أوروبا
19 تشرين الأول 2018, 05:50

ما الجديد في زيارة البطريرك يوحنّا العاشر إلى صربيا؟

إلى دير غرتشانيتسا في كوسوفو، حمل بطريرك الرّوم الأرثوذكس يوحنّا العاشر رسالة أنطاكية السّلاميّة، حيث رفع صلاة الشّكر إلى الله في كنيسة العذراء مريم، بمشاركة بطريرك صربيا إيريناوس، والمطران ثيودوسيوس، ومطارنة وكهنة وشمامسة، ورهبان من الجانبين الأنطاكيّ والصّربيّ، ورئيسة الدّير الأمّ ستيفاني والأخوات الرّاهبات، وجمهور كبير من المؤمنين.

 

المطران ثيودوسيوس رحّب بالزّائر وعرض أمامه تاريخ الدّير بإسهاب، وقدّمت بعده الأمّ الرّئيسة أيقونة والدة الإله للبطريرك يوحنّا العاشر الّذي عبّر عن محبّته لمضيفيه، فقال بحسب إعلام البطريركيّة: "إنّها لتعزية كبيرة أن نجد عددًا كبيرًا مِن الشّعب الصّربيّ يعيش في هذه المنطقة رغم الظّروف القاسية، وإنّها لمفخرة كبيرة أن يصمد هذا الشّعب بوجه الرّياح العاتية أيًّا كانت. وهذا ما يدلّ على صمود الشّعب الصربيّ ومحبّته لأرضه". وجدّد دعوته "لكلّ الناس وفي كلّ أصقاع العالم أن نعيش مع بعضنا البعض كأخوة وباحترام ومحبّة كلّ واحد حسب معتقداته".

هذا وقدّم للأمّ ستيفاني علبة مِن صنع أنطاكيّ دمشقيّ توضع فيها ذخائر القدّيسين، كانت بعدها جولة في أرجاء الدّير.

ثمّ واصل البطريرك يوحنّا العاشر زيارته إلى أبرشيّة نيش، إحدى أقدم الأبرشيّات في الكنيسة الأرثوذكسيّة الصّربيّة، والّتي قضى فيها البطريرك إيريناوس 36 عامًا مِن الخدمة اللّيتورجيّة. وكان في استقبال الوفد راعي الأبرشيّة المطران أرثانيوس وفعاليّات مقاطعة نيش وأساقفة وكهنة ورهبان، وجمهور المؤمنين.

وفي كنيسة الرّوح القدس، ألقى المطران أرثانيوس كلمة ترحيبيّة بعد الصّلاة قال فيها: "بفرحة عامرة، بكلّ شرف واحترام نرحّب بكم مع الوفد المرافق لكم في أبرشيّتنا المحروسة بالله، في مدينة نيش التّاريخيّة، مسقط رأس القدّيس المعادل للرّسل الملك قسطنطين ومقرّ أبرشيّتنا.

ننتظركم يا صاحب الغبطة في هذه الكاتدرائيّة الملوكيّة المقدّسة كنيسة حلول الرّوح القدس على التّلاميذ، والّذي هو رمز الحرّيّة والقيامة الشّاملة لشعبنا الصّربيّ، الّذي بناها شعبنا المؤمن المحبّ عند التّحرير مِن القرون الخمسة للاحتلال العثمانيّ التّركيّ، وهذه السّنة نعيّد الذّكرى الأربعين لتدشينها العظيم.

فرحتنا مميّزة وخاصّة، فهي الزّيارة الأوّلى الّتي يقوم بها بطريرك القدّيس لمدينتنا نيش وأبرشيّتنا، حاملًا لنا بركة الكنيسة الأنطاكيّة التّاريخيّة، والّتي أسسها القدّيسان الرّسولان بطرس وبولس، والّتي دعي بها تلاميذ المسيح أوّلًا بمسيحيّين.

لقد حملتم معكم يا صاحب الغبطة بركات القدّيس الرّسول برنابا، القدّيس يوحنّا الذّهبيّ الفمّ، القدّيس إغناطيوس حامل الإله، والآباء الأبرار المتوشّحين بالله أفرام وإسحق السّوريّين، والقدّيسين سمعان العموديّ ويوحنّا الدمشقيّ.

