لبنان
31 آب 2018, 09:35

مطر في عيد مار أغسطينس: عدم اليأس من الخلاص فمهما أربدت السّماء واسودّت تبقى زرقتها لامعة ولو خلف تلك الغيوم

لمناسبة عيد مار أغسطينس، ترأّس رئيس أساقفة بيروت للموارنة المطران بولس مطر قدّاسًا احتفاليًّا في كنيسة القدّيس في كفرا - بيت مري، عاونه فيه كاهن الرّعية الخوري شربل مسعد والخوري جورج رحمه، بحضور فاعليّات سياسية واجتماعيّة وحشد من المؤمنين بحسب ما أوردت الوكالة الوطنيّة للإعلام. وبعد الإنجيل المقدّس، ألقى مطر عظة جاء فيها:

 

"أيّها الأحبّاء، بعد التّرحيب بكم والفرح بحضوركم في هذا العيد المبارك، لا بدّ أن نذكر شيئًا من مآثر شفيعكم العظيم، وهو واحد من آباء الكنيسة الغربيّة من العصر القرن الرّابع بعد المسيح، وقد كان أحد أهم شرّاح الكتاب المقدّس والعقائد المسيحيّة إلى جانب آباء آخرين غربيّين وشرقيّين، نذكر منهم على سبيل المثال، مار توما الأكوينيّ، القدّيس أمبروسيوس، يوحنّا فم الذّهب، أفرام السّريانيّ، باسيليوس الإسكندريّ وغيرهم كثر. أمّا الميزة التي نقف أمامها معتبرين أنّ الله قادر على التّدخل في حياة الإنسان بجعلها كما يشاؤها هو، وليس كما تشاؤها الظّروف، أو حتّى الأشخاص، من دون المساس بحرّيّة الإنسان، فهي سيرة حياة هذا القدّيس العظيم الذي بدأ أيّامه بالطّيش وأنهاها بالقداسة، وقد كان لأمّه القدّيسة مونيكا الفضل الأوّل في اهتدائه بالصّلاة والدّموع.
إنّها لعبرة نأخذها نحن ونستقوي أمام فظاعة الخطأ الذي نقع فيه، ويبقى الرّجاء بالخلاص من واقع أسود أليم لامعًا في سماء حياتنا، لأنّ الله وعدنا بأنّه لو كانت خطايانا حمراء كالقرمز، فهو يبيّضها كالثّلج، ذاك أنّ سرّ الفداء الذي وهبنا الخلاص بالمسيح نقلنا من البنوّة لآدم الذي أفسد طبعنا بالخطيئة، إلى البنوّة لله الآب الذي غسل خطايانا بدم المسيح الفادي وأعادنا إلى البرارة التي من واجبنا أن نحافظ عليها بالقول والفعل وعدم الإهمال، وهذا ما فعله القدّيس أغسطينس شفيعكم بعدما اهتدى وتعمّد على يد القدّيس أمبروسيوس أسقف ميلانو الذي قال حين رأى دموع أمّ القدّيس: "إنّ أمًّا تصلّي بهذه الحرارة وتغسل خدّيها بدموع الإيمان لا خوف على ابنها من ألّا يغتسل بدموع التّوبة".

أيّها الأحبّاء، نتعلّم من سيرة هذا القدّيس أمرين أساسيّين: أوّلهما، مفاعيل الصّلاة من أجل الآخرين، وأنتنّ أيّتها الأمّهات حين تشكين من أبنائكنّ فالواجب أن تصلّين لهم لأنّ صلاة الأمّ المؤمنة لا بدّ أن تستجاب عند أمّنا جميعًا مريم العذراء التي تشفع بنا أمام الله، والأمر الثّاني هو عدم اليأس من الخلاص، فمهما أربدت السّماء واسودّت، تبقى زرقتها لامعة ولو خلف تلك الغيوم. وكلّنا يقين أنّ ما يصحّ على الفرد من النّاس يصحّ كذلك على بنيان الأوطان إذا ما اتّكلنا على الله في مثل هذه المسائل الكبيرة لأنّه عبثًا يبني البنّاؤون إن لم يبن الرّبّ البيت".