لبنان
09 أيار 2016, 15:50

مطر خلال تكريمه من كهنة رعية مار جرجس الحدت في يوبيله الاسقفي الفضي: لبنان حاجة للمنطقة بأثرها

كرم كهنة رعية مار جرجس الخريبة في الحدت، رئيس أساقفة بيروت المطران بولس مطر في مناسبة يوبيله ألأسقفي الفضي، في مأدبة عشاء أقيمت في مطعم "غاسترنوميك" في كلية العلوم الفندقية في جامعة الحكمة في الأشرفية، في حضور العديد من الشخصيات الروحية والزمنية، كاهن الرعية الخوري بيار ابي صالح ومعاونه الخوري فادي صادر واعضاء لجنة الوقف والمجلس الرعوي في الرعية.

 

 

بداية كلمة ترحيبية من الزميلة الإعلامية باتريسيا صوما بالمحتفى به المطران مطر قالت فيها:" علم من أعلامنا الروحية والوطنية، حمل المسيح في كل كيانه، وجعل من الوطن وناسه ذخيرة في قلبه...متجذر هو في إيمانه، وجه المسيح طبع في وجدانه، ولإجله أحب كل الأوجه...كلماته قبس من نور، تمحو كل يأس وتحيي فينا الأمل بغد مشرق، آت لا محالة، رغم كل ما نراه من حولنا من مشاهد العنف والإرهاب والموت المجاني".

اضافت:" اتخذ من المحبة شعارا لخدمته الأسقفية، شعار يختصر معاني كثيرة في كلمات قليلة، مفعمة بروحانية السيد المسيح".

وتمنت للمطران مطر "سنين مديدة من الخدمة الكهنوتية والأسقفية، مليئة بروح الحكمة والرحمة".

وألقى الخوري فادي صادر كلمة باسم لجنة الوقف قال فيها: "نشكرالله على خمس وعشرين سنة أغنيتم فيهاالكنيسة من خدمتكم وحكمتكم. هي خمس وعشرون سنة من نعم الله عليكم وعلينا وعلى الكنيسة جمعاء، ومعين نغرف منه فنغني الحاضر والمستقبل".

اضاف :"أما اليوم، فنجتمع حول المائدة المبسوطة في بيتكم وعلى شرفكم مع الأصدقاء والعائلة فريق العمل الذي كلفتموه مؤازرتنا رسالتنا في الرعية، عنيت بذلك لجنة الوقف والمجلس الرعوي وكل من يضع من خبرته ووقته وموهبته في خدمة الرعية".

وتابع: "خمس وعشرون سنة امتداد لإحدى وخمسين سنة كهنوت. فكم من السهل عد السنوات أو تلخيصها بيوبيل فضي، ولكن كم يصعب يا صاحب السيادة إحصاء ما تضمنت هذه السنوات من أعمال تعكس حبا كبيرا متجذرا في قلب الله. فهل يمكنكم، وبغفلة من الزمن، تذكر كم من طفل عمدتم وثبتم، وكم من مؤمن أعطيتموه خبز الحياة، وكم من تائه أرشدتموه، ومن تلميذ كنتم مثاله الأعلى، وكم من كاهن رسمتم، وكم من كنائس أعدتم بنيانها، وكم من لجنة ترأستموها سواء أكان على النطاق البطريركي أم على نطاق الكنيسة الجامعة، في عالم جائع إلى كلمة الحياة، في عالم ثقلت عليه الأحمال ولا من معين، في عالم هوى تحت وطأة الخطيئة ولا من يوقظ صوت الضمير، في عالم تفككت فيه أواصر العائلة والمجتمع والوطن، في عالم يحتاج إلى راع يقود عالمنا إلى مراع خصيبة".

وختم: "أدامكم الله يا صاحب السيادة صوتا صارخا في برية هذا العالم، ومنارة تقود الكنيسة نحو بر الأمان ورأسا على أبرشية نفتخر بانتمائنا إليها. فمبروك عليكم يوبيلكم الفضي ولسنين عديدة يا سيد".