إن ما يربط بين شعبينا وكنيستينا منذ قرون هي أيقونة والدة الإله الأيدي الثّلاث، والّتي أمامها شفي القدّيس يوحنّا الدمشقيّ، مضافًا إليها اليد الثّالثة عربون شكر، والّتي حملها القدّيس سابا الأوّل رئيس الأساقفة لصربيا إلى دير خيلاندار في الجبل المقدّس. والّتي هي على وجه التّحديد الأيقونة الأكثر احترامًا وتقديرًا عند الشّعب الصّربيّ، الّتي يرفع لها شعبنا الصّلوات ويطلبون البركة والطّمأنينة في هموم هذه الحياة وتجاربها.

"نصلي أمام هذه الأيقونة كي يعطي الرّبّ السّلام والاستقرار للشّعب المتألّم في سوريا، وكذلك لشعبنا المضطهد في كوسوفو وميتوهيا. وأودّ أن أذكر في الختام أيضًا أنّ العلاقة الرّوحيّة القويّة بين البطريركيّة الأنطاكيّة، وأبرشيّة نيش تتمثّل بوجود القدّيس العظيم بالشّهداء بروكوبيوس، حيث رفاته اليوم موجودة في مدينة بروكوبيا منذ عدّة قرون، وهو يعتبر مِن أحد شفعاء هذه الأبرشيّة."

في الختام، قدّم المطران أرثانيوس للبطريرك يوحنّا أيقونة شفيعة الأبرشيّة وحاميتها القدّيسين الملك قسطنطين والملكة هيلانة.

وكان بعدها ردّ من البطريرك الأنطاكيّ فقال: "إنّه لفرح كبير أن نكون وإيّاكم في هذه الكنيسة الّتي تحمل اسم الرّوح القدس أيّ العنصرة، وفرح كبير أن نكون ههنا، ونحن نحمل في قلوبنا محبّة أبناء الكنيسة الأنطاكيّة تجاه قداستكم وتجاه شعبكم المحبوب.

إنّ كنيسة القدّيس وصربيا تعانقتا في صربيا لاسيّما أنّ الكثير من الرّوابط تجمعنا وخصوصًا إيماننا الأرثوذكسيّ الواحد.

وعندما دخلنا إلى الكنيسة على وقع طروباريّة العنصرة التي أنشدها الجوق فشعرنا أنّنا في كنيسة القدّيس، لأنّنا نرتّلها بالكلمات نفسها وباللّحن نفسه.

وأمّا أيقونة العذراء مريم ذات الأيدي الثّلاث والتي يكرّمها الشّعب الصربيّ فنحن أيضًا لدينا في كنيسة القدّيس أيقونة القدّيس يوحنّا الدّمشقيّ والعذراء مريم ذات الأيدي الثّلاث.

عندما نتكلّم عن كنيسة نيش التّاريخيّة، فإذ بنا نتحدّث عن الكنيسة الحيّة، وهذا الشّعب الطّيّب صغارًا وكبارًا، وهذه الطّيبة قد بدت ظاهرة على وجوهكم، أنتم الشّعب المؤمن منذ أن وصلنا وقدّمتم لنا الخبز المبارك بحسب عاداتنا.

فالكنيسة هي أنتم شعب الله وشجرة الحياة هي المسيح يسوع، ونحن كلّنا أغصان في شجرة الحياة.

ونصلّي للرّب كي يحميكم ويحمي هذه الأبرشيّة الّتي خدم فيها قداسة البطريرك أيريناوس مدة 36 عامًا، وجاهد فيها الجهاد الحسن".

كما نقل البطريرك يوحنّا العاشر وجع الكنيسة الأنطاكيّة وشعبها بخاصّة في سوريا، "فنحن كنيسة جريحة تهجّر وخُطِفَ منها الكثيرون، وعلى رأسهم مطراني حلب بولس يازجي ويوحنّا إبراهيم، ولكنّنا وبالرّغم مِن كلّ هذه الغمامة السّوداء، سنبقى ثابتين في ديارنا حيث شاء الرّبّ أن نولد ونعيش".

بعد ذلك، قدّم لمطران الأبرشيّة أرثانيوس عصا الرّعاية مِن صنع دمشقيّ. ثمّ كان عرض فولكلوريّ من شبّان وشابّات الأبرشيّة.