا إلى طريق الملكوت من خلال شهادتهم وسيرة حياتهم. والتّكريم هذا يكون من خلال الاقتداء بحياتهم، وبشكلٍ خاصّ بمحبّتهم للرّبّ وللإخوة من جهة أولى، والصّلاة معهم من جهة ثانية، بمعنى أن نكون بشركةٍ مع أولئك الّذين رغم أنّهم لم يعودوا معنا بشكلٍ منظور، هم معنا أكثر لأنّ حياتهم باتت في الله!".