وألقت الآنسة مارتا جمهوري كلمة باسم المجلس الرعوي قالت فيها:" كما هو شعاركم"الحقيقة في المحبة"، فأنتم بذلك تجسدون لنا محبة الله بحق، من خلال سهركم الدائم وعنايتكم الأبوية لنا ومن خلال كهنة جاؤوا رعيتنا ليعكسوا لنا تلك المحبة، كشهود لتوجيهاتكم، فجعلوا منا أيضا شهودا للحق بكل محبة".

اضافت: "نحن قبس لرعايا عديدة، تفتخر لانتمائها الكنسي لأبرشية "ست الدنيا"، التي أعطيتموها من روحانيتكم وعلمكم وتوجيهاتكم والتي أثمرت في الكنيسة غنى في الدعوات الأسقفية والكهنوتية. شربت من ينبوعكم حتى الثمالة، فطبعتم في نفوسهم غيرتكم، التي نقلوها لنا من خلال سهرهم الروحي وعنايتهم بنا، في غيرة مصحوبة بالتفاني والانفتاح.
خمسة وعشرون سنة اسقفا في الكنيسة الجامعة وانتم من هذه الأبرشية، فبيروت لكم وأنتم لها... طبعتم تاريخها الكنسي والوطني، برونق مواقفكم وأضفتم على تراثنا المشرقي, نبعا نستقي منه كل ما ضاقت بنا الدنيا و صغرت أمامنا مسحات الأمل".

وختمت:" إنها مناسبة يوبيلية مباركة، نغتنمها فرصة لشكر الرب، على حضوركم الأبوي لسنين قضيتموها في الكد والسهر على أبنائكم، في هذه الأبرشية الحبيبة بالرغم من الصعوبات التي مررنا بها على مستوى الوطن. عنايتكم الأبوية التي سهرتم بها علينا، بنفس وغيرة لا تقاس بالسنين، تجعل منا نشيد شكر في سنة الرحمة هذه، لشخصكم ولحضوركم الدائم معنا ولنا. هذا النشيد هو صلاة قلبية نرفعها للرب، على ما أغدق به علينا، من خلالكم، سائلين الله أن يحفظكم لنا ولأبرشيتنا، سندا أبويا لسنين عديدة، مكللة بالرحمة والخدمة والعطاء الدائم، في سبيل الخراف التي تبادلكم، بالحقيقة، كل المحبة والتقدير".

كلمة الختام كانت للمحتفى به المطران مطر، شكر فيها أصحاب المبادرة للاحتفال بيوبيله الأسقفي، كاهن رعية مار جرجس في الحدت الخوري بيار ابي صالح ومعاونه الخوري فادي صادر والمشاركين في هذا وقال: "أولا نفرح بالرب ولو كان هذا الفرح منغصا اليوم، بدموع الثكالى في حلب. أرسل إلي كهنة موارنة يقيمون في حلب صورا عن المدينة تحترق وهم يستغيثون. كيف نفرح وهم يموتون هناك؟ نفرح بالإيمان بربنا. وقلت له أننا تكلمنا عن حلب وما يحصل فيها مع الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، عندما رافقت صاحب الغبطة والنيافة، الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي إلى قصر الصنوبر. صلاتنا نرفعها من أجل أهل حلب، لذلك نحن نفرح بالإيمان، فيما نشارك أهلنا وأصدقاءنا في لبنان وكل الشرق، مآسيهم. ولكننا نشارك بهذه المآسي بالرجاء المسيحي، لان المسيح هو المنتصر، ومحبته هي الأقوى، وأن العالم قد خلص بدم الأبن الكريم. الخلاص موجود، يبقى أن نلتزم نحن بصنع هذا الخلاص، كل بدوره وكل في مكانه، حتى يساعدنا الرب ونساعده نحن لتحقيق هذا الخلاص في هذا التاريخ، وصولا إلى غايته ونهايته السعيدة".

