أميركا
29 كانون الثاني 2019, 14:29

ما المواضيع التي ناقشها البابا فرنسيس على متن الطّائرة التي أقلّته من باناما إلى روما؟

في ختام زيارته الرّسوليّة إلى باناما لمناسبة اليوم العالميّ للشّباب، عقد البابا فرنسيس أمس الاثنين مؤتمرًا صحفيًّا على متن الطّائرة التي أقلّته إلى روما، تحدّث خلاله عن رسالته في هذا اليوم، وردَّ على أسئلة الصّحفيّين التي تناولت مواضيع عدّة بحسب "فاتيكان نيوز".

 

ففيما يتعلّق برسالته في باناما وتأثيرها عليه، قال البابا: "إنّ رسالتي في اليوم العالميّ للشّباب هي رسالة بطرس، أيّ التّثبيت في الإيمان وليس من خلال وصايا باردة وإنّما بالسّماح للأشخاص بأن يلمسوا قلبي وبالإجابة على كلِّ ما يحدث هناك. هكذا أعيشه أنا ويصعب عليَّ فهم شخص يتمّم رسالته بالعقل فقط. لكي تُتمم رسالة ما عليك أن تشعر وعندما تشعر تتأثّر، تتأثّر بالحياة وتتأثّر بالمشاكل. إنَّ الرسالة تطالك بالكامل على الدّوام ولذلك أقول دائمًا للشّباب: إفعلوا كلّ ما تريدون فعله في الحياة فيما تسيرون وبلغّات ثلاثة: بلغّة العقل ولغّة القلب ولغّة اليدين، متناغمة فيما بينها. لا أعرف كيف أقدّم لكم تقريرًا عن الرّسالة، أنا أقف أمام الرّبّ وأصلّي وأحيانًا أنام أمامه أيضًا ولكن حاملاً في قلبي جميع الأمور التي عشتها خلال الرّسالة وأسأله أن يثبّت الأشخاص في الإيمان من خلالي. هكذا أسعى لعيش الرّسالة كأب أقدس وهكذا أعيشها."

 

أمّا عن التّربية الجنسيّة في المدارس في أميركا الوسطى، فقال: "أعتقد أنّه ينبغي على المدارس أن تعطي تربية جنسيّة، لأنَّ الجنس عطيّة من الله وليس وحشًا. إنّه عطية من الله لكي نّحب ولكن إن كان هناك من يستعمله ليربح المال ويستغلَّ الآخر فهذه مشكلة أخرى. وبالتّالي ينبغي تقديم تربية جنسيّة موضوعيّة وبدون إيديولوجيّات، ينبغي أن يصار إلى تربية جنسيّة بدون تزمّت وتعنّت، لأنَّ المشكلة هي في المسؤولين عن التّربية إن كان على صعيد دوليّ أو محلّيّ، وقد رأيت مربّين من جميع الأصناف وبالتاّلي هناك أمور تساهم في نضوج الأشخاص وأمور أخرى تسبّب الأذى. وبالتّالي فالأمر المثاليّ هو أن تبدأ هذه التربية في البيت مع الأهل."

 

وعمّا يبعد الشّباب عن الكنيسة، علّق قداسته: "هناك أسباب عديدة، وبعضها شخصيّ أحيانًا، ولكنَّ السّبب عامة هو غياب الشّهادة من قبل المسيحيّين والكهنة والأساقفة. فإن كان الرّاعي يتصرّف كرجل أعمال أو كمجرد منظّم لخطّة راعويّة وإن لم يكن قريبًا من النّاس فهو لا يقدّم شهادة راعٍ. على الرّاعي أن يسير على الدّوام أمام القطيع ليدلّه على الطّريق، وفي وسط القطيع "ليشمَّ" رائحة النّاس ويفهم ما يشعرون به، وعليه أن يكون خلف القطيع ليحرسه. لقد تحدّثت عن الرّعاة ولكن هناك أيضًا مسيحيّين كاثوليك يقدّمون شهادة سيّئة، كاثوليك مرّاؤون يذهبون إلى القدّاس يوم الأحد ولكنّهم يستغلّون موظّفيهم. برأيي هذا ما يبعد النّاس عن الكنيسة أكثر من شيء آخر ولذلك أطلب من العلمانيّين: لا تقل إنّك كاثوليكيّ ما لم تقدّم شهادة صادقة، بل قل لقد تربيتُ تربية كاثوليكيّة ولكن لا تنظروا إليَّ كمثال للحياة المسيحيّة."

 

وعن زواج الكهنة قال البابا فرنسيس: "في الكنيسة الكاثوليكيّة الشّرقيّة يمكن للكهنة أن يتزوّجوا ويمكنهم أن يختاروا البتوليّة أو الزّواج قبل السّيامة الشّماسيّة؛ أمّا فيما يتعلّق بالطّقس اللّاتينيّ تأتي إلى ذهني جملة للقدّيس البابا بولس السّادس: "أفضّل أن أموت قبل أن أغيّر قانون البتوليّة". شخصيًّا أفكّر بأنّ البتوليّة هي عطيّة للكنيسة ولا أوافق بالسّماح للبتوليّة الاختياريّة وبالتّالي فقراري هو لا للبتوليّة الاختياريّة قبل السّيامة الشّماسيّة."