اضاف: "أنا أشكر بخاصة رعية مار جرجس الحدت، لأنها كانت السباقة والأولى في إحياء هذا اليوبيل. شكرا لك أبونا بيار وأبونا فادي. أنا رسمت أسقفا في الثالث من شهر آب منذ 25 سنة، وسنحتفل باليوبيل الفضي لسيامتي الأسقفية في منتصف شهر تموز المقبل. وستكون فرصة لنتذكر وأتذكر معكم، 51 سنة من الكهنوت. لقد أنعم علي الرب بنعم كثيرة. أرجو أن أكون لبيت نداءاته وقمت بواجبي، وإن كنت مقصرا فصلاتكم، هي تساعدني وتنجدني. وهنا يجب أن أصارحكم بأنني مسرور بخاصة لأن الحدت والمريجة لهما موقع خاص في حياتي. أن ابن الناعمة وهناك ولدت، لكن جدتي لأبي هي من آل سعادة من المريجة، وأمضيت بعض طفولتي هناك، وأذكر هذه البلدة العزيزة الحبيبة التي، عندما صرت كاهنا عينت راعيا لها على مدة سنة. أول خدمة راعوية كهنوتية كانت لي في المريجة وكنت أحتفل بثلاثة قداسات كل أحد. لذلك أذكر المريجة ذكرا خاصا. والحدت أذكرها لأنني دخلت إلى المدرسة الإكليريكي بمساعدة المونسنيور فرنسيس مطر، الذي بنى كنيسة السيدة في الحدت. لذلك أشعر في هذا المساء أني بين أهلي وأقراني وأصدقائي وهذه نعمة من الله، والفضل بذلك يعود إلى الخوري بيار العزيز. أشكر من صميم قلبي هذه الرعية المباركة، كهنة ولجنة وقف ومجلس رعوي وجوقة وحركات رسولية ووجوه الرعية الشابة، ونشكر الله عليكم جميعا".

وتابع: "عندما نصير في رحلة العمر في هذا المسار، لا نذكر فقط ما مر، بل نصلي من أجل المستقبل ايضا، مستقبل، يجب أن نراه زاهرا، على الرغم من كل شيء. نحن في لبنان، ككنيسة واجهنا مصاعب كبيرة في القرون الوسطى وفي الأزمنة الحديثة، وكلها كانت قاسية علينا، وأخرجنا الرب منها، فلماذا لا يكمل في المستقبل؟ ونقول للعالم كله، إن لبنان هو حاجة للمنطقة بأثرها.العيش المشترك الذي نحياه في لبنان، يجب أن يكون مثالا لسوريا المستقبل والعراق المستقبل ولخليج المستقبل ولأفريقيا الشمالية المستقبل، لذلك أثبتوا على الرجاء". 

واردف: "لبنان حجر زاوية رذله البناؤون وصار رأسا للزاوية، مثل الرب يسوع المسيح. يجب أن نؤمن بوطننا ونعمل من أجله، ومن أجل النظافة فيه ومن أجل الخدمة المجانية فيه، وهذا لا يمكن أن يصير إلا بالحب، سواء في المدارس أم في الرعايا. لا مجال لعمل أي شيء إيجابي، إلا بالحب".

وختم:" ليوفقكم الرب في بناء الرعية بناء صالحا مرصوصا، وتكونوا قدوة للرعايا كلها. كلنا في الرعايا حلقات في الأبرشية وخلايا لجسم واحد، الجسم الأبرشي.أطلب منكم أن تصلوا من أجل المطران ليكون راعيا صالحا، باسم يسوع المسيح، وأشكر صلواتكم كلها، وفقكم الله وإلى يوبيلات لا لي، بل للكهنة والراهبات الحاضرين. ومن لم نوفهم حقهم من الأرض سنذكرهم من السماء".