 

وعن موقف الكنيسة حول الإجهاض قال البابا فرنسيس: "إنَّ رسالة الرّحمة هي للجميع، حتّى للطّفل الذي لم يولد، وبالتّالي وبعد هذا الفشل هناك رحمة أيضًا، ولكنّها رحمة صعبة لأنَّ المشكلة لا تكمن في منح المغفرة وإنّما في مرافقة المرأة التي أدركت بأنّها قد أجهضت. إنّها مأساة صعبة عندما تفكّر المرأة بما قد فعلته... وبالتّالي علينا أن نكون في كرسيّ الاعتراف، حيث علينا أن نمنح العزاء والتّعزية للأشخاص ولذلك منحتُ لجميع الكهنة سلطة الحلِّ من خطيئة الإجهاض تحت شعار الرّحمة. وبالتّالي فإنّ المصالحة تكون قد تمّت مع الله، لأنَّ الله يغفر على الدّوام ولكن ينبغي على المرأة أن تتعامل وتتصالح مع ما حصل."

 

وحول تصريح له في باناما عن قربه من شعب فنزويلا وطلبه لحلٍّ عادل وسلميّ، عبّر قائلًا: "أنا أدعم في هذه المرحلة شعب فنزويلا بأسره لأنّه يتألّم، وبالتّالي فإن سلّطت الضّوء على ما يقوله هذا البلد أو ذلك البلد فسأكون قد عبّرت عن شيء لا أعرفه وبالتاّلي سيكون تهوُّرٌ راعويٌّ من قبلي وسأسبّب الأذى. ولذلك فالكلمات التي قلتها هي كلمات قد فكّرت فيها مرارًا وتكرارًا وأعتقد أنني من خلالها قد عبّرت عن قربي وعمّا أشعر به."

 

وفيما يتعلّق بانتظاراته من لقاء شباط/ فبراير في الفاتيكان حول حماية القاصرين قلّق الأب الأقدس: "ولدت فكرة هذا اللّقاء من مجلس الكرادلة التّسعة (C9)  لأننا رأينا أنَّ هناك بعض الأساقفة الذين لم يفهموا جيّدًا هذه الأمور ولم يعرفوا ما بإمكانهم فعله أو إن كانوا يقومون بشيء صالح أم سيّء. لقد شعرنا بمسؤوليّة تقديم تعليم حول هذه المشكلة للمجالس الأسقفيّة أوّلاً للتّوعيّة حول هذه المأساة وحول الضّحايا إذ أنّهم يعيشون آلامًا رهيبة وثانيًا لكي يعرفوا ما ينبغي عليهم فعله وما هي الإجراءات والتّدابير التي عليهم اتخاذها."

وإختتم الحبر الأعظم مؤتمره الصّحافي بالإجابة على سؤال حول سياسات إيطاليا الجديدة المتعلِّقة بالمهاجرين وقال: "لقد سمعت حول ما يحصل في إيطاليا ولكنّني كنت منهمكًا في التّحضير لهذه الزّيارة، وبالتّالي أنا لا أعرف الوضع بدقّة ولكن يمكنني تخيّله. صحيح أنّ المشكلة معقّدة، ولكن نحن بحاجة للذّاكرة، وعلينا أن نسأل أنفسنا إن كانت بلداننا أيضًا مكوّنة من مهاجرين. نحن في الأرجنتين جميعنا مهاجرون، والولايات المتّحدة الأميركية أيضًا، وهناك أسقف قد كتب مقالًا جميلًا جدًّا حول غياب الذّاكرة في هذا الإطار، ومن ثمّ فالكلمات التي استعملها هي استقبال، وقلب مفتوح للاستقبال، مرافقة وتنمية وإدماج؛ أعرف أنّه على الحكومات أن تكون حذرة وبالتّالي فهي معادلة صعبة ولكنّني أريد ان أذكّر أنّ البلدان الأكثر سخاء في استقبال المهاجرين هي إيطاليا واليونان وتركيّا. ولكن ينبغي أن نفكّر بواقعيّة. كذلك هناك أمر آخر وهو أسلوب حلّ مشكلة الهجرة من خلال مساعدة البلدان التي يأتي منها المهاجرون. وفي هذا الإطار وجد مهاجرو الشّرق الأوسط سبلًا أخرى فلبنان قد تميّز بسخائه ويستضيف أكثر من مليون مهاجر سوريّ والأردن أيضًا. لكنَّ موضوع الهجرة هو موضوع معقّد ينبغي أن نتحدّث عنه بدون أحكام مسبقة."